السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

كتب المحرر السياسي: الهَدّافْ...!

نشر بتاريخ: 28/09/2011 ( آخر تحديث: 29/09/2011 الساعة: 20:27 )
بيت لحم- معا- كتب ابراهيم ملحم- كنَسْرٍ يلاحقُ فريستهُ حتى عَتْمةِ الليل، أو كشَاعرٍ غَجَريٍ لا يتقيّدُ ببياضِ الورقِ، أو كطائرِ الفينيقِ الطّالعِ من تحتِ رمادِ احتراقه، أو كمهاجمٍ يُجيدُ اللّعبَ على حوافّ الخّطر، ومُزاحمةِ الكبارِ، ومُجابَهةِ التيّارِ، حين البأسْ، والقيامِ بعملياتِ إنزالٍ خلفَ خطوطِ الطولِ والعرضِ، للإفلاتِ من رقابةِ خصمٍ لدودِ، يجيدُ المُراوغةَ وتجاوزَ الحدود، أو مُخَاتَلة حَكَمٍ منحازٍ يَتَلَمّظُ لحظةً يَكبَحَ جِمَاحَ اندفاعهٍ لآحَتْ على ضفافِ حلمٍ عظيم.

انطلق اللاعبُ المحترفُ يصولُ ويجولُ ملتزماً بقوانينِ اللعبِ كاظماً غَيظَهُ، معتصماً بصبرٍ جميلٍ من خشونةٍ زائدةٍ مُستَفِزةٍ، مقدماً أداءً مُدهشاً، أمامَ خصمٍ مخادعٍ يعترضهُ حيناً ويحاصرهُ ويطرحهُ أرضاً كلما اقتربَ من هدفٍ أو لآمسَ ضفافَ حُلم.

حَسِبُوهُ عَيِيَ اللسانِ يَلْثَغُ بالاحرفِ ولا يتقنُ فنَ الكلامِ ولا يعرفُ فنونَ اللعبِ ولا أصولَ السلامِ.... حسبوهُ طفلاً يُولَدُ ويفقدُ ذاكرتهُ إذْ يَكبرْ.

كَبُرَ الطفلُ حتى صار زعيماً محترفاً، وصار الصمتُ عِندَهُ لغةً، خَبِرَ خططَ خصمهِ والاعيبهِ ومراوغاتهِ مثلما خَبِرَ مَكرَ الحكمِ وانحيازِه.. خصمٌ راحَ يتجاوزُ القوانينَ مرةً تلو مرةٍ دون لومٍ أو تقريعٍ أو حساب.

راح يلاعبُ الكرةَ حينا وتلاعِبُه، يخاتِلُها وتخاتِلُه، يَذرعُ الأرضَ حتى تُخومِ الخطرِ، يستعيدُها كلما أفلتت منهُ، بهدوءٍ ودهاءٍ يستفزُ الخصومُ ويبهرُ جمهوراً ملأَ المدرجاتِ من جميعِ الجنسيات.
| 147735|

ظلَّ الجمهورُ يحبس انفاسَه حتى الدقيقة تسعين يخشى من تعثرٍ بين أقدام الخصوم أو تراجع في لحظة ضعف من ضراوة الهجوم.

كانت الدقائقُ تمضي كأنها ساعات قبل أن يندفع اللاعبُ المحترفُ كجلمودِ صخرٍ حطه السيلُ من علٍ يخطفُ الكرةَ من بين أقدامِ المراوغينَ والمخاتِلين والظّانّين به ظن السوء، ليسجل هَدفاً أشعل المدرجاتِ بالتصفيقِ وسطَ ذهولِ الخصومِ الذين راحوا يتلاومونَ ويتبرمونَ من انحيازِ الجمهور إلى الأداء الجميل... هدفٌ لن يُلغِيَهُ حَكَمٌ لو أن جَدَّه رضيَ أن يظلَ عَبداً لمَا اصبحَ اليومَ رئيساً.

تقتضي الحكمةُ أن نعزز الهدفَ بآخر جديد يصلّبُ خطوطَ الدفاع أمامَ عملياتِ تسللٍ من مخاضاتٍ أو مناطقَ رخوةٍ ....فهلْ نُكمِلُ الوحدةَ؟.