الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها ... انتظرته ... وسيعود

نشر بتاريخ: 21/03/2011 ( آخر تحديث: 21/03/2011 الساعة: 19:29 )
بيت لحم- تقرير معا- أجمل الأمهات التي انتظرت إبنها ... أجمل الأمهات التي انتظرتُه ... وعاد مستشهداً ... فبكت دمعتين ووردة ... ولم تنزوِ في ثياب الحداد ... أجمل الأمهات التي انتظرته وعاد...أجمل الأمهات التي عينها لا تنام ... أجملهن هي الأم الفلسطينية أم الشهيد والأسير، التي لا ينهض العيد عندها إلا للحنين وللحزن ليصير العيد هاتفاً وصوتين، تصريحاً بزيارة سجين، أو إبريق ماء يرطب رخام قبر الفقيد.

شبكة "معا" الإذاعية ومن خلال برنامج "على الطاولة" جعلت من هواءها فضاءً رحبا لأمهات الأسرى والشهداء في يومهن، ليعبرن عما يختلج في الصدور،
أم عكرمة والدة الشهيدين نهاد وعلى أبو حجلة من محافظة سلفيت تحدثت بصوتها الحزين والذي لا يعترف بأن البيوت تموت إذا غاب سكانها.

أم عكرمة غالبت الدموع كلماتها وتوجهت بوصية أبنائها الشهداء للمطالبة بالحرية من عتق الانقسام وظلمه، ورأت انه الكفيل بإعادة البسمة على محيا الشهداء الذين ضحوا من أجل الوطن وتحريره ، وإعادة الأمل لتوحيد الصف في مواجهة الاحتلال.

أما أم الشهيد محمود المغربي والأسيرين احمد وعلي من مخيم الدهيشة في بيت لحم واللذان يمضيان أحكام بـ 18 مؤبد ومؤبدين على التوالي، لا تكفي الكلمات لرسم حريقها المندلع من ظلم التاريخ، فهي تقول أن الأم الفلسطينية تحمل في هذه الأيام هما اكبر من هم البيت والعمل، فالخوف على الوطن العربي وما يحدث فيه من تقسيم أصبح يخيف كل الأمهات.

ام أحمد توجهت للقيادة الفلسطينية في رام الله وغزه، ودعتهم لرص الصفوف وتوحيد الكلمة، وتوجهت للعالم العربي والدمع في مآقيها "أغيثوا أهل ليبيا وارحموا أهلها ولا تجعلوها وحيدة تواجه خطر التقسيم كما حدث في العراق".

وتضيف "الأسرى تحولوا إلى مادة يجف حبرها كلما فشلت التجارب وانقلبت المراحل... وقد أن الأوان ليقوم المسؤولين في الوطن بواجبهم لإنهاء قضية الأسرى فهي أمانة في أعناقهم، ليعودوا إلى أحضان أمهاتهم في العيد القادم".

من جهتها، توجهت أم الأسير أمين أيمن من قلقيلية برسالة الى الأسرى ودعتهم إلى الصبر والمرابطة وتمنت ان يعود هذا اليوم في العام القادم وقد تمكنت من رؤية وعناق فلذة كبدها.

أما ام الأسير نضال زلوم من رام الله تخبرنا وتعتصر قلوبنا لوعة بصوتها المتهدج عن معاناتها التي لا تنتهي منذ اعتقال نضال ابنها البكر في 1989م، وحتى اليوم فتقول: "منذ اثنين وعشرين عاما وأنا اقطع المسافات الطوال وقد هدني المرض لأرى نضال وكل مرة اشعر فيها بالحزن والرثاء لحاله أجده صامدا قوياً ويشدني من حزني وألمي لفراقه بابتسامته ومعنوياته .... وتضيف: أملي بالله وبالغد موجود ولا بد أن أرى فلذتي كبدي مهما طال الزمن".

بدورها ترى أم جميل والدة الأسيرة دعاء الجيوسي من طولكرم والمعتقلة من 7/6/2002، وصاحبة الحكم الأعلى بين 37 أسيرة فلسطينية، والمحكومة بالسجن ثلاثة مؤيدات واثنان وثلاثين عام، بأن دموعها لم تجف وما زالت تنهمر منذ تسع سنوات ،عندما اعتقلت قوات الاحتلال ابنتها، وتضيف أم جميل"أن العمى يكاد يصيب عينيها من شدة البكاء على فراق دعاء" كما أن الفرح لم يعرف إلى قلبها طريق، وهي تعد الأيام والساعات والدقائق حتى ترى ابنتها ترسم قبلة على خديها في عيد الأم القادم إنشاء الله.

أما "أم بكر" أم الأسرى الأربعة والأحفاد الاثنان في سجون الاحتلال والمحكومين بـ 700 عام في المجموع، ترى من خلال كلامها انه وبالرغم من تلك الأحكام الجائرة والخيالية والتي لا يقبلها المنطق ولا يصدقها العقل إلا أن معنويات الأم الصابرة الصامدة تشمخ في علوها وتتصخر وتتفولذ في صلابتها ومتانتها وإيمانها الراسخ بعدالة وقداسة ما فعله أبناءها الأسرى لأجل وطنهم الأسير تحت الاحتلال.

وتشارك أمونة عبد ربه، والدة الأسير عيسى عبد ربه من مخيم الدهيشة في بيت لحم، مثيلاتها من أمهات الأسرى الأمل بإطلاق سراح ابنها الذي أمضى 27 عاما داخل السجون.

وقالت عبد ربه والتي واصلت الليل والنهار، وسنة وراء سنة وهي تلاحق ابنها من سجن الى سجن، لم تنقطع عن زيارته، مشحونة دائما بالأمل: لن يغلق السجن على احد، و لم أترك اعتصاما ولا إضرابا عن الطعام ولا مسيرة تضامنية مع الأسرى إلا وشاركت فيها ورفعت صوتي مع سائر الأمهات للمطالبة بإطلاق سراح الأسرى وإنهاء معاناتهم.

لقد كبرت أمونه في السن، وأصابها المرض، ولم تعد قادرة الآن على الحركة إلا على كرسي متحرك، ومع ذلك تصرّ أن تذهب إليه في كل زيارة قائلة: سأراه حتى الرمق الأخير، لن أغيب عنه ولن يغيب عني..

أما ام الشهيد الصحفي عماد ابو زهرة ، شهيد القلم الحر والذي استشهد عام 2002 أثناء تغطيته لأحداث مدينة جنين، وهي التي تتذكر كل يوم أثناء توجهها للجمعية النسائية الثقافية للتراث الشعبي التي ترأسها، فلذة كبدها الذي ساهم في تأسيس هذه الجمعية، وتطالب ان تتمسك المرأة والأم الفلسطينية في عيدها بكل أمل لتبقى منبع العمل والعطاء في هذا الوطن، فالأمل والعمل هو عصب الحياة كما ترى.

من جانبها لا تنسى أم الأسير شادي ابو شخدم وشقيقة الأسير وائل من الخليل، يوم الحادي عشر من اذار من عام 2002 وهو اخر عيد للأم رأت فيه ولدها، وقبل عشرين يوم من اعتقاله، عندما أهداها باقة ورد، حفظتها وبقيت على العهد معها، حتى عندما هدم منزلها، فتركت كل أغراضها بين الركام وبحثت عن باقة الورد حتى وجدث وردة واحدة منها ما زالت تحتفظ بها حتى ألان ذكرى لولدها الذي تحن كباقي الأمهات لرؤيته واحتضانه.

هي الام الفلسطينية باقية ... عين للوطن حارسة، ونبراس العطاء، وثوب الحرية تتجاوز المستحيل والأساطير ... هي "أجمل الأمهات التي انتظرت إبنها...انتظرتُه، وسيعود مهما طال الزمن على جنة الارض أسيرا أو في جنة السماء شهيدا".