الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

في ذكرى رحيل المناضل الوطني والقومي الكبير بسام الشكعه

نشر بتاريخ: 19/11/2019 ( آخر تحديث: 19/11/2019 الساعة: 18:12 )

الكاتب: تيسير خالد

في الثاني والعشرين من تموز الماضي رحلت عن عالمنا واستمرت في ذاكرتنا ووجداننا قامة سياسية وطنية وقومية شامخة. إنها بسام الشكعه، أبو نضال. واليوم نقف لنكرم هذا القائد الوطني الكبير، الذي عاصر مختلف مراحل النضال الوطني ومحطاته. فقد عاش في ظل الانتداب وكان له دوره في النضال ضد الاحتلال البريطاني والمشروع الصهيوني، وعاش سنوات النكبة وما بعدها وعانى لسنوات من البعد القسري عن نابلس، التي أحبته وكان صمام أمان لأهداف نضال شعبه، لم يتخلى يوماً عن شعبه وقضيته، وكان حضوره التاريخي وما زال يلهم أجيالاً تنظر إليه باعتباره ضميراً لشعبه.
كان الوطن حاضرا دائما في وعي المناضل الكبير وضميره وسلوكه بالتزام وطني واضح وفكر قومي ديمقراطي مستنير منفتح، وممارسة قائد يعلي من شأن الالتزام والصراحة والنزاهة والشفافية ويحط من شأن الفوضى والنفاق والفساد والفئوية، وهي مزايا نبيلة يشهد له فيها من اتفق ومن اختلف معه في الرأي.
اختلف المناضل الكبير كغيره من المناضلين والوطنيين الفلسطينيين مع السياسة الرسمية الفلسطينية وعارضها. ولكنه استمر يتمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية ويدافع عنها باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ويدعو الى الوحدة الوطنية وإصلاح البيت الفلسطيني من الداخل ومن اجل بناء نظام سياسي فلسطيني ديمقراطي تعددي تسوده العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، يحترم التعددية السياسية والحزبية وينبذ الفئوية، ويدعو إلى حماية الشرعية الوطنية
وعندما انتخب المناضل الكبير بسام الشكعة رئيساً لبلدية نابلس العام 1976 على رأس قائمة وطنية وشكل مع آخرين من ممثلي المؤسسات الشعبية والأحزاب التي نشطت في الأراضي المحتلة لجنة التوجيه الوطني، ذراع منظمة التحرير الفلسطينية، التي قادت النضال الفلسطيني ضد الاحتلال، بدأت تنتصب أمامه مهمات وطنية عظيمة وتعترض طريقه تحديات لا عد لها.
فقد وقف في مواجهة اتفاقيات كامب ديفيد، التي وقعها الرئيس المصري أنور السادات مع رئيس وزراء اسرائيل مناحيم بيغن عام 1979 وتحول المناضل الوطني الكبير أبو نضال وزملاؤه في البلديات وفي لجنة التوجيه الوطني إلى هدف ليس فقط للمنظمات الارهابية الصهيونية، بل وكذلك لحكومة اسرائيل وقادة جيش الاحتلال، فتعرض في 2 حزيران (يونيو) 1980 لمحاولة اغتيال وقف وراءها تنظيم ارهابي صهيوني سري معروف. وكان التواطؤ واضحا بين ذلك التنظيم الارهابي الصهيوني والدوائر الرسمية الاسرائيلية حسب ما جاء في رواية بنحاس فاليرشتاين، أحد كبار زعماء المستوطنين
وقع العمل الارهابي، الذي استهدف قادة البلديات وقادة العمل الوطني، وفي المقدمة منهم الأخ أبو نضال في الثاني من حزيران من العام 1980، في الساعة 6.10 انفجرت عبوة ناسفة في الخليل وأدّى الانفجار إلى إصابة سبعة من المواطنين. وفي الساعة 7.50 كان الهدف رئيس بلدية رام الله، كريم خلف، وبعد ربع ساعة جاء الدور على رئيس بلدية نابلس بسام الشكعه. ورغم هول الحدث، إلا أن القائد الكبير وقف شامخا وواصل المسير على امتداد السنين. نقول هذا حفاظا على الذاكرة الوطنية، على أمل أن تأتي لحظة تاريخية نكون فيها قادرين على مساءلة ومحاسبة قادة دولة اسرائيل على الجرائم، التي ارتكبوها بحق أبناء الشعب الفلسطيني وقياداته الوطنية.
كنت ازوره وأتواصل معه باستمرار تقديرا لدوره الوطني الكبير، وعندما كرمت جامعة النجاح الوطنية بقرار من مجلس أمنائها المناضل بسام الشكعة في احتفال حاشد ومنحته الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية في نيسان من العام 2013، كنت سعيدا أن القي في احتفال التكريم كلمة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
أخيرا وفي هذه المناسبة، التي يسكنها حزن شديد على فقده وفخر عظيم بتاريخه وسيرته النضالية ما احوجنا ونحن نحيي ذكرى رحيل المناضل الوطني والقومي الكبير بسام الشكعة الى الوحدة الوطنية الفلسطينية والى اجراء اصلاحات سياسية واسعة على نظامنا السياسي والى استنهاض شامل لطاقات الشعب الفلسطيني في الوطن وفي مناطق اللجوء والشتات والى التمسك بكل قوة وصلابة بالثوابت والمباديء، التي سار على هديها الراحل الكبير، من أجل توفير عناصر القوة والصمود على الأرض وعناصر النصر في صراعنا الطويل مع عدو ينكر علينا حقنا في الحياة وحقنا في الارض وفي الحرية والاستقلال .
*** عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
*** عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين