السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

سيناريوهات طرحها السنوار حول مستقبل قطاع غزة

نشر بتاريخ: 09/02/2019 ( آخر تحديث: 09/02/2019 الساعة: 17:29 )

الكاتب: عمران الخطيب

من المؤسف أن تخرج هذه الطروحات من المسؤول الأول لحركة حماس يحيي السنوار وأن يتم تناقلها في الصحف العبرية.
لقد كنت ممن تفاءل عندما تولى السنوار مسؤولية حركة حماس في قطاع غزة، وذلك للعديد من الأسباب، أهمها هي أن من يتولى رئاسة حماس هو أحد الأخوة من الأسرى المحررين من سجون الإحتلال الإسرائيلي، وأنا أعتز بأسرانا البواسل بسبب الإنحياز الطبيعي لهم للوحدة الوطنية الفلسطينية، وهذا ما يمتاز به الأسرى بشكل عام في سجون الإحتلال الإسرائيلي العنصري.
وانا أكتب هذه السطور أتحسس معصمي، والذي حتى يومنا هذا ما تزال علامات المعاصم البلاستيكية على يدي، وعايشت فترة الإعتقال والأسر في سجون الإحتلال الإسرائيلي، وكانت عوامل السجن والإعتقالات والمعاناة اليومية تفرض نفسها على أن نكون وحدويين لكوننا جميعاً نعيش ذات الألم والقهر وظلم الإحتلال الإسرائيلي، وكنا جميعاً ندرك كم هو هذا العدو الإسرائيلي ماكر ويستخدم جميع الوسائل في تفتيت وحدة الأسرى لكونهم هم من يصنعون الوحدة الوطنية الفلسطينية، فكما يصنعونها في داخل السجون والمعتقلات، فإنهم يصنعونها كذلك حين يتم تحريرهم من السجون.
وكما يدرك الجميع أن وثيقة الأسرى، والتي تم فيها وضع بداية خارطة الطريق للوحدة الوطنية الفلسطينية، كانت وثيقة وطنية من أسرانا البواسل، والتي عرفت بعد ذلك وثيقة الوفاق الوطني، هذا الجانب الأول.
وقد زادني تفاؤل حين توليتَ منصب المسؤول الأول لحركة حماس في قطاع غزة، وقد أثراني موقفكم حين أخذتم قراركم الصائب في ضرورة إنهاء الإنقسام الفلسطيني والوحدة الوطنية، وقد واجهتَ العديد من قيادات حماس ممن كان يطلق شعارات وتصريحات من أجل إفشال إنهاء الإنقسام الفلسطيني، حيث أن من هم داخل حماس قد تعايش مع الإنقسام الفلسطيني، وأصبح إنهاء الإنقسام سيفقدهم العديد من الفوائد والإمتيازات الشخصيه.. وهذا ايضاً ينطبق على العديد ممن التحق في مؤسسات السلطة الفلسطينية في رام الله بعد أن غابت قوائم العديد من المناضلين وحل مكانهم شريحة الموظفين في الصفوف الأولى في المواقع السياسية.
قناعتي الراسخة هي أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" هو أكثر القيادات الفلسطينية حرصاً على إنجاز المصالحة الوطنية وإنهاء الإنقسام الفلسطيني، وذلك للعديد من الأسباب الجوهرية، أهمها: أن المعركة السياسية في الوصول إلى نيل الحقوق الوطنية والتاريخية لشعبنا الفلسطيني في ظل الوقائع والتحديات وانحياز الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب "إسرائيل" إضافة إلى العديد من دول العالم واختلال ميزان القوى ومصالحها وارتباطها مع القوى الإمبريالية الإستعمارية، يجعل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأكثر تمسكاً في إنهاء الإنقسام والمصالحة الوطنية، بل هو يؤمن، وبغض النظر عن الخلافات السياسية، أن وجود حماس وشركائهم في المسار السياسي ضرورة أساسية، وقد بذل جهداً في إقناع الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي على أن حماس هي جزء من المكونات السياسية والوطنية لشعبنا الفلسطيني، ورفض الإنتخابات التشريعية بدون حماس، وبذات الوقت رفض بشكل قاطع أن ينقلب على نتائج الإنتخابات، وهو مؤمن بتداول السلطة والشراكة السياسية حتى هذه اللحظة...
وأنا على يقين أن قوى الشد العكسي في رام الله وقطاع غزة تعمل بكل الوسائل دون تحقيق الأهداف المنشودة وإنهاء الإنقسام الفلسطيني، وهذا ينسجم مع أهداف صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية وهويتنا الوطنية، لذلك فإن المندوب السامي القطري والدور الوظيفي للعديد من الدول الأخرى باستثناء مصر والتي يتم ممارسة الضغوط الدولية عليها والمتمثلة في الإرهاب والأمن القومي الشامل لمصر. وهذه المحطات التي أشرت إليها تقودنا إلى الإخفاقات والتراجع للأخ المجاهد يحيي السنوار، حيث ظهرت في العديد من القضايا والتصريحات الإعلامية وخاصة خلال لقائه مع ممثلي الهيئات الدولية، حيث طرح السنوار ثلاثة سيناريوهات حول مستقبل قطاع غزة:

السيناريو الأول يتمثل في أن يتحمل الرئيس محمود عباس المسؤولية عن قطاع غزة، لكن السنوار أعطى لنفسه الجواب حيث قال في ظل وضعه الحالي لا يوجد لدى عباس أي استعداد أو قدرة على القيام بذلك.

أما السيناريو الثاني الذي طرحه السنوار هو نقل السيطرة على قطاع غزة إلى الأمم المتحدة أو مصر، ليحاول هؤلاء دعم القطاع من خلال مواردهم وجهات المعونة الخاصة بهم.

أما السيناريو الثالث والأقل رغبة لدى السنوار، فهو أن تخرج حماس لمحاربة إسرائيل، وفي النهاية ستسيطر قوة دولية على قطاع غزة، وتحاول بناء قيادات مقبولة لحماس وللسلطة الفلسطينية.

أنا لا أعتقد أن هذه مجرد سيناريوهات طرحها السنوار بقدر ما هي خارطة طريق يتم الإعداد لها والعمل الدؤوب على تنفيذها في قطاع غزة والضفة الغربية بعد غياب وتغييب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حيث يتمسك في تنفيذ الشق الذي يتوجب تنفيذه من قبل "إسرائيل" وفقاً لإتفاق أوسلو والرباعية الدولية
وكذلك القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة.

لا يستطيع أحد أن يتنكر للإتفاقيات والقرارات الدولية والمكتسبات والإنجازات السياسية التي حققها الرئيس أبو مازن منذ توليه السلطة الفلسطينية على الصعيدين الدولي والأمم المتحدة، وبغض النظر عن من يتفق ومن يختلف حول البرنامج والرؤية السياسية التي تحاول وتعمل "إسرائيل" على عدم تنفيذها في ظل الدعم الأمريكي ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس وصفقة القرن التي يتم تنفيذها خطوة تلو خطوة، ومن المؤسف أن يتم طرح هذه السيناريوهات من قبل شخصية نضالية أمضى سنوات من عمره في سجون الإحتلال الإسرائيلي، وأنا أسير سابق وأدرك معنى المشروع الصهيوني العنصري الإستعماري. إن هذا العدو لا عهد له وإن أدرك المعادلة الدولية وميزان القوى المعادية لشعبنا الفلسطيني، وأن الحل الوحيد يتمثل في وحدتنا الوطنية الفلسطينية، هذا هو السيناريو الجامع الذي يتطلب العمل الدؤوب لتنفيذه وبغض النظر عن كل الخلافات والأجندات المشبوهه.

شهدائنا، أسرانا البواسل، جرحانا
هم مصدر وحدتنا الوطنية المنشودة

عمران الخطيب
[email protected]