الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

G P S

نشر بتاريخ: 25/03/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:09 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

نظام التموضع العالمي G P S موجود ومتوفر في معظم دول العالم باستثناء فلسطين ، وقد فهمت ان اسرائيل وضعت ثلاثة شروط على السلطة قبل ان تسمح باستخدام هذا النظام ، اي ان حكومات اسرائيل تبتز الفلسطينيين سياسيا مقابل استخدام التكنولوجيا المدنية . تماما مثلما تفعل مع نظام ال3 جي .
وبعد جلسة مثمرة حظيت بها مع مدراء عامو مجلس المرور ،  فهمت ان المدن والمناطق الفلسطينية تحتاج الى كثير من التأسيس المدني قبل دمجها في تكنولوجيا الشوارع وانظمة السير والسجل المدني ، ومثل غيرها من الملفات يجب ان تكون هناك جهة قرار معروفة وخاضعة للرقابة والمحاسبة - في حين يبدو  مجلس المرور جزء من وزارة المواصلات ، استشاريا اكثر منه جهة قرار ولا يزال يصطدم بتفرد بعض البلديات والوزارات بالقرار .

خلال زيارتي الاخيرة لجنوب افريقيا لم ينقصنا سوى استئجار سيارة وتولى نظام التموضع الباقي ، فهو يأخذك الى اي عنوان واي مكان دون عناء ، وكذلك حين شراء نظام جي بي أس فهو يشمل بخرائطة وعناوينه التموضعية جميع بلدان قارة افريقيا بما في ذلك مصر والقاهرة . وفي الاردن يمكن شراء نظام جي بي اس في السيارة بمبلغ يصل الى 150 دينارا اردنيا ويشمل على جميع خرائط السير والسياقة في المملكة . في اسرائيل لا يزال وزراء نتانياهو من اليمين يحاولون تغيير اسماء المدن والقرى العربية وهذا هو همهم الوحيد ولم يقدّموا اي تطوير على نظام الشوارع والمدن منذ عشر سنوات .

وفي فلسطين لا يزال الاحتلال يبتزنا من اجل قضايا مدنية وذلك خلافا لكل الثقافات والاعراف الانسانية ، فاشترطت اسرائيل على السلطة ان تكون الاسماء والعناوين للمنازل والمدن باللغة العبرية اضافة للانجليزية والعربية ، كما اشترطت ان تكون اسماء المستوطنات في نظام الجي بي أس ، واشترطت ان لا تتدخل السلطة بالمناطق العسكرية والمعسكرات التابعة للجيش !!!!!
عمل وتشغيل نظام G P S يستلزم تسمية جميع الشوارع في جميع المدن والقرى والمناطق ، ويستلزم عنونة جميع البنايات والمنازل والمزارع وترقيمها ، وربط ذلك بسجل مدني مركزي في الدولة ومع الاقمار الاصطناعية . شركة جوال حاولت استخدام ما يتوفر من نظام التموضع في بعض الهواتف لكن الامر بدا تراجيديا اكثر منه تجربة ، فحين تصل سيارتك الى مناطق جيم ينقطع الاتجاه ، وكذلك حين تصل الى مستوطنة معالية ادوميم مثلا يسكت الجهاز ويفقد البوصلة !!!!

تحدثت مع الاخ عمار العكر رئيس مجموعة الاتصالات قبل كتابة هذه المقالة وقام بتوضيح الكثير من القضايا المهمة لي ، كما تشرفت بالحديث مع نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد الدكتور محمد مصطفى ووعد بطرح الفكرة على المحافل الدولية والبنك الدولي من اجل انتزاع حقوقنا المدنية في استخدام التكنولوجيا .

المأساة الحقيقية هي انك في العام 2015 تريد السياقة من رام الله الى عكا ، او من جنين الى غزة وانت تحتاج العنوان الذي تريد الذهاب اليه ( فيزيكال أدريس - العنوان التموضعي ) ولو بدانا الان بتأسيس وعمل هذا النظام فاننا نحتاج الى عشر سنوات لاتمامه بشكل متطور وحديث ، ولا يبدو ان هناك مدن فلسطينية جاهزة لتشغيله سوى مدينة الخليل فقد قامت بلديتها بتأسيس البنية التحتية لبناياتها وطرقاتها منذ سنوات . ولكن اسرائيل تمنع الفلسطينيين وتمنع نفسها من هذه التكنولوجيا بحجة الامن ومحاربتنا . انه غباء ما بعده غباء .