الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

أسباب وآثار "تكدس الشيقل" ووقف صرفه مقابل العملة الصعبة

نشر بتاريخ: 05/12/2019 ( آخر تحديث: 06/12/2019 الساعة: 21:10 )
أسباب وآثار "تكدس الشيقل" ووقف صرفه مقابل العملة الصعبة
بيت لحم- تقرير أحمد تنوح- معا- "قرار إسرائيلي يقضي بوقف عمليات صرف الشيقل مقابل عملات أجنبيّة في مناطق السلطة" عنوان لخبر تناقلته وسائل إعلام محلية وإسرائيليّة اليوم مصدره صحيفة "معاريف" العبريّة، سرعان ما نفته سلطة النقد الفلسطينيّة بالقول: "لا وجود أساساً لمشكلة اسمها تحويل الشيقل للعملات الأجنبيّة"، فما خلفيّة هذا القرار؟ وهل هو جديد أم قائم منذ زمن؟ وما هي تداعياته؟ وماذا يعني وقف تحويل الشيقل للعملة الصعبة؟.
أسئلة حاولت غرفة تحرير معا الحصول على إجاباتها للإحاطة بهذه القضيّة وتوضيح انعاكساتها على عجلة الاقتصاد المحلي والبنوك الفلسطينيّة وجيب المواطن.
وفي هذا السياق قال الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم إن هذا القرار نقل عبر وسائل الإعلام بشكل غير دقيق، فموضوع تحويل الشيقل إلى العملات الأجنبيّة أمر متفق عليه وفق اتفاق باريس الاقتصاديّ بين السلطة وإسرائيل، وما يحدث حالياً هو أنّ الأخيرة تقبل كمية من الشيقل أقل بكثير من المتفق عليها مما يؤدي إلى تكدس الشيقل في البنوك الفلسطينيّة، وعليه الموضوع ليس بجديد ولا علاقة له بقرار مقاطعة العجول الإسرائيليّة.

مصادر تدفقات الشيقل إلى السوق الفلسطينيّة
وأوضح لـ معا أنّ حدوث فائض في خزائن سلطة النقد من الشيقل ناجم عن دخول هذه العملة إلى مناطق السلطة عن طريق العمال الفلسطينيين في إسرائيل وتسوق أهلنا من أراضي الـ 48 في السوق المحلية، وأيضاً عن طريق أموال المقاصة التي تحول للسلطة بالشيقل، لافتاً إلى أنّ بعض البنوك في حوزتها مليارات الشواقل والمشكلة قائمة ولها انعاكستها.
وينص اتفاق باريس بشكل صريح على أنّ الشيقل عملة رسميّة متداولة ويحق للسلطة الفلسطينيّة اعادة الفائض منها إلى جهاز المصرف الإسرائيليّ للحصول على عملة أجنبيّة أو تغطية مصاريف وديون للجانب الأخر.
وأضاف عبد الكريم أنّ إسرائيل تتذرع أنّ الفائض من الشيقل في البنوك الفلسطينيّة أكثر بكثير من الكمية المقدرة عندها، وعليه تدعي أنّ هذا الأمر يثير الشك بمصدرها واحتمالية وقوع عمليات غسيل أموال أو دخولها من الخارج بطرق غير مشروعة.
وكانت صحيفة "معاريف" الاسرائيليّة أشارت إلى أنّ ما يسمى بـ"منسق أعمال الحكومة في المناطق"، كميل أبو ركن، أصدر تعليمات للبنك المركزيّ الإسرائيليّ تقضي بوقف عمليات صرف الشيكل مقابل عملات أجنبيّة في مناطق السلطة الفلسطينيّة، كجزء من "خطوات عقابيّة عقب قرار السلطة وقف شراء العجول من إسرائيل" مضيفة أنّ وزارة الماليّة الإسرائيليّة أعلنت أنّه "تم حل الأزمة".

حلول مقترحة لتكدس الشيقل و"أزمة الكاش"
وتحاول سلطة النقد حل مشكلة الفائض من الشيقل في البنوك المحليّة "أزمة الكاش" منذ زمن، وطرحت العديد من الحلول لذلك كان احدها أن يتم تحويل معاشات العمال الفلسطينيين في إسرائيل إلكترونياً، وبالتالي التخفيف من دخول الشيقل ورقياً إلى السوق الفلسطينيّة.
ويرى عبد الكريم أنّ هناك العديد من الحلول الأخرى المطروحة للتخفيف من تكدس الشيقل في البنوك المحليّة، من بينها دراسة اعتماد الدولار كعملة أموال المقاصة، ودراسة طرح عملة رقميّة فلسطينيّة تستخدمها السلطة، واعتماد نظام "الدولرة" أي أن يصبح تعامل واعتماد المواطنين أكثر على الدولار، لكن هذا الأمر صعباً في ظل التدفق الكبير للشيقل إلى مناطق السلطة بحكم العلاقة مع الجانب الإسرائيليّ.
ويظن الخبير الاقتصادي أنّ الأفضل حالياً هو التوصل إلى حل متفق عليه بين سلطة النقد وبنك إسرائيل ووضع خطة متوسطة المدى من (2- 3 سنوات) لتخفيف حجم الشيقل الورقي الذي يدخل إلى فلسطين والتحول إلى عملات أخرى.
وكانت سلطة النقد أصدرت بياناً اليوم الخميس أكدت فيه أنه لا وجود أساساً لمشكلة اسمها تحويل الشيكل للعملات الأجنبيّة، وأنّ مشاكل أزمة فائض الشيكل لدى البنوك العاملة في فلسطين هي روتينيّة، وتقوم سلطة النقد منذ عدة سنوات بمعالجتها بنجاح، وأن هذا الأمر غير مرتبط بأي أزمات أخرى.

تأثيرات وانعكاسات تكدس الشيقل في البنوك الفلسطينيّة
ولتكدس عملة الشيقل في البنوك الفلسطينيّة على حساب العملات الأجنبية العديد من التأثيرات على الاقتصاد المحليّ والاحتياطيّ النقدي، وفقاً لما قاله الخبير الاقتصادي والمالي د. طارق الحاج من بينها تقييد امكانية الفلسطينيين الإستيراد من الخارج بسهولة وحرية؛ لأنه ذلك لا يتم إلا بالعملات الصعبة على عكس عملية البيع في الداخل بالشيقل.
وأضاف الحاج في حديث لـ معا أنّ جانب أخر من التأثير يطال المواطنين والشركات الفلسطينيّة الذين لا يستطيعون تحويل الأموال إلى الخارج بغرض تسوية حسابات أو دفع مصاريف علاج أو دراسة، إلا بالعملة الصعبة، والأمر الثالث هو أنّ الاحتياطيّ لدى سلطة النقد الفلسطينيّة في البنوك المركزية يكون بالذهب والعملات الصعبة، وسلطة النقد حين تستخدم أدوات نقدية بتعاملها مع البنوك تتقاضى بدل ذلك شيقل إسرائيل تحوله إلى عملة صعبة للاحتفاظ بالاحتياطيّ النقدي، وبالتالي عدم تحويل الشيقل للعملة الصعبة يمثل مشكلة على الاحتياطي.
وتطرق الحاج في حديثه إلى أثر رابع ينعكس سلباً على الميزان التجاري الذي يتعرض لخلل في حال عدم الحصول على عملة صعبة بدل الشيقل وبيعها.
ويرى أنّ إسرائيل تتعامل بحذر مع قضية تكدس أو احتجاز الشيقل في البنوك الفلسطينيّة للحفاظ على العملة وعدم تأثر عجلة الاقتصاد الإسرائيلي سلباً، من خلال ضمان استمرار التداول ودوران المال في السوق.
وتفرض سلطات الاحتلال إجراءات أمنيّة مشددة على عمليات شحن الشيقل من الأراضي الفسطينيّة الى داخل إسرائيل، إذا يمنع التعامل بالنقد في المعاملات التجاريّة، بما فيها دفع الأجور، بمبالغ تزيد عن 11 الف شيقل، والاستعاضة عنها بوسائل الدفع الإلكترونيّة، بهدف محاربة التهرب الضريبي، وغسل الأموال، والتجارة غير المشروعة، وتداول العملة المزورة، اضافة إلى تقليل تكلفة إدارة النقد، ما يعني تكدس النقد في خزائن البنوك.