السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ما بعد العدوان الأخير على غزة ليس كما قبله

نشر بتاريخ: 16/11/2019 ( آخر تحديث: 16/11/2019 الساعة: 15:12 )

الكاتب: جمال زقوت
نعم، ما قبل الثلاثاء 12 نوڤمبر هو ليس كما بعده ، ولن يكون .فقد انتقلت حماس بسلوكها أثناء العدوان لموقف بل و موقع سياسي آخر ، حيث تماهت بصورة واضحة مع مطلب نتانياهو و تركت حركة الجهاد تواجه مصيرها لوحدها ، وبالتالي أكدت لحليفها الوسيط و من خلاله لنتنياهو أنها جرءاً لا ينفصم عن الإخوان وحليفهما التركي و القطري، و أنها لم تعد ، أو لن تكون جزءاً من "محور المقاومة" التي تقوده طهران و يضم دمشق" التي حاولت إسرائيل إغتيال القيادي الثاني لحركة الجهاد في قلبها ليلة 12نوڤمبر" بالاضافة إلى حزب الله و الحشد الشعبي العراقي و الحوثي اليمني . عملياً أنه بنتيجة هذا الموقف و الممارسة العملية لحماس انتقل الانقسام من حالته الراهنة بين السلطة و المقاومة التي تقودها حماس في غزة إلى بعد انقسامي إضافي ، و هو الانقسام بين أجندات و مصالح أطراف و فصائل المقاومة ذاتها ، و هذا هو الانجاز الاستراتيجي الأهم الذي حققته إسرائيل بمساعدة وسيطها و حقيبة المال الشهرية، الأمر الذي يظهر الشعب الفلسطيني أمام نفسه أولاً و العالم ثانياً ، و كأنه أصبح مجرد مجموعات متشرذمة و بعضها خارج عن حاجة و رغبة المنطقة في الاستقرار ، و "لا بد من تأديبها" و "استئصال أشواكها" ، هذا ما يفسر الموقف الأوروبي الذي ليس فقط لم يوازي بين الضحية الفلسطينية وبين المحتل المعتدي الذي بدأ الطلقة الاولى باغتيال القائد في سرايا القدس بهاء أبو العطا، بل انحاز بصورة مخزية و تتناقض مع القانون الدولي ، بإدانة من أسماهم مطلقي الصواريخ دون تحميل إسرائيل أية مسؤولية ، حتى من جريمة الحرب التي اقترفتها و لاحقاً اعترفت إسرائيل بما أسمته "خطأها" المتمثل بقتل و إبادة عائلة بريئة من ثمانية أطفال وهي جريمة حرب مكتملة الأركان و تعبر عن حالة الإجرام الدفين الذي أراد نتانياهو أن يتركه في المشهد الأخير قبل وقف عدوانه بوقف إطلاق النار ، فالبيان الأوروبي تحدث رغم اعتراف إسرائيل بانه سيواصل التحقيق بها . هذه هي النتيجة الأخطر التي يتسبب بها الانقسام العنقودي ، دون أن تتحرك القيادة السياسية و معها الفصائل الفلسطينية بما تبقى لها من وزن و لقضيتنا من ثقل في الضمير العالمي لاعادة ترميم المشهد السياسي و مكانة قض شعبنا المتنامية في الضمير العالمي و لكنها المعزولة عن الأجندة السياسية الدولية ، و العمل لتوفير حماية جادة لغزة المستهدفة ،كرافعة للوطنية الفلسطينية و مشروعها التحرري، بتشظيها الراهن على الصعيدين السياسي و المقاوم، و أيضاً لحماية المدنيين العزل الذين يغتالون يوميا بدم بارد على حواجز الاحتلال بين مدن الضفة و في حواريها و أزقتها و آخرهم وليس أخيرهم شهيد العروب قبل العدوان على غزة بيومين فقط .هذا يستدعي عملاً مختلفا لوقف انهيار حالة الدومينو و الانقسام العنقودي المتسارع ، و إنقاذ المشروع الوطني لشعب و قضية تحرر لها حقوق وطنية ، و البحث عن وسائل وحدة جدية عاجلة و ليس الاستمرار بمناورات و كمائن مكشوفة تحولنا كل يوم إما لمجموعات فائضة عن حاجة المنطقة ب" الاستقرار" أو امجموعات أخرى خاضعة أو خانعة ليس لها وزن و لن يأخذ برأيها أحد . و في كل الأحوال إن لم تتحرك هذه القيادات قبل فوات الأوان فإن الشعب الفلسطيني لم يمد رقبته و قضيته للذبح على مقصلة الأجندات الفئوية ، و سيتحرك لحماية حقوقه و لعل بارومتر الحراكات الشعبية في لبنان و العراق ليست بعيدة عن نبض و روح الشعب الفلسطيني و ارادته بالتغيير ليس لشئ سوى مستقبله و مصيره الوطني .