الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

كما لو كنتُ أدري

نشر بتاريخ: 25/03/2015 ( آخر تحديث: 25/03/2015 الساعة: 11:45 )

الكاتب: بهاء رحال

(1)
بعد عشرينَ عاماً..
ستبقى تَذكرُ اسمي.. وتذكرُ أشياءَ
كانت بينَنَا .. سَتبتسِمُ في السرِّ كلما مَرَّ
اسمي أمامَها وتطبعُ قُبلةً على صدرِ القصيدةِ

(2)
بعد عشرينَ عاماً..
سأقول لِطفلتي.. اعطني يدَكِ الصغيرةَ
وخُذي الحكمةَ منَ الأرضِ ومنْ لونِكِ القمحيِّ
ورتِّبي أحلامَكِ في فصلِ الخريفِ ..
ونامي كَغزالةٍ لا تشفى منْ مرضِ الحنين

(3)
بعد عشرينَ عاماً..
سأقولُ إنَّ قصيدتي كانت بدويةً
منْ ملحِ الأرضِ منْ صحراءِ الجنوبِ
ورائحةِ العُشبِ..
غجريةً منْ سماءِ قلبي.. منْ سوادِ اللَّيلِ
المُعتِمِ في فراغِ غُربتنا..
ريفيةً كأسرابِ الحمامِ المُهاجرةِ تَحُطُّ
في المكانِ.. شرعيةً كأغنياتِ الصباحِ..
مدنيةً كمطرِ الشمالِ.. دافئةً كحضنِ يافا..

(4)
بعد عشرين عاماً..
يُولدُ طفلٌ يَحترفُ الكتابةَ، يخرجُ
من أرض الكلماتِ ويُبعثُ للحياةِ
ليُكحِّل حاضِرَنا.. سيكونُ له أخٌ
وللأخِ أختٌ وُلِدت قبلَ وفاةِ والِدَتِها
بثلاثين يوماً فكانت يتيمةَ حَظِّها

(5)
بعد عشرين عاماً..
ستُولدُ فكرةٌ ويتسعُ جُرْحُ القَصيدةِ
وتَكبرُ في أرضِ الكلامِ أغنيتي

(6)
بعد عشرين عاماً..
سنلتقي ولو سراً تحتَ مطرِ المدينةِ
وبين غيمتينِ على أطرافِها ..

(7)
بعد عشرين عاماً..
سأتَّكئُ على وِسادةِ الذكريات
وسأرى الماضي البعيدَ عارياً أمامي
وسأضحكُ كثيراً في مشهدِ الأيامِ
عندما تكونُ العلاقةُ بيننا واضحةً
بلا ضباب ..


(8)
بعد عشرين عاماً ..
سيدخلُ قلبي إلى حياةٍ في الفراغ
وسيراني البعضُ كهلاً يحملُ أفكارَ
الحياةِ القديمةِ وتقاليدَها.. سأكونُ
في نظرِ الأجيالِ القادمةِ مُعقدَ الفكرةِ
لكنني ربما أَصيرُ شاعرَهُم

(9)
بعد عشرين عاماً..
قد أموتُ أو أحيا وقد لا أصيرُ شيئاً
ولا يصيبني أيُ مرضٍ.. هكذا تقولُ
الحكمةُ.. مَن يَمرضُ في الصِغَر ولا
يموت، يحيا طويلاً بالمرض ..

(10)
بعد عشرين عاماً..
ستأتي طفلتي في سنِّ الشبابِ
لتسألني عن واقعٍ، يكونُ مختلفاً
قد لا أُجيدُ الإجابةَ .. وقد لا تفهمُ كلامي

(11)
بعد عشرين عاماً..
يسدلُ الستارُ على عمرٍ سريعٍ
لم يكنْ فيه وقتٌ يتَّسعُ لكلِّ ما
مضى في زحمةِ البدايات..

(12)
بعد عشرين عاماً..
سأَسألُ فيما تبقَّى ليَ منْ حياةٍ
كيفَ لِعُمرٍ واحدٍ أن يجمعَ كلَّ هذهِ التفاصيل؟؟
كيفَ يستقيمُ القلبُ القتيلُ إلا بالموتِ؟
كيفَ نحرسُ أحلامنا كي لا تضيعَ لهفةُ الحياةِ
في زَحمةِ العُمرِ ؟

(13)
بعد عشرينَ عاماً..
سَأتلُو وَصيَّتي الأخيرةَ عليكم
لا تكسروا لغةَ الحنينِ بينكم بل واصِلوا الحبَّ
بجدارةِ عاشقٍ ولو أتعَبَكُم..
وتمرَّدوا على خطى الواقعِ.. ساعةً في الشمسِ..
وتذكرّوا أنَّ للحُلمِ ... بقيةً