الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الثابت والمتغير في معضلة الانقسام

نشر بتاريخ: 15/05/2019 ( آخر تحديث: 15/05/2019 الساعة: 11:04 )

الكاتب: ناصر دمج

بعد سيطرة حركة حماس العسكرية على قطاع غزة في شهر حزيران 2007م، دشن في التاريخ الفلسطيني الحديث ما سيعرف لاحقاً بــ (الانقسام الفلسطيني الفلسطيني)، أو إنفصال الضفة عن غزة، ولأن هذه المشكلة الحقت ضرراً بالغاً بالقضية الفلسطينية حاولت الكثير من الأطراف الفلسطينية والدول العربية كجمهورية مصر العربية، والجمهورية اليمنية والعربية السعودية ودولة قطر تسوية هذا الخلاف، إلا أن تلك المساعي كان مصيرها الفشل؛ وبقي الانقسام على حاله، لكن جهود الفعاليات الوطنية الفلسطينية الداخلية لم تتوقف وتراوحت بين إطلاق المبادرات إلى تنظيم ورش العمل وعقد حلقات التفكير والنقاش سعياً وراء إيجاد حل إبداعي للمشكلة، ومن هذه الخلفية نشأت فكرة البحث وهي بعنوان (الثابت والمتغير في معضلة الانقسام الفلسطيني الفلسطيني) عن إجابة للسؤال الرئيس للبحث وهو: متى سيتم انهاء الانقسام وبأي السبل؟ في ضوء فشل المساعي المتواصلة لعقد راية الصلح بين حركتي (فتح وحماس)، بما فيها المسيرات الجماهيرية الوديعة التي طالبت قيادتي الحركتين بإنهاء خلافاتهما.

وبسبب فشل المساعي المشار إليها رأى البحث بأن عقد راية الصلح بين (فتح وحماس) لربما أصبح بحاجة لوسائل وطرق غير تقليدية لتحقيقها، ووجدت بأن مراجعة مفهوم الوحدة الوطنية، هو بداية الطريق للعثور على تلك الوسائل، وتوصلت إلى نتيجة مفادها بأن الجمهور الفلسطيني مدعو لتقدم الصفوف، ومباشرة الضغط غير المسبوق على القوى المتخاصمة في الساحة الفلسطينية، نظراً لمحورية دورها كمجسد أول للوحدة الوطنية على الأرض، ومتضرر وحيد من غيابها، كما توصل البحث إلى نتيجة محورية أخرى وهي أن هناك فروق جوهرية بين مفهومي (وحدة فصائل العمل الوطني الفلسطيني) و (وحدة الشعب الفلسطيني) بمعناها الشامل والجامع لتماسك وترابط المجتمع الفلسطيني، يعني ذلك بأن وحدة فصائل العمل الوطني أو عدم وحدتها لا تعني بالضرورة وحدة الشعب الفلسطيني من عدمها، فلكل من الحالتين المبينتين هنا دلالاتها الاصطلاحية وتستمد معياريتها من ذاتها، وتؤثر كل منها في الأخرى تأثير متفاوت وغير متساوي، أي إن وحدة الفصائل هي شكل من أشكال الوحدة الوطنية وأحد روافدها الرئيسة، ولكن غياب هذه الوحدة بين الفصائل لا تعني انعدام الوحدة الوطنية بين فئات وشرائح وطبقات الشعب الفلسطيني.

واختلاف الفصائل أو ائتلافها لا يعني وحدة الوطن أو انقسامه بالضرورة، وهذه الحالة من حالات التصارع بين الخصوم الوطنيين لا تنتهي أبداً، ويمكن لروادها تبديل أدواتهم بين الفينة والأخرى، وهي تتراوح من الحوار إلى حسن الجوار إلى استخدام السلاح كشكل من أشكال الحوار العنيف بينهم، لهذا السبب لن ينقسم الوطن الفلسطيني ولا الشعب الفلسطيني الذي فوقه، مهما تباينت مواقف فصائل العمل الوطني من أي موضوع.

المستخلص الرئيس للبحث هو أن الشعب الفلسطيني بكل أطيافه يعد المصدر الطبيعي والوحيد للوحدة الوطنية، وبمقدور شبابه وشاباته وفعالياته ومؤسساته الأهلية وعائلاته وقبائله المساهمة في تعزيز الوحدة الوطنية من خلال التحول إلى اعتناق خيارات أكثر نجاعة لإنهاء النزاع بين (فتح وحماس) أي الخروج إلى الشارع لإجبار السلطتين في رام الله وغزة على التنحي، وفرض إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية فوراً، وبالتالي يجب العلم بأن فصائل العمل الوطني ليست المكون الوحيد للوحدة الوطنية الفلسطينية، ولم يمنحها أحد في يوم من الأيام حق التحكم بالشعب الفلسطيني أبداً، وإن بإمكان باقي شرائح وتجمعات الشعب الفلسطيني المساهمة في تجسيد الوحدة الوطنية في الشارع وتخفيض مستوى تأثير الفصائل المساهمة في زعزعة وحدته ونزع الشرعية الوطنية عنها. (ناصر دمج، معضلات استراتيجية، الفصل الثاني، صفحة رقم 93)

أمام ذلك استنتج البحث بأن الطريق مفتوح الآن أمام الجماهير للبدء في تغيير الموجود، وتقدم صفوف العمل لتجسيد الوحدة الوطنية على الأرض، لأنها المالك الوحيد لحق تغيير الموجود بقوتها الكاسحة التي تمنح الشرعية للفصائل وتنزعها عنها عندما ترى ذلك مناسباً، من هنا يمكنها الخروج فوراً إلى الشارع (في الضفة وغزة والشتات) وتنظيم المسيرات الحاشدة في الشوارع والاعتصام في الميادين والساحات، والدخول في حالة من الاعتصامات المفتوحة والمتواصلة (على طريقة ميدان التحرير) المطالبة بالمصالحة بين فتح وحماس كمكون رئيس من مكونات المشهد الوطني العام، والمبادرة إلى تشكيل فعاليات ولوبيات جماهيرية فاعلة، يشارك فيها الشباب والشابات والعائلات والمثقفون والنخب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفعاليات وعناوين المجتمع المدني الراغبة في العمل، ودعوة فلسطينيو الشتات للمشاركة في الاعتصامات أمام السفارات والممثليات الفلسطينية، ومكاتب الفصائل الفلسطينية أينما وجدت.

أهداف البحث

مساعدة صانع القرار الوطني، والشقيق العربي المساند والمساعد، لتلمس المخاطر المصاحبة لاستمرار الانقسام، وعدم انهاؤءه والعمل قبل فوات الآوان على تحقيق المصالحة السياسية بين فتح وحماس، واقتراح آليات جديدة للمساعدة في إنهاء حالة الانقسام.

أهمية البحث

يوضح لصناع القرار الوطنيين، ولفعاليات المجتمع المدني الفلسطيني بأن هناك خطر كامن ينمو في الظل، قد ينتهي بانفجار مدوى في الساحة الفلسطينية، يقلب الأوراق الداخلية رأساً على عقب فيما لو واصلوا تجاهل مطلب الجماهير العنيد لإنهاء الانقسام، ولتفادي كل ذلك على المتسببين بالانقسام العمل على انهاؤءه، ويعود الفضل في نضوج وتطور موقف الجمهور الفلسطيني إلى توفر منابع بديلة لصناعة الرأي العام الفلسطيني وتشكيله، وفشل تدابير التعمية الفصائلية لصالح المعلومات المتاحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي ساهمت في إطاحة بعض نظم الجوار العربي من أمكنتها.

مشكلة البحث

سعيه للإجابة على السؤال الرئيس للشارع الفلسطيني، وهو: متى سيتم إنهاء الانقسام ؟ وبأي السبل ؟ واقتراح آليات ثورية مجسدة لمساعي إنهاء حالة الانقسام.

المنهج العلمي الذي انتهجه

هو منهج البحث الوصفي التحليلي، القائم على قراءة المعطيات والبيانات وتحليلها لاستخلاص النتائج.

محاور البحث

تحقيقاً لهدفه الرئيس، وهو إيجاد اجابة قابلة للتطبيق على سؤال، متى سيتم إنهاء الانقسام بأسرع وقت ممكن؟ وبأي السبل؟ فإنها قامت بتناول موضوعها من خلال المحاور التالية:

1- ملخص البحث
2- تعريف بالبحث (أهدافه أهميته مشكلته منهجه محاوره)
3- تمهيد
4- مبادارت إنهاء الانقسام
5- النقاط المشتركة بين مبادرات وتفاهمات المصالحة
6- موقف حركتي فتح وحماس من مبادرات المصالحة
7- فشل مبادرات المصالحة، والبديل المأمول
8- الاستنتاجات
9- آليات تعزيز الوحدة الوطنية وتجسيدها
10- مخرجات البحث وخلاصته
لطالما اعتبرت (الوحدة الوطنية) إحدى ثوابت العمل الوطني الفلسطيني، كما أن الكثير من مانحيها هذه المكانة من فصائل منظمة التحرير وغيرهم، تجاوزوها كحد مقدس من حدود الوطنية الفلسطينية، وأصبح الحديث عن الوحدة الوطنية منذ سنين طويلة مثيراً للاشمئزاز، بسبب قدرة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الإسلامية على التضحية بها لصالح مآربهم الحزبية ذات الارتباطات الإقليمية، وهذا يدفعنا إلى التوقف مطولاً عند هذا الموضوع لإعادة قراءته عن قرب وعن بعد لتحديد مكانه الطبيعي داخل مكونات الصورة الإجمالية للوطنية الفلسطينية، وإعادة ترسيم ملامحه كحد مقدس فعلياً من حدود العمل الوطني؛ وأحد الدافعيات المعززة لمساعي تحرير الديار، وفي الخلاصة التوافق على صياغة جديدة للمفهوم، ويعرف مفهوم الوحدة الوطنية اصطلاحاً بأنه:

"توافق مجموعة من البشر على العيش معاً فوق أرض محددة، رغم ما بينهما من فروق واختلاف في دينهم ومشاربهم العرقية والإثنية، وعملهم سوية على ترسيخ قيم العدل والمساواة بينهم، وإعلاء راية التراحم والتعاطف والتضامن، وتوزيع خيرات أرضهم فيما بينهم بالتساوي".

الانقسام، أسبابه وخلفياته
بسبب عدم قبول فتح وتسليمها بفوز حماس في انتخاباتِ المجلس التشريعيّ التي نُظِّمت في 25 كانون الثاني 2006م، "وحصلت فيها حركة حماس على الأكثريّة المُطلقة أي 74 مقعداً (56%) من أصل 132 مقعداً وحصلت فتح على 45 مقعداً (34%)، والمقاعدُ المتبقية حظيت بها منظمات فلسطينيّة أخرى ومستقلّين". (المصدر- بانجمين بارت، حلم رام الله، رحلة في قلب السراب الفلسطيني ص 218) فإنها طلبت من الأمريكيين مساعدتها في إنفاذِ خطّة إطاحةِ حكم حركة حماس، ولم تتأخر إدارة الرّئيس جورج بوش في إجابةِ الطّلب فدفعت بـ (جاكوب والس JACOB WALLES) القنصل الأمريكي العام في القدس إلى المقاطعة حاملاً معه الخطوطَ العريضةَ لتلك الخطة، القائمة على دفعِ الرّئيس عبّاس لإلغاءِ نتيجةِ الانتخاباتِ وإعلان حالةِ الطوارئ في الأراضي الفلسطينيّة، فيما بعد تعرّضتِ الخطوط الأمريكية العريضة لإطاحة حماس لإضافاتِ فلسطينيّة جوهريّةٍ عُرفت باسم (خطة عمل الرّئاسة الفلسطينيّة) وهي قائمةٌ على محورين اثنين، وهما:

الأول. تنفيذُ انقلابٍ لطيفٍ مدعمٍ بعباراتِ الحفاظ على مسيرة السّلام.
الثاني. تنفيذُ انقلابٍ عسكريٍّ صارمٍ.

ومن أبرز أفكارِ تلك الخطّة المنشورةِ على موقع جريدة المجد الأردنيّة، التي سبق للأمن الأردنيّ أن صادرَ النّسخة الأصليّة منها من مطبعة الجريدة في 30 نيسان 2007م، وقطع التّمويلِ عن غزّة وتحويلهِ إلى المقاطعة، وتعزيز السّلطة الفلسطينية من خلالِ سلسلةٍ طويلةٍ من التّسهيلاتِ كرفعِ الحواجزِ العسكريّة من شوارع الضّفة الغربية، وتنفيذ مشاريع تطويرٍ اقتصاديّةٍ ملموسةٍ، وتكثيف برامج التّجنيد والتّدريب لعناصرِ أمنٍ جديدةٍ في الضّفة الغربيّة، وذلك كمقدمةٍ للدّعوةِ لانتخاباتٍ مبكّرةٍ في خريف عام 2007م، لكن كلّ ذلك توقّف تنفيذه تقريباً بسببِ مبادرةِ حزبِ الله إلي اختطافِ الجنودِ الإسرائيليين، واندلاع الحرب بينه وبين إسرائيل في تموز 2006م، ولأنّ اتفاقَ مكّة في شباط 2007م لم ينجح في تسويةِ الخلافِ العميق بين حركتي فتح وحماس، فإنّ فتح أستأنفتِ العمل بالخطّة التي طرأت عليها تعديلاتٌ نهائيّةٌ في شباط 2007م وهو الشّهر الذي وقّعَ فيه الجانبين الفلسطينيين على اتّفاقِ مكّة، وعُرضت للمرّةِ الأخيرةِ على الرّئيس عبّاس وصادقَ بدورهِ عليها، حدث كلُّ ذلك بدعمٍ منقطعِ النّظير من قِبلِ الدّبلوماسيّة الأمريكيّة بقيادة (كوندوليزا رايس)، والمبعوثين الأمنيين كيث دايتون وأليوت أبرامز، ومن أغرب ما قيل حول ما حدث في غزّة ما أدلى به (ديفيد فورمسر DAVID FWURMSER) مستشارُ نائبِ الرّئيس الأمريكيّ (ديك تشيني DICK CHENEY) لشؤون الشّرق الأوسطِ ، حيثُ قال: "أرى أنَّ الذي حصل في غزّة ليس انقلابًا لحماس بقدرِ ما هو محاولةُ انقلابٍ فاشلةٍ لفتح". (المصدر- بانجمين بارت، حلم رام الله، رحلة في قلب السراب الفلسطيني ص 236)

ولعل حركة فتح لم تحسن التقدير بعدم إتاحتها المجالَ لحماس لممارسة سلطتِها، وأخطأت أيضاً في عدم تقديرِها لقوّة حماس بشكلٍ واقعيٍّ ورسمِ سيناريوهات المواجهةِ معها، فكانَ يجبُ على فتح أن تُقدّر بالضّبط المستوى الذي عليه قدرةُ حماس العسكريّة وعلى أساسِه تُقرّر، لو حصلَ ذلك لما حدثتِ المواجهةُ التي أخرجتها من قطاعِ غزّة، وبسببِ عدم تقديرِ فتح لحقيقةِ موقفِ الإسرائيليين الذين شجّعوا أوساطاً معيّنةً فيها على هذه الخطوة، وصرفوا النّظرَ في الفترةِ ذاتها عن عواملَ عديدةٍ ساعدت في تعاظُم قوّة حماس، لقد اقتيد الطرفانِ الفلسطينيان إلى الاقتتالِ بتدبيرٍ إسرائيليٍّ كاملٍ، لأنَّ إسرائيل ستكونُ الرّابح الوحيد منه.
ويمكن الاستدلال على هذا الأمرِ من خلال النّظر إلى إحدى الوثائِق التي سرّبَها موقعُ (WIKILEAKS) وهي نصُّ لمحادثةٍ بين (عاموس يادين) رئيس جهاز المخابرات العسكريّة الإسرائيليّة وبين السفير الأمريكيّ في تل أبيب بتاريخ 13 حزيران 2007م أي قبل يوم واحد من تحرك حماس العسكري في قطاع غزّة، حيثُ جاء في تلك المُحادثةِ وفقاً للنّص المسرَّب والحديث ليادين "يُسعد إسرائيلُ أن تضع حماس يدها على غزّة فيتمكّن الجيش الإسرائيليّ من معاملةِ غزّة كدولةٍ عدوّةٍ". (المصدر- بانجمين بارت، حلم رام الله، رحلة في قلب السراب الفلسطيني ص 224)

إلى ذلك اعتبر مؤتمرُ هرتسيليا لفحصِ حالةِ الأمن القوميّ الإسرائيليِّ، ومناعة إسرائيل ضدّ المخاطر الوجوديّة التي تهدّدها في دورته الأولى 2000م، وهو مؤتمرٌ دوريٌّ يُعقدُ كلَّ عامٍ بمشاركةٍ نوعيّةٍ من شخصياتٍ صهيونيّةٍ هامّةٍ، بأنَّ الخطرَ الديمغرافيّ الذي يشكّلهُ الفلسطينيون في الضّفة وغزّة والقدس الشرقيّة والداخل، يستحقُّ المعالجةَ المبكّرة، ومن ضمن توصياته السريّةِ أيضاً، التي قدّمت للمستوى السياسيّ الإسرائيليّ، العمل على فصلِ الضّفة عن غزّة، وتقسيمِ الضّفة إلى قسميْن، وإلحاق الأقسامِ الثلاثة المذكورة بمصر والأردن، لكنْ قبل ذلك ينبغي العملُ على هدم أركان ومقوماتِ إقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ مستقلّةٍ متّصلةٍ قابلةٍ للحياة، أي العملُ على إنهاءِ وحدةِ التّرابِ الوطنيّ الفلسطينيّ بشكلٍ نهائيٍّ، ومن أجل ذلك يجب العملُ بشكلٍ متزامنٍ على:

1- تعزيزِ الاستيطان في الضّفة وتوسيع غلافِ القدسِ الاستيطانيِّ، وإتمام عزلِ شمال الضّفة عن جنوبِها.
2- فصلُ الضّفة الغربيّة عن غزّة سياسياً، لإتمام الانفصالِ الجغرافيّ والديمغرافيّ.

صفوةُ القول
ولو بعد حينٍ تحقّقت نبوءةُ إسرائيلَ وأمنيتها في هذا المضمار، وفي هذا الشّرَكِ وقع الفلسطينيون بإرادتِهم ودَفْعِ الآخرين، أمّا التحدّي الذي يجب أن يواجهَه الفلسطينيون بعد اليوم، هو كيف يُمكِنُ أن يعيدوا الوحدةَ السياسيّة بين الضّفة الغربية وقطاع غزّة؟ لقد انتهت مساعي فتح وجهودُها في قطاع غزّة، منذُ فجر انطلاقتها أدراجَ الرّياح، وفي لحظاتٍ قليلةٍ تمّ طردُ أبنائِها خارجَ منازلِهم ليحلَّ بها آخرون، إنَّ هذهِ الخسارة هي الجُزء المكمّلُ لخسارةِ فتح في انتخاباتِ المجالسِ المحليّة والمجلس التشريعيّ عامي 2005م و2006م. (المصدر – ناصر دمج، معضلات استراتيجية، الفصل الأول، صفحة رقم 70)
ومنذ ذلك الوقت فشلت مساعي الحوار والمصالحة كافة بين فتح وحماس على كثرتها، وذلك بسبب غياب أو انعدام النية اللازمة لانجاح مساعي التصالح بينهما، وقد ثبت لجميع الوسطاء بأن الحركتين تلجئان للحوار عندما تكونان مضطرتان لذلك، لتجاوز بعض المراحل الصعبة أو لتمرير صفقات سياسية، أو لتهدئة الأوضاع بانتظار اجتياز مرحلة أو استحقاق معين وتشير بعض الدراسات إلى أن الحركتين كانتا تستجيبان لمبادرات الحوار، لكنهما تمتنعان عن تنفيذ ما توافقان عليه، لتعود الخصومة بينهما إلى سيرتها الأولى.

مبادارت ولقاءات وتفاهمات إنهاء الانقسام
بعد سيطرة حماس على قطاع غزة في حزيران 2007م عرض الوسطاء المحليون والعرب العديد من مبادرات الصلح بين حركتي (فتح وحماس)، ومنذ ذلك الوقت فشلت مساعي الحوار والمصالحة كافة بين فتح وحماس على كثرتها، وذلك بسبب غياب أو انعدام النية اللازمة لانجاح مساعي التصالح بينهما، وثبت لجميع الوسطاء بأن الحركتين تلجئان للحوار عندما تكونان مضطرتان لذلك، لتجاوز بعض المراحل الصعبة أو لتمرير صفقات سياسية، أو لتهدئة الأوضاع بانتظار اجتياز مرحلة أو استحقاق معين وتشير بعض الدراسات إلى أن الحركتين كانتا تستجيبان لمبادرات الحوار، لكنهما تمتنعان عن تنفيذ ما توافقان عليه، لتعود الخصومة بينهما إلى سيرتها الأولى.
وفي هذا المحور سنقدم عرض مكثف لمضامين تلك المبادرات التي تزاملت بثلاث نقاط مهمة وهي: (1) النية الصادقة من قبل المبادرون لتسوية الخلاف الفلسطيني الفلسطيني (2) قبول المبادرات نفسها بشكل فوري تقريباً من قبل طرفي الانقسام (3) فشل المبادرات كافة في تسوية الخلاف بين فتح وحماس، وهنا ستعرض الورقة أهم هذه المبادرات وفقاً لتسلسلها الزمني وهي:

أولاً - مبادرة الأسرى للوفاق الوطني
طرحت مبادرة الاسرى في شهر أيار 2006م، (أي قبل الانقسام بعام كامل) وحظيت بقبول فوري وغير مشروط من قبل الفصائل الفلسطينية كافة، لأنها قدمت تسوية متوازنة للعلاقة المضطربة بين حركة فتح والسلطة من جهة وحركة حماس من جهة أخرى، وتناولت المبادرة العديد من القضايا الجوهرية، من قبيل حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 1967م وعاصمتها القدس، وضمان حق اللاجئين في العودة، رغم ذلك لم تتمكن الوثيقة من تسوية خلافات (فتح وحماس) إلى أن قامت حماس بالسيطرة العسكرية على كامل منطقة قطاع غزة (المصدر - أحمد الحيلة، كاتب وباحث فلسطيني، مركز الزيتونة/ بيروت 28 أيار 2006م)

ثانياً - اتفاق مكه
بتاريخ 8 شباط 2007م وقع الرئيس "محمود عباس" و "خالد مشعل" رئيس المكتب السياسي لحركة حماس على الصيغة النهائية لاتفاق المصالحة بينهما والذي سيعرف فيما بعد باتفاق (مكة المكرمة) الذي تضمن تفاهم الطرفين على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإنهاء حالة التوترفي الضفة الغربية وقطاع غزة، وتضمن الاتفاق العديد من النقاط منها تحريم الدم الفلسطيني، واتخاذ الإجراءات والترتيبات التي تحول دون إراقته مع التأكيد على الوحدة الوطنية الفلسطينية، إضافة إلى اعتماد لغة الحوار كسبيل وحيد لحل الخلافات، وتشكيل حكومة وحدة وطنية وفق اتفاق تفصيلي، والشروع العاجل باتخاذ الإجراءات الدستورية لذلك، كما دعت إلى المضي قدما في إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وتسريع عمل اللجنة التحضيرية استناداً لاتفاق القاهرة ودمشق وفق اتفاق تفصيلي تم التوصل اليه، ودعا الاتفاق إلى إنفاذ شراكة حقيقية على الأرض بين أطراف الساحة الفلسطينية ووفقا للمبادئ المعمول بها في فلسطين على أساس التعددية السياسية.
وبعد الاتفاق كلف الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" السيد "إسماعيل هنية" بتشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية، على أن تعرض على المجلس التشريعي الفلسطيني لإقرارها، ونص كتاب التكليف على دعوة الرئيس الفلسطيني لرئيس الوزراء المكلف الالتزام بقرارات القمم العربية واحترام قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات التي وقعت عليها منظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي اعتبر تحولاً سياسياً لدى حركة حماس، كما تم الاتفاق على أن تحصل حركة فتح على ست حقائب وزارية بالاضافة إلى نائب رئيس الحكومة فيما تحصل حماس على تسع حقائب وتخصص أربع أخرى لباقي الكتل البرلمانية، فيما تذهب ست حقائب للمستقلين، على أن يتم اختيار شخصيات مستقلة لوزارتي الخارجية والمالية فيما تمنح حقيبة الداخلية لشخصية محايدة.

ثالثاً - مبادرة الجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية للخلاص من المأزق الفلسطيني
طرحت مبادرة الجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية للخلاص من المازق الفلسطيني بتاريخ 10 تموز 2007م وحظيت هذه المبادرة بقبول فوري من قبل حركتي (فتح وحماس)، ودعت إلى الوقف الفوري لكافة أشكال التعبئة الداخلية والتحريض الإعلامي المتبادل عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، بما يوفر المناخات الوطنية الصحية لإنجاح الحوار الوطني الشامل، والتراجع عن نتائج الحسم العسكري الذي نفذته (حركة حماس) في غزة، وحل الحكومة القائمة في القطاع، وحكومة الطوارئ في الضفة، والتراجع عن كافة الإجراءات الإدارية والأمنية الأحادية والمنفردة التي تم اتخاذها في غزة والضفة.
ودعت المبادرة إلى تشكيل حكومة انتقالية متوافق عليها وطنياً على أساس (وثيقة الوفاق الوطني)، تتولى خلال سقف زمني متفق عليه، إعادة الأمور إلى طبيعتها، واستعادة لحمة المؤسسات الرسمية للسلطة في الضفة والقطاع، وتضع الأسس الكفيلة ببناء نظام قضائي مهني ومستقل وسليم، وتقوم بإصلاح الاجهزة الأمنية وإعادة بنائها على أسس مهنية، ونزع الصفة الحزبية عنها، وإخضاعها لسيادة القانون، وتكون مهمتها خدمة الوطن وحمايته وتوفير الأمن والأمان للمواطنين، ودعت المبادرة إلى ضرورة العودة إلى الشعب باعتباره مصدر السلطات، وتوفير الظروف السليمة لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة على أساس نظام التمثيل النسبي الكامل باعتبار ذلك يمثل المخرج الديمقراطي من الأزمة. (دراسة مبادرات المصالحة الفلسطينية منذ أحداث تموز 2007م إلى تموز 2008م مضمونها وإمكانات نجاحها)

ودعت المبادرة إلى تفعيل اللجنة العليا التي أقر تشكيلها في حوار القاهرة لتقوم بدورها كهيئة للحوار والإشراف على تنفيذ إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية، وتعجيل البدء بإجراء انتخابات حرة للمجلس الوطني الفلسطيني الجديد داخل الوطن والشتات، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، وتفعيل مشاركة فلسطينيي الشتات في نضال شعبنا ودعم صموده وحماية المشروع الوطني.

رابعاً - مبادرة مجموعة الحوار الوطني من المثقفين والأكاديميين الفلسطينيين
طرحت مبادرة مجموعة الحوار الوطني بتاريخ 26 تموز 2007م وتلخص هدفها في حث الطرفين على التصالح، والإسهام في تصويب المسيرة الوطنية، وإعادة توجيهها من جديد، وجسر هوة الخلاف والتباين بين أطراف الصراع الداخلي، على اعتبار أن فلسطين أرضاً وشعباً تشكل وحدة وطنية واحدة على المستوى السياسي والجغرافي والإداري، كما شددت المبادرة على اعتبار الحوار هو الطريق الوحيد لحل الخلافات والصراعات الفلسطينية الفلسطينية، مهما كان حجمها أو استعصاؤها، وذلك إيماناً بالديمقراطية والتزاماً بأسسها ومرتكزاتها التي من أهمها النقل السلمي للسلطة، على أن الفيصل دائماً في حسم أي خلاف هو القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003م.

خامساً - المبادرة اليمنية لإنهاء الانقسام الفلسطيني
بتاريخ 5 آب 2007م قدمت الجمهورية اليمنية مبادرة لاستئناف الحوار الفلسطيني الفلسطيني، ودعت المبادرة إلى ما يلي:

أولاً: العودة بالأوضاع إلى ما كانت عليه في غزة قبل تاريخ 13 حزيران 2007م والتقيد بما التزمت به منظمة التحرير الفلسطينية وإجراء انتخابات مبكرة رئاسية وتشريعية .
ثانياً: استئناف الحوار على قاعدة اتفاق القاهرة العام 2005م واتفاق مكة المكرمة العام 2007م على أساس أن الشعب الفلسطيني كل لا يتجزأ، وأن السلطة الفلسطينية تتكون من سلطة الرئاسة المنتخبة والبرلمان المنتخب والسلطة التنفيذية ممثلة بحكومة وحدة وطنية والالتزام بالشرعية الفلسطينية بكل مكوناتها.
ثالثاً: احترام الدستور والقانون الفلسطيني والالتزام به من قبل الجميع.
رابعاً: إعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس وطنية، بحيث تتبع السلطة العليا وحكومة الوحدة الوطنية ولا علاقة لأي فصيل بها.
خامساً: تشكيل حكومة وحدة وطنية ائتلافية تمثل فيها كل الفصائل بحسب ثقلها في المجلس التشريعي وتكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها كاملة.
سادساً: تشكيل لجنة من خلال الجامعة العربية تتكون من الدول ذات الصلة مثل مصر والسعودية وسوريا والأردن، وتعبر اليمن عن استعدادها للمشاركة إذا طلب منها ذلك وتكون مهمتها تنفيذ ما سبق.
سابعاً: تتكون المؤسسات الفلسطينية بكل تكويناتها دون تمييز فصائلي وتخضع للسلطة العليا بحكومة الوحدة الوطنية.

سادساً - مبادرة مؤسسة بال ثينك
في شهر تشرين الثاني 2007م قدمت مؤسسة (بال ثينك) مبادرة جديدة لإنهاء الانقسام، وحظيت هذه المبادرة بقبول فوري وغير مشروط من قبل الفصائل الفلسطينة كافة، ودعت بدورها إلى توفير الأجواء المناسبة لنجاح الحوار الوطني، ودعت حركة حماس إلى الاعلان عن استعدادها للتراجع عن نتائج الحسم العسكري في قطاع غزة، وطالبت بأن يكون الحل على أساس وثيقة الوفاق الوطني وحوار القاهرة، ودعت إلى تشكيل حكومة انتقالية متوافق عليها تعمل على ضبط الأمن وفك الحصار، واستعادة وحدة مؤسسات السلطة، ودعت المبادرة إلى وضع خطة لإعادة بناء الأجهزة الأمنية عل أسس وطنية ومهنية بعيداً عن الحزبية والفصائلية، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة وتفعيل وتطوير م ت ف، والعمل على تشكيل لجنة تحقيق وطنية لمحاسبة المسئولين عن الجرائم المرتكبة في الأحداث، والعمل على تشكيل جبهة مقاومة موحدة حسب ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني. (دراسة مبادرات المصالحة الفلسطينية منذ أحداث تموز 2007م إلى تموز 2008م مضمونها وإمكانات نجاحها)

سابعاً - مبادرة رجال الأعمال الفلسطينيين لإنهاء الانقسام
طرحت مبادرة رجال الأعمال في شهر تموز 2008م، وتلخصت أهدفها حول حث الطرفين على التصالح، ومنع التآكل التدريجي للشرعية وتمزيق وحدانية التمثيل الفلسطيني وتبديد استقلاليته، وتقريب الفجوة بين فتح وحماس، ودفع الأطراف لاعتماد لغة الحوار لحل الإشكاليات بعيداً عن استخدام القوة العسكرية، ودعت المبادرة حركة حماس إلى تسليم مقرات الأجهزة الأمنية بكل محتوياتها للرئيس عن طريق الوسيط المصري، ودعت السلطة الفلسطينية إلى إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتشكيل لجنة وطنية بتقدير الخسائر التي نجمت عن الأحداث الأخيرة وتعويض المتضررين، ودعت إلى أن يتولى الرئيس "محمود عباس" المسئولية عن جهاز الأمن الوطني والمخابرات وحرس الرئاسة، بحيث يتولى حرس الرئيس المسئولية عن معبر رفح وبيت حانون، ورفضت المبادرة اعتماد معبر كرم أبو سالم لحركة المواطنين، ودعت إلى الاتفاق بين رئيس السلطة وحركة حماس على صلاحيات وزير الداخلية بحضور الطرف المصري، وطالبت حماس بالموافقة على دمج القوة التنفيذية ضمن الأجهزة الأمنية، وتشكيل حكومة تكنوقراط لإدارة شئون البلاد حتى موعد الانتخابات الذي يتفق عليه الطرفين.

ثامناً - مسودة اقتراح الخروج من أزمة الانقسام الداخلي والعودة إلى الوحدة الوطنية
في شهر آب 2008م قدمت مسودة مبادرة ساهم في صياغتها أكثر من مهتم بالشأن الفلسطيني، وحظيت هذه المبادرة بقبول فوري وغير مشروط من قبل حركتي (فتح وحماس)، ودعت إلى إنهاء حالة الانقسام ورأب الصدع والعودة للوحدة الوطنية، وتضمنت المبادرة مجموعة من المبادئ العامة، التي تؤكد على وحدة الأراضي الفلسطينية، وأن التناقض الرئيس مع الاحتلال، وأن الشعب الفلسطيني لا زال يعيش مرحلة تحرر وطني، ودعت المبادرة إلى ضرورة احترام الشرعيات الفلسطينية، ورفض استخدام العنف، وطالبت بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه في الأراضي الفلسطينية بما يكفل ضمان احترام القانون واستتباب الأمن ومنع الفوضى وفرض هيبة السلطة، ودعت إلى الامتناع عن أي أعمال أو تصريحات يمكن أن تعرقل الحوار، وتؤكد على رفض التدخلات الخارجية، ودعت إلى الالتزام باتفاقية القاهرة، ووثيقة الوفاق الوطني، واتفاق مكة. (المصدر- المصدر السابق نفسه، دراسة مبادرات المصالحة الفلسطينية منذ أحداث تموز 2007م إلى تموز 2008م مضمونها وإمكانات نجاحها)

تاسعاً - مبادرة المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات
في شهر شباط 2009م قدم المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات، مبادرة جديدة لانهاء الانقسام، وحظيت هذه المبادرة بقبول فوري وغير مشروط من قبل الفصائل الفلسطينة كافة، ودعت إلى توفير الأجواء المناسبة للحوار، ودعت المبادرة إلى اللجوء للتحكيم لإيجاد مخرج قانوني فيما يتعلق بالموقف من الاتفاقيات السابقة التي وقعتها م ت ف، وطالبت الوثيقة باعتماد التمثيل النسبي الكامل.

عاشراً - الورقة المصرية
قدمت الحكومة المصرية في شهر أيلول 2009م ورقة جديدة للمصالحة بين حركتي (فتح وحماس) وتم قبول هذه الورقة من قبل حركة فتح، لكن طالبت حماس بمزيد من الوقت لدراستها، وقدمت بعض الملاحظات عليها لكن السلطات المصرية رفضت طلبها، ما أدى إلى تجميد العمل بالورقة لعدة شهور، فيما بعد كلفت الرئاسة المصرية جهاز المخابرات المصرية العامة بمتابعة ملف المصالحة الفلسطينية، وبعد سلسلة الحوارات واللقاءات صاغت المخابرات المصرية ورقة وعرضتها على الفصائل؛ لكي تُشكل برنامجاً وطنياً يلتقي عليه الفلسطينيون، إلا أن العديد من الفصائل، وخاصة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، إضافة إلى الجبهة الشعبية القيادة العامة والصاعقة أبدوا ملاحظات جادة حول الورقة المصرية، ساهمت في تعطيل تنفيذها.

إحدى عشر - مبادرة الجبهة الديمقراطية لإنهاء الانقسام
طرحت مبادرة الجبهة الديمقراطية بتاريخ 16 آذار 2011م لانهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية، وطالبت المبادرة طرفي الانقسام باخراج الشعب الفلسطيني من تبعات الانقسام، وتمزيق وحدانية التمثيل الفلسطيني وتبديد استقلاليته، ودعت المبادرة إلى نبذ الحسابات والأجندات الفئوية الضيقة وتغليب لغة العقل والمصلحة الوطنية العليا وإزالة أثار الحسم العسكري في قطاع غزة كتمهيد للحوار، واستبعاد صيغة الحوار الثنائي والمحاصصة، وإطلاق حركة شعبية ضاغطة على حركتي فتح وحماس للتوافق، ودعت المبادرة حركة حماس إلى التراجع عن حسم العسكري لخلافها مع فتح وحل حكومة الأمر الواقع في غزة وتشكيل حكومة انتقالية بدلاً من الحكومة رقم 12 التي شكلها الرئيس، بحيث يتم تشكيلها من شخصيات مستقلة متوافق عليها، والاحتكام للشعب من جديد على أساس قانون يعتمد نظام التمثيل النسبي الكامل، وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية استناداً إلى إعلان القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني. (المصدر – مصدر سبق ذكره، دراسة مبادرات المصالحة الفلسطينية منذ أحداث تموز 2007م إلى تموز 2008م مضمونها وإمكانات نجاحها)

إثنى عشر - ورقة (الرؤية المصرية لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني)
بتاريخ 27 نيسان 2011م وقع موسى أبو مرزوق نائب رئيس امكتب السياسي لحركة حماس وعزام الأحمد المكلف بالحوار مع حماس من قبل الرئيس الفلسطيني على ورقة (الرؤية المصرية لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني) وهي الوثيقة المصرية (بعد تعديلها) التي طرحت على الفرقاء الفلسطينيين في شهر تشرين الأول 2009م وتدعو الرؤية إلى تشكيل خمس لجان هي:
لجنة إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، ولجنة الانتخابات والمصالحة، ولجنة تنفيذية مشتركة، ولجنة الأسرى، ولجنة انتخابات مركزية مكونة من أشخاص مستقلين، كما اتفق الطرفين على تشكيل محكمة انتخابية مكونة من 12 شخصاً مستقلاً يتم اختيارهم من الحركتين بالتنسيق مع الرئيس عباس، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات مجلس وطني فلسطيني خلال فترة لا تزيد على عام واحد من تاريخ توقيع الاتفاق، وتشكيل لجنة لمناقشة إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني. ويترأس الرئيس عباس اللجنة التي ستضم أعضاء من الحركتين وأعضاء من اللجنة المركزية للمنظمة ورئيس المجلس الوطني وبعض المستقلين، وتشكيل مجلس أعلى للأمن لمعالجة القضايا ذات الصلة بقوى الأمن التابعة للفصائل والتي وفقاً للورقة المصرية يجب أن يتم توحيدها في قوة أمنية مهنية متكاملة، وتشكيل حكومة مؤقتة مكونة من مرشحين مستقلين يمتلكون مؤهلات وطنية ومهنية يتفق عليها كلا الطرفين، وسيكون للحكومة الانتقالية (وفقا للرؤية) ست أولويات رئيسة وهي:

1- تهيئة الظروف لانتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات مجلس وطني.
2- الإشراف على تنفيذ بنود الورقة المصرية.
3- تسوية القضايا المتعلقة بالمؤسسات الخيرية والأهلية.
4- التعامل مع القضايا الأمنية والإدارية الناجمة عن الانقسام الفلسطيني.
5- توحيد مؤسسات السلطة الوطنية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.
6- الاستمرار في بذل الجهود التي تهدف إلى إنهاء حصار إسرائيل لغزة وإعادة الإعمار في القطاع.

ثلاثة عشر - توافق حركتي فتح وحماس وباقي الفصائل الفلسطينية على آليات تنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني، بتاريخ 20 كانون الأول 2011م
تم ذلك برعاية مصرية في العاصمة المصرية (القاهرة) حيث اجتمعت الفصائل الفلسطينية هناك بتاريخ 20 كانون الأول 2011م لبحث آليات تنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني التي وقعت عليها الفصائل بالقاهرة في 4 أيار 2011م، وافق الحضور على أن تكون الآليات التي تم التوصل إليها ملزمة للجميع وهي على النحو التالي:

أولاً: منظمة التحرير:
توافقت الفصائل على أن يتم مناقشة موضوع منظمة التحرير الفلسطينية خلال اجتماع لجنة منظمة التحرير المنصوص عليها في إعلان القاهرة 2005 واتفاقية الوفاق الوطني 2011م المقرر يوم 22 كانون الأول 2011م والذي دعا إليه الرئيس محمود عباس.

ثانياً: الانتخابات:
توافقت الفصائل على الأسماء المقترحة للجنة الانتخابات المركزية وبحيث يتم عرض هذه الأسماء على الرئيس أبو مازن لإصدار مرسوم رئاسي بتشكيل اللجنة على أن يتم استبدال أي اسم من الأسماء المقترحة من بين الأسماء الاحتياطية وهم:
أ‌- د. حنا ناصر - الضفة الغربية
ب‌- رامي الحمد لله - الضفة الغربية
ت‌- ياسر موسى حرب - غزة
ث‌- مازن سيسالم - غزة
ج‌- خولة الشخشير - الضفة الغربية
ح‌- شكري النشاشيبي - الضفة الغربية
خ‌- أحمد الخالدي - الضفة الغربية
د‌- اسحاق مهنا - غزة
ذ‌- يوسف عوض الله - غزة

احتياطي:
أ‌- جورج جقمان.
ب‌- عصام يونس.
ت‌- طالب عوض.
ث‌- ناظم عويضة.
كما تم التأكيد على أن تمارس هذه اللجنة مهامها في اليوم التالي لإصدار المرسوم الرئاسي بتشكيلها بما في ذلك البدء في إعداد السجل الانتخابي وتجهيز مقارها بقطاع غزة.

ثالثاً: المصالحة المجتمعية:
تم الاتفاق على تشكيل لجنة المصالحة المجتمعية، على أن تقوم اللجنة بعقد أول اجتماع لها بقطاع غزة يوم 27 كانون الأول 2011م لانتخاب رئيس ونائب له وأمين صندوق، وتتشكل اللجنة من كلاً من:

أ‌- حركة فتح إبراهيم أبو النجا- أشرف جمعة- عبد الله أبو سمهدانة
ب‌- حركة حماس نزار عوض الله- إسماعيل رضوان- زكريا معمر
ت‌- الجهاد الإسلامي نافذ عزام
ث‌- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رباح مهنا
ج‌- الجبهة الديمقراطية صالح ناصر
ح‌- القيادة العامة لؤي القليوطي
خ‌- جبهة النضال الشعبي عبد العزيز قديح
د‌- الجبهة العربية الفلسطينية صلاح أبو ركية
ذ‌- جبهة التحرير الفلسطينية، عدنان الغريب
ر‌- جبهة التحرير العربية، إبراهيم الزعانين
ز‌- حزب فدا، رائف دياب
س‌- الصاعقة، محي الدين ابو دقة
ش‌- حزب الشعب، نافذ غنيم
ص‌- المبادرة الوطنية، عبد الله أبو العطا
ض‌- المستقلون، نبيل ابو معيلق- ياسر الوادية- محمود سليم

رابعاً: الحكومة:
اتفقت الفصائل على أن يتم تشكيل الحكومة بحلول 31 كانون الثاني 2012م وذلك بعد التشاور مع جميع الفصائل وحسب الإجراءات المتفق عليها.

خامساً: قضايا الحريات العامة وبناء الثقة:
التوافق على تشكيل لجنتين بالضفة الغربية وقطاع غزة لمتابعة قضايا الحريات العامة وبناء الثقة (المعتقلين– منع السفر- المؤسسات- جوازات السفر- ضمان حرية العمل السياسي دون قيود)، على أن تعمل هاتين اللجنتين تحت إشراف مصري كامل لمعالجة هذه القضايا قبل نهاية شهر شباط 2012م، وبحيث تعقدا أول اجتماع لهما بالضفة والقطاع يوم 24 كانون الأول 2011م وتتشكل هاتين اللجنتين على النحو التالي:

لجنة الضفة:
جمال أبو الرب (فتح)
ناصر الشاعر (حماس)
شعوان جبارين (مؤسسة الضمير)
مصطفى البرغوثي (المبادرة الوطنية)
عصام العاروري (حزب الشعب)
خضر عدنان (الجهاد الإسلامي)
خليل عساف (مستقل)

لجنة قطاع غزة:
هشام عبد الرازق (فتح)
إسماعيل الأشقر (حماس)
خليل أبو شمالة (الضمير)
خالد البطش (جهاد إسلامي)
هاني أبو عمرة (الجبهة العربية الفلسطينية)
خالد الخطيب (حزب فدا)
لؤي القليوطي ( قيادة عامة)
زاهر الجديلي (جبهة التحرير العربية)
عدنان الغريب (جبهة التحرير الفلسطينية)

سادساً: المجلس التشريعي:
تعقد الكتل البرلمانية بالمجلس التشريعي اجتماعاً تشاورياً بالقاهرة بتاريخ 21 كانون الأول 2011م، يعقبه اجتماعات تشاورية أخرى بالضفة الغربية وقطاع غزة للتباحث ودراسة سبل استئناف عمل المجلس التشريعي، على أن ترفع الكتل نتائج لقاءاتها وتوصياتها لرئيس السلطة الفلسطينية وتطلب من الرئيس إصدار مرسوم في الأسبوع الأول من شهر شباط 2012م لدعوة المجلس التشريعي للانعقاد لأقرار القضايا المتوافق عليها بين كافة الأطراف.

أربعة عشر - إعلان الدوحة بتاريخ 6 شباط 2012م
بتاريخ 6 شباط 2012م وقع الرئيس الفلسطيني "محمود عباس"و "خالد مشعل" رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وتحت رعاية الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، على إعلان جديد بينهما لإنهاء الانقسام السياسي بين فتح وحماس، وهو جهد استكمالي لاتفاق المصالحة الذي وقع في القاهرة برعاية جمهورية مصر العربية، وتم الاتفاق في هذا الاعلان على ما يلي:

أولاً: التأكيد على الاستمرار بخطوات تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وتطويرها من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني بشكل متزامن مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية. كما تم الاتفاق على عقد الاجتماع الثاني للجنة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وتطويرها بتاريخ 18 شباط 2012م في القاهرة.
ثانياً: تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية من كفاءات مهنية مستقلة برئاسة سيادة الرئيس محمود عباس تكون مهمتها تسهيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبدء بإعمار غزة.
ثالثاً: التأكيد على استمرار عمل اللجان التي تم تشكيلها، وهي لجنة الحريات العامة المكلفة معالجة ملفات المعتقلين والمؤسسات وحرية السفر وعودة الكوادر إلى قطاع غزة وجوازات السفر وحرية العمل ولجنة المصالحة المجتمعية. وفي هذا السياق، أبلغ الرئيس محمود عباس المجتمعين بأنه تم إطلاق 64 معتقلاً في إطار الاتفاق بإطلاق جميع المعتقلين.
رابعاً: التأكيد على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة لبدء عمل لجنة الانتخابات المركزية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.

خمسة عشر - اتفاق حركتي فتح وحماس حول القضايا العالقة في وثيقة الوفاق الوطني، بتاريخ 20 أيار 2012م
بتاريخ 20 أيار 2012م وبرعاية مصرية عقد لقاء بين حركتي فتح وحماس شارك فيه عن حركة فتح كل من "عزام الاحمد" و "صخر بسيسو" وعن حركة حماس كل من "موسى أبو مرزوق" و "محمد نصر" واتفق المشاركون في اللقاء على ما يلي:

أ- تبدأ لجنة الانتخابات المركزية عملها في قطاع غزة اعتباراً من يوم 27 أيار 2012م.
ب - يلتقي وفدي حركتي فتح وحماس لبدء مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة المتفق عليها يوم 27 أيار 2012م فور بدء لجنة الانتخابات المركزية عملها في قطاع غزة.
ت- تختتم مشاورات تشكيل الحكومة بين الوفدين بلقاء يعقد بين الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بالقاهرة خلال مدة لا تتجاوز 10 أيام للإعلان عن الحكومة الجديدة.
ث- تستأنف لجنة الانتخابات المكلفة بإعداد قانون انتخابات المجلس الوطني عملها اعتباراً من 27 أيار 2012م حتى تتمكن من انجاز اعمالها وبما يهيئ لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني بالتزامن.
ج- يتم تحديد موعد إجراء الانتخابات بالتوافق بين كافة الفصائل والقوى الفلسطينية في ضوء إنجاز عمل لجنة الانتخابات المركزية.
ح- تُحدَد مدة عمل الحكومة التي سيتم تشكيلها بفترة لا تزيد عن 6 أشهر لتنفيذ المهام المتفق عليها بما في ذلك (إجراء الانتخابات ـ البدء في إعادة إعمار غزة) مع ربط مدة هذه الحكومة بالموعد الذي سيتم التوافق عليه لإجراء الانتخابات.
خ- في حال عدم إجراء الانتخابات في الموعد المتوافق عليه نتيجة أي سبب خارج عن إرادة الأطراف يلتقي الطرفان لبحث إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة برئاسة شخصية مستقلة يتم التوافق عليها.
د- التأكيد على أهمية تنفيذ ما ورد في اتفاقية الوفاق الوطني بشأن تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات، وذلك من خلال سرعة العمل على تطبيق توصيات لجنتي الحريات العامة في الضفة والقطاع، وعلى حكومة التوافق الوطني إنجاز ملف الحريات العامة كاملاً في أسرع وقت ممكن قبل إجراء الانتخابات وفق القانون.
ذ- يُعد ما ورد في هذا الاتفاق رزمة واحدة وتُعد التوقيعات الواردة به مُلزِمة للطرفين وستقوم مصر من جانبها بالمراقبة والإشراف على تنفيذ كل طرف لالتزاماته بما في ذلك قضايا الحريات العامة.

ستة عشر - تفاهمات حركتي فتح وحماس في القاهرة بتاريخ 25 أيلول 2014م

حول الحكومة
تمكين حكومة التوافق الوطني ووزرائها كل في مجال اختصاصه وحسب الصلاحيات والمهام الموكلة له في وثيقة الوفاق الوطني الموقعة في 4 أيار 2011م حسب النظام الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية والالتزام بتذليل العقبات التي تعترض عملها وصولاً إلى دمج الموظفين في كافة الوزارات، وتمكين كافة المؤسسات والهيئات والمحافظات من القيام بمهامها المنصوص عليها في النظام الأساسي الفلسطيني.

وأكدت حركتا فتح وحماس على ضرورة إسراع حكومة التوافق الوطني بتنفيذ ما ورد بشأن ممارسة واجباتها الأمنية على مناطق السلطة الوطنية وفق القوانين والأنظمة المعمول بها حسب ما ورد في اتفاق المصالحة بتاريخ 4 أيار 2011م بهذا الشأن، كما أكدتا على ضرورة إسراع حكومة التوافق الوطني بتنفيذ ما ورد بشأن ممارسة مهامها الأمنية وفق القوانين والأنظمة المعمول بها وما ورد في وثيقة الوفاق الوطني 2011م، وأكدتا أيضاً على دعمهما الكامل للحكومة في سعيها لإنهاء الحصار وإعادة العمل في كافة المعابر مع الجانب الإسرائيلي في قطاع غزة وعودة الموظفين العاملين في المعابر للقيام بمهامهم تسهيلا للمواطنين في تحركاتهم وفي تجارتهم وإدخال المواد المطلوبة لإعادة إعمار غزة.

حول إنهاء الحصار والإعمار
اتفق الجانبين على أن رفع الحصار وإعادة إعمار قطاع غزة يشكل لهما أولوية مشتركة، وتحقيقاً لذلك أكدتا على التزامهما بتثبيت وقف إطلاق النار وفقا لما تم الاتفاق عليه في المفاوضات غير المباشرة بالرعاية المصرية بين الجانبين، ونطالب المجتمع الدولي بعقد مؤتمر المانحين في الموعد المتفق عليه لإعادة إعمار غزة، وطالبتا المؤسسات والجهات المعنية وخاصة الحكومة الفلسطينية بسرعة إنجاز المخططات المطلوبة لإعادة إعمار غزة مع إعطاء أولوية في التنفيذ لترميم المنازل والمدارس والمستشفيات ذات البعد الإغاثي والإنساني لإسكان وإيواء المشردين والنازحين.

وأكدت الحركتين على استعدادهما الكامل للتعاون مع الأمم المتحدة ومؤسساتها المكلفة بالتنفيذ مع التأكيد على دور الحكومة الفلسطينية باعتبارها الجهة المسؤولة عن الإشراف والمتابعة على إعادة الإعمار، واتفقت الحركتين على أن إعادة الإعمار يتطلب أيضاً فتح كافة المعابر مع قطاع غزة وتسهيل إدخال مواد الإعمار.

حول المجلس التشريعي
دعت الحركتين إلى تنفيذ ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني بخصوص المجلس التشريعي وفق والاتفاقيات التي شكلت على أساسها حكومة التوافق الوطني، وطالبتا بدعوة الكتل البرلمانية إلى إجراء المشاورات الضرورية التي تمهد لعقد اجتماع المجلس التشريعي، وعلى ضوء نتائج المشاورات تتم دعوة رئيس السلطة الوطنية إلى إصدار المرسوم الخاص بدعوة المجلس التشريعي للانعقاد والبدء بممارسة مهامه المنصوص عليها في النظام الأساسي.

حول الموظفون
اتفقت الحركتين على تمكين اللجنة القانونية والإدارية المشكلة من حكومة التوافق الوطني من إنجاز المهمة المكلفة بها حسب ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني 2011م وتذليل كافة العقبات التي تعترض عملها، مع التأكيد على إنصاف جميع الموظفين المعينين قبل وبعد 14 حزيران 2007م وفق الأنظمة والقوانين التي تنظم عملهم، وحسب التوصيات التي ستتوصل لها اللجنة الإدارية والقانونية، وطلبت الحركتان من حكومة التوافق الوطني تأمين كافة الاحتياجات المالية المطلوبة لحل مشكلة رواتبهم حسب توصيات اللجنة القانونية والإدارية، كما تطالب الحركتان حكومة التوافق الوطني صرف مكافأة مالية للموظفين في قطاع غزة لحين انتهاء اللجنة القانونية والإدارية من عملها.

حول التحرك السياسي
أكدت الحركتين على التزامهما بوثيقة الوفاق الوطني عام 2006 بكل بنودها، وعلى هذا الأساس دعمتا التحرك والجهود السياسية الفلسطينية الرسمية التي تهدف إلى تحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني في هذه المرحلة والواردة في وثيقة الوفاق الوطني والممثلة في تحرير أرضه وإزالة المستوطنات وإجلاء المستوطنين وإزالة جدار الفصل والضم العنصري وإنجاز حقه في الحرية والعودة والاستقلال وتقرير مصيره بما في ذلك إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس، وضمان حق عودة اللاجئين الى ديارهم وتحرير جميع الأسرى والمعتقلين.

حول لجنة الحريات العامة
اتفقت الحركتين على دعوة لجنة الحريات العامة لاستئناف أعمالها في الضفة وغزة، والطلب من الحكومة تسهيل مهامها على أن تقوم اللجنة بمهامها بأسرع وقت ممكن.

حول لجنة المصالحة المجتمعية
اتفقت الحركتين على دعوة لجنة المصالحة المجتمعية لاستئناف أعمالها، والطلب من الحكومة دعم عملها وتوفير متطلبات نجاحها .

حول الانتخابات
أكدت الحركتين على سرعة تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات وفق ما ورد في الاتفاقيات والتفاهمات والتي كان آخرها إعلان الشاطئ 23 نيسان 2014م.

حول لجنة المتابعة
اتفقت الحركتان على تشكيل لجنة مشتركة من بينهما لمتابعة تنفيذ في هذه التفاهمات والاتفاقيات السابقة والعمل المشترك لتذليل العقبات التي تواجهه الحكومة في عملها.

سبعة عشر – اتفاق فصائل منظمة التحرير الفلسطينية مع حركة حماس لإنهاء الانقسام وتنفيذ اتفاقات وتفاهمات المصالحة الوطنية
بتاريخ 23 نيسان 2014م التقى وفد من منظمة التحرير الفلسطينية بوفد من حركة حماس في العاصمة المصرية القاهرة، لبحث إمكانية تنفيذ اتفاقات المصالحة الموقعة بينهما، واتفق الحضور على العديد من النقاط منها:

أولاً- التأكيد على الالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه في اتفاق القاهرة والتفاهمات الملحقة وإعلان الدوحة؛ واعتبارها المرجعية عند التنفيذ.
ثانياً- الحكومة: يبدأ الرئيس مشاورات تشكيلة حكومة التوافق الوطني بالتوافق، من تاريخه؛ وإعلانها خلال الفترة القانونية المحدد (خمسة أسابيع استناداً إلى اتفاق القاهرة وإعلان والدوحة)، وقيامها بالتزاماتها كافة.
ثالثاً- الانتخابات: التأكيد على تزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني؛ ويخول الرئيس بتحديد موعد الانتخابات، بالتشاور مع القوى والفعاليات الوطنية، على أن يتم إجراء الانتخابات بعد ستة أشهر من تشكيل الحكومة على الأقل. وتتم مناقشة ذلك في لجنة تفعيل منظمة التحرير في اجتماعها القادم، وإنجاز مقتضيات إجراء الانتخابات المذكورة.
رابعاً- منظمة التحرير: تم الاتفاق على عقد لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، لممارسة مهامها المنصوص عليها في الاتفاقات، في غضون خمسة أسابيع من تاريخه، والتأكيد على دورية وتواصل اجتماعاتها بعد ذلك.
خامساً- لجنة المصالحة المجتمعية: الاستئناف الفوري لعمل لجنة المصالحة المجتمعية ولجانها الفرعية، استناداً إلى ما تم الاتفاق عليه في القاهرة.
سادساً- لجنة الحريات: التأكيد على تطبيق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة، في ملف الحريات العامة، ودعوة لجنة الحريات العامة في الضفة والقطاع لاستئناف عملها فوراً وتنفيذ قراراتها.
سابعاً- المجلس التشريعي: التأكيد على تطبيق ما تم الاتفاق عليه بتفعيل المجلس التشريعي والقيام بمهامه.

ثمانية عشر – اتفاق جديد بتاريخ 12 تشرين أول 2017م
بعد عقد حركة حماس لمؤتمرها الخامس بتاريخ 3 شباط 2017م الذي فاز فيه "صالح العاروري" بمنصب نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، تجددت مساعي الحوار بين حركتي فتح وحماس وتم التوقيع على اتفاق جديد للمصالحة بتاريخ 12 تشرين أول 2017م في مبنى المخابرات المصرية راعية الحوار بتاريخ، وتضمن الاتفاق المذكور العديد من نقاط التفاهم المشتركة ومنها:

1- أن تعود السلطة الفلسطينية التي تتخذ من الضفة الغربية المحتلة مقرا، إلى ممارسة سلطتها الكاملة مجددا على قطاع غزة بحلول الأول من كانون الأول 2018م.
2- أن يتم نشر 3000 عنصر من الشرطة الفلسطينية التابعة للسلطة في قطاع غزة وعلى الحدود مع إسرائيل ومع مصر، وبهذا ستتولى السلطة في رام الله الإشراف على كافة المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل بحلول الأول من تشرين الثاني 2018م، بينما قد يأخذ تسليم معبر رفح على الحدود مع مصر وقتاً أطول من ذلك.
3- أن تتم تسوية ملفات الموظفين المدنيين الذين وظفتهم حركة حماس، في موعد أقصاه شهر شباط 2018، واعتمادهم بشكل كامل في سلم وظائف السلطة الفلسطينية، وتحويل أموال الجباية من غزة إلى خزينة السلطة في رام الله، وبموجب الاتفاق نفسه سيتقاضى الموظفون 50 في المئة من الراتب الذي ستمنحه لهم السلطة الفلسطينية أو ما يعادل ما تدفعه حماس لهم الآن لحين التحقق من مؤهلاتهم المهنية.

أمام ذلك ارتفع سقف التوقعات الفلسطينية بنجاح المحالولة هذه المرة، في ضوء التحديات المتعاظمة والمحدقة بالقضية الفلسطينية بعد فوز الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وإعلان انحيازه التام لصالح إسرائيل وبدء الهرولة العربية الرسمية لتطبيع العلاقات معها.

لكن هذا الاتفاق لم يكتب له النجاح أيضا ما تسبب ببدء رحلة جديدة من اللقاءات المارثونية العقيمة بين الحركتين في القاهرة، بسبب فشلهما في تطبيق ما اتفقتا عليه، في ضوء ذلك قدمت جمهورية روسيا الاتحادية في شهر تشرين ثاني 2018م مبادرة جديدة لإنهاء الانقسام، أعلن عنها نائب وزير الخارجية الروسي "ميخائيل بوغدانوف"، ولقيت كسابقاتها الترحاب المعتاد من قبل حركتي فتح وحماس.
النقاط المشتركة بين مبادرات وتفاهمات واتفاقات المصالحة
تزاملت مبادرات المصالحة بالتركيز على العديد من المبادىء والنقاط الأساسية ومنها، مقاومة جميع أشكال الحصار المفروضة إسرائيلياً وخارجياً، الحفاظ على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، بعيداً عن أي مؤثرات خارجية تهدف إلى العبث في الساحة الفلسطينية واستغلال أوضاعها، والتمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، اعتبارها لفصائل العمل الفلسطيني وقواه ركيزة أساسية لا غنى عنها لتدشين الإصلاح في جميع مناحي الحياة الفلسطينية، على قاعدة أن جميع فصائل العمل الفلسطيني وقواه هي ركائز للنظام السياسي الفلسطيني، تطبيقاً لمبدأ الشراكة السياسية في الاضطلاع بالمسؤولية وتأدية الحقوق والواجبات، وتصريف الحياة العامة، واعتبار الشرعية الفلسطينية كل لا يتجزأ ينبغي احترامه والالتزام به والعمل بموجبه.

موقف حركتي فتح وحماس من مبادرات المصالحة

موقف فتح
تعاطت حركة فتح بايجابية تامة مع معظم المبادرات الوطنية، وقبلت بلا شروط مسبقة تقريباً المبادرة اليمنية والقطرية والمصرية واتفاق مكة المكرمة.

موقف حماس
تعاطت حماس بايجابية ملحوظة مع المبادرات الوطنية، لكن بحماس أقل من حماس حركة فتح في قبول المبادرات نفسها، وأضافت تعديلات على الورقة المصرية ما أدى إلى تعطيلها، وقبلت اتفاق مكة والمبادرتين اليمنية والقطرية فوراً وبلا شروط مسبقة.

فشل مبادرات ولقاءات وتفاهمات المصالحة، والبديل المأمول
على الرغم من الجهود المضنية التي بذلتها الأطراف الساعية إلى إنهاء الخلاف بين (فتح وحماس) إلا أن جهودهم جميعا فشلت فشلاً ذريعاً، وقد أجمع العديد من متابعي هذه الظاهرة من ظواهر الفشل السياسي الفلسطيني على أن يأس الجهات التي أطلقت المبادرات من مراوغة (الحركتين) بسبب رغبتيهما الحقيقية في في التعايش مع الانقسام، كان أحد الأسباب الرئيسة لفشل مبادراتهم، بالاضافة إلى انحياز بعض المبادرات لطرف دون الآخر وافتقار بعض المبادرات للقدرة على إيجاد صيغة خلاقة يمكن أن تؤسس لواقع جديد، وأخيراً الفيتو الأمريكي والإسرائيلي على المصالحة الفلسطينية الداخلية.

يعني ذلك بأن الخلاف بين حركتي فتح وحماس مرشح لأن يستمر لسنوات طويلة قادمة، وهذا الوضع يبقي الباب مفتوحاً للمنافسة المدمرة بين الحركتين ولعب كل منهما في ملعب الآخر بقصد طرده والحلول محله فيه، وخاصة أمام الدعم الاقليمي والدولي المتباين لهما، فالسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس (محمود عباس) تشعر بالاطمئنان إلى مكانتها بسبب ضعف حماس العسكري في الضفة، واستمرار الملاحقة الأمنية لعناصرها، وتتصرف السلطة في رام الله على أن الوضع القائم في غزة غير قابل للاستمرار بسبب المشاكل الاقتصادية والعزلة السياسية المفروضة على حماس.
أما حركة حماس فإنها تشعر بالانتصار لأنها تغلبت على كل العراقيل التي وُضعت في طريقها، وتعتقد أنها قادرة على المواصلة، وأن الصمود سيكسر الحصار، وأن هذا سيُحسّن من شروطها في أي حوار قادم.
وبسبب طبيعة الانقسام الجغرافي بين غزة والضفة، وهيمنة الاحتلال الإسرائيلي على أراضي الضفة، فإن حماس لن تتمكن من التغلب على فتح في الضفة، كما أن طبيعة تنظيم فتح والمشاكل التي يعاني منها لن تُمكنه من استعادة مكانة حركة فتح في قطاع غزة، وبناءً عليه يُرجح أن يبق الوضع الحالي مسمراً ما لم تتدخل قوى كبرى لتغييره، ولا يظهر أن هنالك أي طرف قوي وكبير يمتلك الرغبة والقناعة والمصلحة لتغيير الواقع في غزة أو في الضفة. (المصدر - مصدر سبق ذكره، مبادرات المصالحة الفلسطينية منذ أحداث تموز 2007م إلى تموز 2008م مضمونها وإمكانات نجاحها)

الاستنتاجات

في ضوء ما تم سرده من معطيات وحقائق حول تعثر مساعي عقد راية الصلح بين حركتي (فتح وحماس) يصبح من الضروري التوقف ومن ثم التمعن في الأسباب الحركية الكامنة داخل اللحظة التاريخية التي تتشكل في ظلها العناصر المتجانسة والمتضادة في فلسطين وعبرها وحولها، وهي أسباب بالضرورة لم تساعد في اتمام المصالحة الفلسطينية، وهذا يدفع إلى تغيير السبل والطرق والأدوات المستخدمة لبلوغ الغاية المنشودة، وهذا ينسجم مع متطلبات العمل التي تستدعيها المتغيرات الكبيرة التي تشهدها المنطقة العربية، وهي اللحظة التي تصدرت فيها الجماهير العربية مشهد التغيير الناجح والمتعثر على حد سواء في الوطن العربي، ولأن جماهير الشعب الفلسطيني هي المستفيد الوحيد من تجسيد وتحقق الوحدة الوطنية وهي المتضرر الأول من غيابها، ولأنها المالك الوحيد لحق تغيير الموجود بقوتها الكاسحة التي تمنح الشرعية للفصائل وتنزعها عنها عندما ترى ذلك مناسباً، فهي مدعوة للخروج فوراً إلى الشارع (في الضفة وغزة والشتات) وتنظيم المسيرات الحاشدة في الشوارع والاعتصام في الميادين والساحات، والدخول في حالة من الاعتصامات المفتوحة والمتواصلة (على طريقة ميدان التحرير) المطالبة بالمصالحة بين فتح وحماس كمكون رئيسي من مكونات المشهد الوطني العام، والمبادرة إلى تشكيل فعاليات ولوبيات جماهيرية فاعلة، يشارك فيها الشباب والشابات والعائلات والمثقفون والنخب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفعاليات وعناوين المجتمع المدني الراغبة في العمل، ودعوة فلسطينيو الشتات للمشاركة في الاعتصامات أمام السفارات والممثليات الفلسطينية، ومكاتب الفصائل الفلسطينية أينما وجدت.

الاستنتاج الأول
هنا لا بد من التحذير من محاولات التضحية بقطاع غزة للإثبات بأن هناك انقسام غير قابل للالتئام بين الضفة وغزة، ودفن الوطن في حفرة النزاع القائم بين (فتح وحماس) وليس بين الضفة وغزة، علماً إن هذا (البحث) أستنتج بأن هناك وحدة حقيقة متجسدة بين أبناء الشعب العربي الفلسطيني في الضفة وغزة والشتات، والدليل على ذلك هو الهبات الصادقة التي تنظمها الضفة تضامناً مع غزة عندما يدركها الخطر، والهبات الصادقة والمخلصة التي ينظمها قطاع غزة عندما يسمع نداء الضفة الغربية المحتلة؛ وكلاهما لا يتأخرا عن نجدة فلسطينيو الشتات عندما يطلب منهم ذلك، وكل هذا لم يكن من تنظيم فصائل العمل الوطني، بل كادت تدخلاتهم غير المرحب بها وغير الموفقة أن تفشل التحرك الوطني الفطري العام الذي تبادر إليه الجماهير كونها مصدر هذه الوحدة الوحيد، وسيتلو ذلك مجموعة لا حصر لا من المكاسب الوطنية، وفي مقدمتها إعادة اكتشاف محددات الوحدة الوطنية، ووضع حد لإمكانية احتكار تطبيقات المفهوم من قبل حزب أو فصيل وطني بعينه، والتفرد بتفصيله لمفهوم الوحدة على مقاسه، وقطع الطريق على من يواصلون السير في درب تسخير المفهوم لخدمة أجندات خارجية على حساب الأجندة الوطنية.

ويرى (البحث) بأن الشعب العربي الفلسطيني لم ينقسم على نفسه في قطاع غزة والضفة الغربية، رغم ما حدث بين فصيلين رئيسيين لهما امتدادهما النسبي المتين داخل الشعب الفلسطيني، وإن وحدة الشعب الفلسطيني تشوهت لكنها لم تتضرر على المستوى البنيوي، لكن الفاصل الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة أظهر النزاع وكأنه انشطار قطعة جغرافية عن أخرى، كما أن وجود إسرائيل كفاصل جغرافي وسياسي وعسكري عنيد بينهما ساهم في تكريس هذا الانطباع، وهذا يعني بأن للوحدة الوطنية الفلسطينية شكلين من أشكال التجسد على الأرض، وهما:

1- وحدة فصائل العمل الوطني من عدمها، وهي تنشطر وتلتئم ضمن دائرة محددة من دوائر الاختلاف قوامها إدعاء كل فصيل بأنه يمثل المصالح العليا للشعب الفلسطيني، ولهذا لم نجد في أجندة أو برامج أي فصيل نيته سلخ جزء من الوطن والاستقلال به، وهذه هي نفسها ضامنة وحدة الديار المؤكدة في إطار التنافس على خدمة الوطن.

2- وحدة الشعب الفلسطيني الاجتماعية والدينية والقومية، الموجودة قبل الفصائل وبعدها، هي الموطن الأصلي للانتماء الفطري للوطن، وهي نفسها ميكانزم الوحدة المقيم داخل التربة الفلسطينية وتتوارثها الأجيال دون أن يكون لها إرادة أو شأن في ذلك.

الاستنتاج الثاني
انتماء الشعب الفلسطيني لأرضه أهم من ارتباطه بالفصائل، وهذا (متغير ثابت ومستقل) لا تمسه التقلبات أو الأضرار النسبية أو الكلية على مدار الزمن، وسيبقى هكذا إلى أن يشاء الله أمراً غيره، وهو على عكس (متغير الوحدة) الذي تمسه التغيرات والأضرار النسبية أو الكلية بين الفينة والأخرى، لأنه متغير تابع ومرتبط بمتغير الوطنية على الدوام.
لهذا السبب يمكن ملاحظة إن فصائل العمل الوطني مجتمعة لا تمثل إلا 45% من عديد أبناء الشعب الفلسطيني، وغالبية الشعب الفلسطيني لا تربطهم أي رابطة بفصائل العمل الوطني والإسلامي، أمام ذلك تبدو الحاجة ملحة لتجديد أو تبديل آليات التعبير عن وجود الوحدة الوطنية وتجسيداتها المختلفة فوق التراب الوطني الفلسطيني، والإعلان عن فشل أو تقادم المعايير الوصفية (الفصائلية) الدالة على وجود الوحدة الوطنية من عدمه بين أبناء الشعب الفلسطيني، وهي المعايير التي تتمسك بها العديد من فصائل العمل الوطني التي لا تتعدى نسبة تمثيل بعضها للناس 1% فقط أو حتى أقل من ذلك.

ومن نافلة القول، الإشارة إلى أن الفهم السابق والخاطئ لمفهوم الوحدة الوطنية وهو الذي تواطأت على تعريفه وتطبيقاته فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وساهمت فيه فصائل العمل الإسلامي التي برزت على الساحة مع نهاية ثمانينيات القرن العشرين، بما يخدم مساعي تلك الفصائل لحفر مكاناً مناسباً لها ضمن الموزايك السياسي الفلسطيني، أصبح منفصلاً عن الواقع ولا يعكس الحقيقة الاجتماعية والسياسية التاريخية الراهنة للشعب الفلسطيني.

بناء عليه يرى (البحث) بأن هناك فروق جوهرية بين مفهوم (وحدة فصائل العمل الوطني الفلسطيني) و (وحدة الشعب الفلسطيني) بمعناها الشامل والجامع لوحدة وتماسك وترابط المجتمع الفلسطيني، يعني ذلك بأن وحدة فصائل العمل الوطني أو عدم وحدتها لا تعني بالضرورة وحدة الشعب الفلسطيني من عدمها، فلكل من الحالتين المبينتين هنا دلالاتها الاصطلاحية وتستمد معياريتها من ذاتها، وتؤثر كل منها في الأخرى تأثير متفاوت وغير متساوي، أي إن وحدة الفصائل هي شكل من أشكال الوحدة الوطنية وأحد روافدها الرئيسة، ولكن غياب هذه الوحدة بين الفصائل لا تعني انعدام الوحدة الوطنية بين فئات وشرائح وطبقات الشعب الفلسطيني.
واختلاف الفصائل أو ائتلافها لا يعني بالضرورة انقسام الوطن، ودليلي على صحة هذه الحقيقة هو (مثال) عربي يمكن عرضه هنا للتقريب وليس للتشبيه وهو:
"عندما تناحرت الأحزاب السياسية اللبنانية فيما بينها قبل وخلال وبعد الحرب الأهلية اللبنانية، فإن ذلك لم يؤدي إلى تقسيم التراب اللبناني، ولا إلى انعدام وحدة الشعب اللبناني بمعناها الجيوسياسي".
وهذه الحالة من حالات التصارع بين الإخوة الأعداء لا تنتهي أبداً طالما بقي في الإنسان رمق من حياة، لكن يمكن لأدواتها أن تتبدل بين الفينة والأخرى، وهي تتراوح من الحوار إلى حسن الجوار إلى استخدام السلاح كشكل من أشكال النقاش العنيف بين الخصوم الوطنيين، لهذا السبب لن ينقسم الوطن الفلسطيني ولا الشعب الفلسطيني الذي فوقه، مهما تباينت مواقف فصائل العمل الوطني من موضوع ما.

الاستنتاج الثالث
يقدم لنا ما تم ذكره من تشخيص إضاءة قوية على المساحة المخصصة للجماهير لتبرز فيها دورها المتوقع في تجسيد وحدتها الفطرية حول هدف (تحرير الوطن وكنس المحتل عنه) وهو أمر يعبر بوضوح عن تجلي مظاهر الوحدة الوطنية التي تحتاج لتنقية من الشوائب التي تعكر صفاء تماسكها العام، والنابع من إحساس الناس بالتهميش والتحييد والظلم الاجتماعي، وهذا لن يتم إلا بتحركات واسعة النطاق للجماهير العريضة في الضفة الغربية وقطاع غزة والتعبير عن رأيها بكل ما يخص ويتصل بمصيرها، يعني ذلك بأن تعزيز الوحدة الوطنية بحاجة لإشاعة مناخ العمل الديمقراطي، والسماح للجماهير بحرية التعبير عن وجودها، لأن ممارسة الديمقراطية على أصولها هو موضوع تراكمي وتجريبي من قبل الشعوب الحرة، لهذا السبب نرى نضوجًا متفاوتًا في الأداء الديمقراطي ما بين شعب وآخر وأمة وأخرى، وذلك تبعاً لعراقة الوسيلة كمنهج وطريقة حياة مختارة ومتفق عليها.

إلى ذلك استنتج (البحث) أيضاً بأن الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة هو أقرب ما يكون للامساك بلحظة البداية في ضوء المتغيرات الكاسحة التي أطاحت بعض النظم العربية الحاكمة وكذا أحزابها المتحجرة بعد ثورة الياسمين في تونس عام 2010م، والتي أسست لعهد عربي جديد، رغم تعثر المراحل الانتقالية في غالبية الدول العربية التي قررت فيها الشعوب الخروج من تحت سطوة المستبد الوطني، وقوام هذا العهد تصدر الجماهير لمساعي صناعة تاريخها بيدها وتصميمها للتغيير الخاص بمستقبلها بوساطة قوتها الكاسحة، وتكاد تكون المحاولات العربية الراهنة من المحاولات النادرة في التاريخ، والتي تقترب من تجربة الثورة الفرنسية التي ابتدأت في عام 1789م، وانتهت تقريباً في عام 1799م، والثورتين البلشفية في روسيا عام 1917م، والإيرانية عام 1979م.

لذا فإن القوى والنظم التي لم تدرك بعد مثل هذا البعد في ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن، وما هو المطلوب منها تجاه شعوبها فإنها مرشحة للعزل بقوة الجماهير ومغادرة التاريخ بأبشع الطرق، وستتبلور سمات وصفات جديدة للشخصية العربية الموحدة بالهموم والعذابات وبسبل الانعتاق والخلاص من المستبد الوطني، وستكون ثورات الشعوب العربية وفي مقدمتها المصرية عملاً بطولياً يعول عليه ويعتد به من قبل باقي شعوب الأرض، وحدثاً فاصلاً بين عهدين مختلفين في تاريخ الأمة العربية المعاصر بما فيها تاريخ شعبنا الفلسطيني الذي منح شعوب الأرض ما يلزمها من حماسة الخروج إلى الكفاح، ومن فوائد خوض غمار هذا المعترك من قبل الشعب الفلسطيني ما يلي:

1 - إغلاق الطريق أمام محاولات بيع أو تجير الشعب الفلسطيني من خلال بعض نخبه الفصائلية.
2- بقاء قرار وحدته الداخلية بيده وحده، دون السماح لأحد التلاعب بها أو تعريضها للخطر أو عرضها للبيع .
3- الوصول إلى أرقى أشكال التجسيد للوحدة الوطنية، دون ذاتية الفصائل والأحزاب التي مس أدائها قصر النظر خلال العشرين عاماً الأخيرة.

آليات تعزيز الوحدة الوطنية وتجسيدها

للوصول إلى بناء آليات مرنة ومساعدة في تجسيد مفهوم الوحدة الوطنية ببعده الجماهيري العميق علينا تعزيز المشاركة الجماهيرية الفاعلة في مساعي تطبيق وتجسيد الوحدة الوطنية المُحدثة، لتتمكن من حقها في تجاوز (الفصائل) كخط إعاقة رئيس أمام اكتمال المشهد العام للوحدة الوطنية الفلسطينية، وهذه الورقة ترى بأن آلية فحص تحقق الوحدة الوطنية من عدمه يتم عبر المسارات التالية:

المسار الأول: الحياة الديمقراطية
تعد الديمقراطية كوسيلة عمل ومنهج للحياة السياسية والاجتماعية الركن الرئيس في آليات التعبير الجماهيرية المفضلة، لأنها تكفل للجمهور حق حريته المستمر في التعبير عن رأيه، وعندما يتحقق ذلك فإن الوحدة الوطنية ستجد لحضورها تعبيرات بليغة وقيمة يمكن الاعتماد عليها في استكمال بناء باقي مداميك الوطنية الفلسطينية المأمولة، وكل ذلك يبدأ من (صندوق الاقتراع).

المسار الثاني: المقاومة
مقاومة المحتل، هي المشكل الرئيس للوحدة الوطنية، حيث يتفق الكل الوطني على التضحية بالنفس من أجل الوطن، ويتوافق هذا الكل على تكريم الشهداء ورعاية الجريح وتحرير الأسير، وخدمة الوطن وبناءه بشراكة تامة، فالمقاومة هي التي توفر مناخ التجسيد النزيه والتام للوحدة الوطنية، وهي آلية قياس دقيقة لحضور الوحدة وتجسيدها.

المسار الثالث: الحق في تغيير الموجود
ما تقدم يعني أنه من حق وواجب الجماهير المشاركة في تجسيد الوحدة الوطنية، واستناداً لهذا الحق يمكنها الخروج فوراً إلى الشارع (في الضفة وغزة والشتات) وتنظيم المسيرات الحاشدة في الشوارع والاعتصام في الميادين والساحات، والدخول في حالة من الاعتصامات المفتوحة والمتواصلة (على طريقة ميدان التحرير) المطالبة بالمصالحة بين فتح وحماس كمكون رئيسي من مكونات المشهد الوطني العام، والمبادرة إلى تشكيل فعاليات ولوبيات جماهيرية فاعلة، يشارك فيها الشباب والشابات والعائلات والمثقفون والنخب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفعاليات وعناوين المجتمع المدني الراغبة في العمل، ودعوة فلسطينيو الشتات للمشاركة في الاعتصامات أمام السفارات والممثليات الفلسطينية، ومكاتب الفصائل الفلسطينية أينما وجدت.

مخرجات البحث وخلاصته

1- من حق وواجب الجماهير الفلسطينية المساهمة في تغيير الموجود، بصفتها المستفيد الوحيد من تجسيد الوحدة الوطنية والمتضرر الأول من غيابها، ويمكنها الخروج فوراً إلى الشارع (في الضفة وغزة والشتات) وتنفيذ برنامج ثوري قوامه:

أ- تنظيم المسيرات الحاشدة في الميادين والساحات.
ب- تنظيم الاعتصامات المفتوحة والمتواصلة (على طريقة ميدان التحرير) المطالبة بالمصالحة بين فتح وحماس كمكون رئيسي من مكونات المشهد الوطني العام.
ت- دعوة فلسطينيو الشتات للمشاركة في تلك الاعتصامات أمام السفارات والممثليات الفلسطينية، ومكاتب الفصائل الفلسطينية أينما وجدت.

2- هناك فروق جوهرية فعلاً بين مفهومي (وحدة فصائل العمل الوطني الفلسطيني) و (وحدة الشعب الفلسطيني) بمعناها الشامل والجامع لوحدة المجتمع الفلسطيني.

3- لكل حالة من الحالتين المبينتين أعلاه دلالاتها الاصطلاحية، وتستمد معياريتها من ذاتها، وتؤثر كل منها في الأخرى تأثير متفاوت وغير متساوي.

4- وحدة الفصائل هي شكل من أشكال الوحدة الوطنية وأحد روافدها الرئيسة، ولكن غياب هذه الوحدة لا يعني انعدامها بين فئات وشرائح وطبقات الشعب الفلسطيني.

5- وحدة فصائل العمل الوطني أو عدم وحدتها لا تعني بالضرورة وحدة الشعب الفلسطيني من عدمها.

6- اختلاف الفصائل أو ائتلافها لا يعني بالضرورة انقسام الوطن.

7- تكريس العمل بالمعايير الجديدة لرصد وتطبيق (الوحدة الوطنية الفلسطينية)، وهي (الحياة الديمقراطية والمقاومة والحق في تغيير الموجود) سيعزز مشاركة الجماهير في تجسيد الوحدة الوطنية على الأرض، وذلك كانعكاس لحجم حضورها ووجودها الطبيعي؛ واكتسابها تدريجياً لحق تجاوز (الفصائل) كخط إعاقة رئيس أمام اكتمال المشهد العام للوحدة الوطنية الفلسطينية.

8- التنافس بين فصائل العمل الوطني لا يمكن أن ينتهي أبداً طالما بقي في الإنسان رمق من حياة، لكن يمكن لأدواته أن تتبدل بين الفينة والأخرى، وهي تتراوح من الحوار إلى حسن الجوار إلى استخدام السلاح كشكل من أشكال النقاش العنيف بين الخصوم الوطنيين، لهذا السبب لن ينقسم الوطن الفلسطيني ولا الشعب الفلسطيني الذي فوقه، مهما تباينت مواقف فصائل العمل الوطني من موضوع ما.

9- التعريف الكلاسيكي لمفهوم الوحدة الوطنية يمكن اعتباره مثل (الخطأ الشائع) الذي تواطأت على ترسيخه فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، بما يخدم مساعيها لحفر مكاناً مناسباً لها ضمن الموزايك السياسي الفلسطيني، وهذا التعريف أصبح منفصلاً عن الواقع ولا يعكس الحقيقة الاجتماعية والسياسية التاريخية الراهنة للشعب الفلسطيني، وهو بحاجة لتصويب، لأن الوحدة الوطنية تجسدها الجماهير العريضة بكل أطيافها؛ وفصائل العمل الوطني تسهم في تعزيز الحالة الوطنية بصفتها جزء من المشهد الوطني العام، لذا فإن مفهوم الوحدة الوطنية الواقعي بتطبيقاته الطبيعية هو وحدة الجماهير وليس اتفاق الفصائل أو عدم اتفاقها.