الأربعاء: 17/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

نواب القدس ووزيرها الأسبق.. عزلة وغربة وإقامة جبرية

نشر بتاريخ: 05/05/2015 ( آخر تحديث: 05/05/2015 الساعة: 23:27 )
نواب القدس ووزيرها الأسبق.. عزلة وغربة وإقامة جبرية

القدس- تقرير معا- أن تعيش في داخل وطنك وفي غربة عنه.. أن تعيش مقيداً دون هوية أو وثيقة..أن تمنع من التحرك والتنقل خارج مدينتك، هذا هو حال نواب المجلس التشريعي عن القدس، نواب يعاقبون لأنهم أبناء مدينة القدس.

فبعد انتخاب النواب عام 2006 وهم ( محمد محمود أبو طير، وأحمد محمد عطون، ومحمد عمران طوطح، ووزير القدس الأسبق خالد أبوعرفة)، قرر وزير الداخلية الاسرائيلي آنذاك سحب الهوية المقدسية من منهم، بحجة "عدم الولاء لدولة اسرائيل"، ثم تم اعتقالهم مع مجموعة من النواب والوزراء، وحكم عليهم بالسجن وقضوا كامل محكوميتهم، وفي اعقاب الافراج عنهم تم استدعائهم وصادرت الشرطة وثائقهم الثبوتية، وسلمتهم اشعارات بمغادرة المدينة، واصرارا على بقائهم في المدينة اعلن النواب عام 2010 اعتصامهم داخل مقر الصليب الأحمر في القدس وواصلوا الليل بالنهار لعدم الخروج من المدينة، حتى تم اقتحام المقر مرتين من قبل الوحدات المستعربة والقوات الخاصة وتم اعتقالهم عام 2012.

ومنذ ذلك الوقت (عام 2006) أصبحوا رهينة الهوية، يعانون من العزلة والغربة وعدم وجود أي وثيقة تمكنهم من التنقل خارج مكان اقامتهم الحالي (مدينة رام الله)، لكنهم لم يستسلموا لقرار سحب هويتهم، وقاموا بالاستئناف في المحاكم الاسرائيلية، وما زالت القضية في أروقة المحاكم، وطوال السنوات الماضية عانى نواب القدس وعائلاتهم من الترحال الدائم وعدم الاستقرار خاصة بعد اعتقالهم عدة مرات أثناء وجودهم رغم الابعاد.


محامي النواب...
وأوضح محامي نواب القدس فادي القواسمي لوكالة معا أن المحكمة الاسرائيلية العُليا قررت توسيع هيئة القضاة من 3 قضاة الى 9، للنظر في قضية نواب القدس، وأجلت المحكمة العليا الاسرائيلية اليوم الثلاثاء البت في قضية "سحب إقامة وإبعاد نواب".، وخلال جلسة اليوم لمح القضاة أنه من الأجدر بوزير الداخلية الاسرائيلي التراجع عن قرار سحب الاقامة وإبعاد النواب والوزير .


وأوضح القواسمي انه ومنذ 9 سنوات وبعد تقديم الاعتراضات على قرار وزير الداخلي القاضي بسحب هويات نواب ووزير القدس، تم عقد ما يزيد عن 8 جلسات للنظر في الاستئناف الذي قدم ضد القرار والذي لا يستند لمسوغات قانونية ويتناقض مع القانون الدولي.

ولفت القواسمي أن نواب القدس وزيرها الأسبق ومنذ 9 سنوات ليس بحوزتهم هوية أو وثيقة تمكنهم من التنقل حتى داخل الأراضي الفلسطينية، لافتا ان القانون الدولي يمنع أي دولة أن يكون أحد من مواطنيها دون أي وضع قانوني، واسرائيل موقعة على هذا القانون، ورغم ذلك يعيش النواب دون "أي وضع قانوني".

وأضاف ان السلطات الاسرائيلية وبعد سحب الهويات صرحت حينها بأنها ستعطي النواب الهوية الفلسطينية، - رغم رفض النواب واصرارهم على استرجاع هويتهم المقدسية-، الا ان سلطات الاحتلال تتجاهل تصريحاتها.

النائب أحمد عطون "غرباء في بلادنا"
نائب المجلس التشريعي أحمد عطون وصف حياته منذ عام 2006 "بالشتات الحقيقي" حيث قضاها متنقلا بين السجن والاعتصام داخل الصليب الأحمر والابعاد الى الضفة وفرض الاقامة الجبرية عليهم، وقال :"مرت 9 سنوات والقضية لا تزال عالقة وخلال هذه السنوات لم يلتئم شمل عائلتنا بسبب الملاحقات والقيود الإسرائيلية، فأطفالي كبروا وأنا بعيد عنهم ، وأنجبت زوجتي طفلتي الصغيرة بينما كنت "اعتصم داخل خيمة الصليب الأحمر".

وأضاف عطون :"تعيش اسرتي في حالة ترحال مستمرة بين رام الله والقدس، فمشاعر الأبناء والأطفال عند والدهم، بينما منزلهم وأصدقائهم وأهلهم في القدس، وذلك يؤدي الى عدم استقرار في حياة الأطفال ويؤثر كذلك على تحصليهم الدراسي والترابط الاجتماعي".

وتابع حديثه :"نعيش اليوم غرباء في بلادنا..صحيح أن رام الله جزء من الوطن لكنها ليست البديل عن مدينة القدس، واليوم وبحكم سحب هويتنا لا نتمكن من الخروج من حدود رام الله، وبسبب سحب هوياتنا أصبحنا نعيش في اقامة جبرية".

وأضاف :"أبنائي الخمسة (أكبرهم 17 عاما وأصغرهم 5 أعوام) يعيشون في حالة الخوف من الغد والمستقبل، يخافون من اعتقالي مجددا"، لافتا أنه قضى حوالي 13 عاما في سجون الاحتلال نصفها بعد انتخابه كعضو مجلس تشريعي، وافرج عنه في آب الماضي بعد قضائه 20 شهرا اداريا.

ولفت عطون أن ابنه محمد اعتقل خلال فترة اعتقاله الأخيرة بتهمة الاعتداء على سيارة مستوطنين، وخلال تواجده في السجن حاول زيارته الا ان ادارة السجون حرمته من ذلك بسبب حيازة ابنه على هوية مقدسية وأن والده لا يملك أي هوية!.

وأكد عطون أن النواب المبعدون عن القدس يعيشون حياة معقدة جدا وشبه مشلولة، وحياتهم منقوصة ولا يوجد أي وثيقة تثبت وجودهم، وهذه بحد ذاتها عقوبة اضافية عليهم.


وزير القدس الأسبق.. شوق وحنين الى القدس
أما وزير القدس الأسبق خالد أبو عرفة فقد اعتبر حياته اليوم أصعب من حياة الغربة والسجن والاعتصام داخل خيمة الصليب الأحمر (لمدة عام ونصف)، واعتبر سحب هويته وابعاده الى الضفة الغربية شبيه بالاعتقال الاداري حيث لا يعلم سببه أو متى ينتهي.

وقال :"نعيش هذه الأيام لون آخر من العذاب، ابعاد عن القدس وحياة دون وثائق واقامة جبرية تمنع من التحرك بحرية"، مضيفا :"اذا خرجنا للتنقل في الضفة الغربية نعاني ونخشى من الدوريات الاسرائيلية فلا يوجد لنا أي ورقة تدل على هويتنا وبسبب صعوبة ذلك نعود الى "اقامتنا الجبرية" ونعقد النية على عدم الخروج من المنزل".

وأَضاف:"الابعاد شعور مؤلم وما يزيده ألما هو أطفالنا الصغار حولنا الذين لم يتمكنوا من الانسجام في محيطهم الجديد، بعد أن أجبروا على ترك منازلهم وحارتهم وشوارعهم التي ولدوا وتربوا وترعرعوا فيها، مضيفا ان ذلك ينعكس سلبا على نفسيتهم وعلى تصرفاتهم في بعض الأحيان ويزيد من عصبيتهم".

وقال :"جميع أفراد العائلة تعيش حياة شوق وحنين الى القدس ومقدساتها والأقارب والجيران"، لافتا ان عائلته لا تعيش في استقرار وهدوء برام الله خاصة بعد اعتقاله من داخلها.

وتساءل أبو عرفة بعد أبعاده عن القدس :"ما هو دورنا؟ والى متى سنبقى في فراغ نفسي وسياسي؟ ومتى سنعود الى المدينة؟؟

واضاف :"بعد قرار سحب هوياتنا تم تقديم الاستئناف للمحكمة الإسرائيلية والتي لا تزال القضية عالقة وذلك يزيد الأمور تعقيدا ويزيد من عدم استقرارنا في مكان تواجدنا، فالعديد من الأمور الحياتية معلقة بانتظار قرار المحكمة".

ولفت الى معاناة أطفاله خلال اضطرارهم للمرور بشكل يومي عبر حاجز قلنديا العسكري للوصول الى مدرستهم في بيت حنينا، في وقت كانوا يصلون الى المدرسة دون الحاجة للمرور بمأساة الحواجز، اضافة الى صعوبة التواصل مع زملائهم.

أما العائلة فإنها تتجهز لحضور تخريج اثنين من ابنائها من الجامعة في الاردن، اضافة الى تخرج ابنته من مدرستها في بيت حنينا لكنه لن يتمكن حضور حفلات تخريج ابنائه.


النائب محمد طوطح.."سجن اجباري"
أما النائب محمد طوطح قال:" نعيش في مدينة رام الله بدون هوية وبدون جواز سفر ورخصة قيادة، فلا يوجد أي وثيقة رسمية تمكننا من التنقل من جهة لأخرى، في حال اضطررنا للخروج واعترضنا حاجز عسكري يتم احتجازنا لساعات وربما اعتقلنا لعدم وجود أي ورقة خاصة لنا.

وقال :"أطفالنا ونسائنا يأتون لزيارتنا شوقا وحبا للم الشمل ويغادرون خوفا على هويتهم وحفاظا على تواجدهم في القدس، فمنذ عام 2006 حرمت من متابعة شؤون أطفالي، ومتابعة أبسط الأشياء لهم بسبب الاعتقال عقب الانتخابات والاعتصام ثم الاعتقال مرتين".

ووصف حياتهم هذه الأيام "بالسجن الاجباري" لعدم قدرتهم على التنقل خارج رام الله من جهة، ومضايقات الاحتلال لأي شخص من الأصدقاء أو الأقارب في حال قام بزيارته في مكان "اقامتهم الجبرية" من جهة ثانية، ولفت طوطح انه تم استدعاء بعض الشبان الذين يقومون بزيارتهم لمعرفة سبب وطبيعة هذه الزيارة، وتم تهديدهم في بعض الأحيان في محاولة لتخويفهم من التواصل معهم وعزلهم نهائيا عن المدينة.

وأَضاف ان حاجز قلنديا يمنع الاهالي من التواصل الكبير والدائم معهم بسبب المعاناة التي تواجه أي فلسطيني يمر من خلاله (الوقوف لساعات والتفتيش)،
وقال :"اضافة الى ذلك مراقبة هواتفنا المحمولة وهذا ما اكتشفناه خلال الاعتقال الاداري الأخير حيث سألنا المحقق عن حديث اجريناه مع أحد الاصدقاء وكان له العلم بالمحادثة التي جرت بيننا".

ولم تتوقف سلطات الاحتلال عن اقتحام ومضايقة عائلة النائب طوطح رغم ابعاده فقال النائب:":"تقوم القوات بين الحين والآخر باقتحام منزلي ومنازل العائلة في حي واد الجوز كما يقوم جنود الاحتلال باحتجاز هويتهم بدعوى "وجودي بالقدس بطريقة غير قانونية"، وهذا أرهاب لأهلنا ولعائلتنا".

أما عن حياته الخاصة قال طوطح :"لدي 3 أولاد وبنتين اكبرهم 17 عاما اصغرم 4 اعوام، والكبيرة تحضر لحفلة تخريجها من الثانوية العامة وتشعر بغصة كبيرة لعدم مقدرتي على مشاركتها فرحتها، فهذه اول فرحة لنا "فرحة تخرجها من المدرسة" كنا ننتظر عاما بعد عام الا ان الاحتلال سيحرمنا الفرحة الحقيقية.

وقال :"ابني الصغير سعد الذي ولد خلال اعتصامي داخل مقر الصليب الأحمر يسأل دائما عن سبب عدم حضوري الى منزلنا في واد الجوز...واحاول تبسيط الامور لكي يفهمها لكن ما يجرى يفوق سنوات عمره".

النائب محمد أبو طير..
أما النائب محمد أبو طير 65 عاما، فهو يقضي حكمه داخل سجون الاحتلال، علما انه قضى ما حوالي 33 عاما في السجون.

تقرير: ميسة ابو غزالة