الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

دور التعبئه في منع تسريب العقارات

نشر بتاريخ: 03/09/2018 ( آخر تحديث: 03/09/2018 الساعة: 12:05 )

الكاتب: هبة بيضون

بت أسمع مؤخراً الكثير عن تسريب العقارات والأراضي في فلسطين إلى المستوطنين، خاصة في القدس العاصمه الأبديه لفلسطين وبالأخص في بلدة سلوان، وذلك عبر منظمات إستيطانيه متخصصه في شراء العقارات وأهمها إلعاد وعطيرت كهونيم، أو عبر سماسره من القدس أو من فلسطين التاريخيه، حيث يقوم هؤلاء بشراء الأراضي أو العقارات من مالكيها، ومن ثم يبيعونها إلى المستوطنين ليضعوا يدهم عليها بحماية القانون.
إن هذه القضيه ليست جديده، وإنما قديمه بقدم الإحتلال واغتصاب الوطن، وتطورت أساليب الإستيلاء عبر الزمن، فبعد أن كان الإستيلاء على العقارات يتم مباشرة من قبل المستوطنين في الثمانينات بحجة إسترجاع أملاك كانت لهم في العشرينات والثلاثينات ، تطورت بعد ذلك في الثمانينات باستخدام قانون حارس أملاك الغائبين الذي أقرته الكنيست عام 1950 ومن ثم وضع اليد على العقار، إلى أن وصلت في أيامنا هذه إلى تسريب العقارات من خلال السماسره.
عادة ، من يتجرأ على تسريب الأراضي والعقارات هم أشخاص يحملون جنسيات دول أخرى (أجنبيه)، وعادة، هم يقطنون خارج الوطن ،وذلك لأنهم يعتمدون على حقيقة أنهم مواطنو دوله أجنبيه ولا يمكن محاسبتهم أو ملاحقتهم قانونياً، فإما أن يقوموا بعملية البيع وهم خارج الوطن، أو أنهم يقوموا بزيارة إلى الوطن لإتمام الصفقه ويخرجون منه مباشره قبل أن ينفضح الأمر، ولكن الشرك الذي يقع فيه هؤلاء (تجار الأوطان) هو أنهم يقبضون دفعة من المبلغ الخيالي الذي يعرض عليهم، على أن يستلموا ما تبقى على دفعات لاحقاً ،وتكون الدفعة الثانيه أو الدفعات اللاحقه مشروطه، فما أن يتحقق الشرط حتى يتم خداعهم من قبل المنظمه الإستيطانيه بعدم دفع بقية المبلغ المتفق عليه، وعندما يطالبون به، تكون الإجابه بأنهم لن يدفعوا لهم ويطلبوا منهم تقديم شكوى ضدهم إلى السلطات المعنيه، وهنا بالطبع يقع البائع بالفخ، لأن الشكوى تعني فضح البائع نفسه، فيضطر أن يسكت وأن يكتفي بما تم دفعه.
لا أقول إن هذا هو الحال دائماً، فقد علمت أن البعض يستلم كامل المبلغ مباشره، وهنا أخمن بأن سياسة الدفعات تعتمد على توفر شرط ما، أي أن الوضع يعتمد على الحاله.
والملاحظ هو أن نسبه لا بأس بها ممن يسربون العقارات والأراضي هم من الجيل الجديد، وهذا يدل على أن هذا الجيل غير مرتبط إرتباطاً وثيقاً بالأرض التي هي أساس قضيتنا الفلسطينيه، وأن هذا الجيل لا يعي قيمة الأرض ولا قيمة الوطن ولا يأبه لتسريب الأراضي والعقارات لأي كان، طالما أن الثمن الذي سيقبضه مغري، وهنا أقول خجله، بأن هذا يدعم مقولة جولدا مائير بأن الكبار يموتون والصغار ينسون، وهذا ما نحاول دائماً دحضه وإثبات عكسه كشعب فلسطيني في الوطن والشتات، وهذا ما أثبته الكثير من الأجيال الصاعده في مقاومتهم للإحتلال بكافة الطرق والوسائل.
ولو بحثنا أساس المشكله، لوجدنا أن المشكله تبدأ من التربيه الوطنيه في البيت، وهنا أخص المغتربين بالذات، وذلك لأن اهلنا في الوطن يعيشون معاناة الإحتلال يوماً بيوم ويدركون أهمية الأرض والمحافظة عليها منذ الصغر، فكيف لا وقد ولدوا من رحم المعاناه ورضعوا حليب الوطنيه والتمسك بالأرض، فواجب الأهل في الشتات سواء كانوا لاجئين أو نازحين او غيره، أن يفهموا أولادهم منذ الصغر ويشرحوا لهم أساس قضيتنا وأن الأرض هي الأساس وأن المحافظه على أي شبر وذرة تراب في الوطن واجب وطني وأن التفريط بأي شبر أو ذرة تراب يعد تفريطاً بالحقوق الوطنيه بل ويعد خيانة كبرى.
ولا تقتصر مسؤولية التعبئه والتربية الوطنيه وبيان أهمية التمسك بالأرض على البيت وحده ، على الرغم من إنطلاقها منه، ولكن على مؤسساتنا المعنيه مسؤولية التعبئه والتوعيه والتثقيف لأهلنا وأبنائنا في الشتات ، فتسريب العقارات لم يكن ليكون في هذا الزخم لو أن هناك تعبئه وطنيه ممنهجه ومستمره لجميع الفلسطينيين أينما تواجدوا، وإنما غياب من يجب عليهم القيام بهذا الدور، يؤدي إلى النسيان والإستهتار بالأمور، لدرجة أن لا يصبح للأرض قيمة تذكر غير القيمة المالية لها.
إن غياب دور مؤسساتنا المعنيه في التعبئه والتوعيه الوطنيه وتثقيف الأجيال الناشئه في الشتات، أدى إلى استغلال إسرائيل للوضع ، وتركيز وتكثيف هجمتهم الممنهجه نحو تسهيل وتيسير عمليات بيع الأراضي والعقارات في الوطن بشكل عام، وفي القدس وسلوان بشكل خاص، وذلك لتحقيق عدة أهداف منها: تهريب المستثمر الفلسطيني، حيث أن كل عقار أو كل أرض يتم تسريبها تخسر فرصة إقامة مشروع إستثماري عليها من قبل أي مستثمر فلسطيني، ومن أهدافهم أيضاً هو تقويض حق العوده والتعويض، حيث أن تسريب العقارات والأراضي المستمر سوف لن يبقي أي من الأراضي والعقارات للفلسطينيين، مما يجعل إمكانية عودتهم غير ممكنه بل مستحيله.
وهنا أختم بالقول إن على مؤسستنا / مؤسساتنا المعنيه بتعبئة الجماهير في الشتات، أن تضع البرامج التعبويه التثقيفيه اللازمه لتغطي كافة أرجاء التواجد الفلسطيني في جميع أنحاء العالم، وان يتم العمل على الجاليات ليشعروا أنهم جزءا لا يتجزأ من الوطن وأن دورهم لا يقل أهميه من أهلنا داخل الوطن في المحافظة على الأرض والعقار وعلى هويتنا الوطنيه، وليكونوا حصناً منيعاً أمام الإسرائيليين في مقاومة تثبيت الأراضي لصالح إسرائيل من خلال البيع والشراء.