الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

ثأر التاريخ.. الفلسطيني

نشر بتاريخ: 28/05/2015 ( آخر تحديث: 28/05/2015 الساعة: 21:20 )
ثأر التاريخ.. الفلسطيني
بقلم: عز الدين ميهوبي ( وزير الثقافة الجزائري )

في العام 1964 فازت إسرائيل بكأس أمم آسيا ثمّ التحقت في العام 1974 بالاتحاد الأوروبي حين شعرت أنّها عضو غير مرغوبٌ فيه، ومن يومها لم تر بصيص النّور ولا تعرف الكرة كيف تدور.. إذ إنّها كسبت كثيرًا من الأعداء والشّامتين في تاريخها الأسود، فبعد انتكاسة 1967 واستعادة شيء من الكبرياء العربيّة في 1973، كان على الكيان الصهيوني أن يبحث لنفسه عن ملاذ كرويّ آمن.. وليس هناك أفضل من القارة العجوز التي نصبت نفسها محاميا على قاطع طرق.

ورغم أنّ الفلسطينيين كانوا سبّاقين إلى لعب الكرة الحديثة في العام 1928 إلاّ أنّ اليهود كانوا يخترقون الأنديّة العربيّة ويفرضون عليها نوعًا من الوصاية، ويقدمون أنفسهم على أنّهم البديل الحقيقي للعرب الذين لا يحسنون التعامل مع الكرة وتوابعها، لهذا لم يجد اللاعبون الفلسطينيون بدّا من البحث لأنفسهم عن هويّة حقيقيّة، وأنشأ العرب كأس فلسطين التي سرعان ما انتهت إلى مجرّد نزوة سياسيّة فاقدة الصلاحيّة. وكان على أسود كنعان أن ينتظروا العام 1998 لتُقبل عضويّتهم في الفيفا، فيما كانوا قبل هذا الوقت مجرّد تشكيل وطنيّ يلعب المباريات البيضاء لا غير.

ولا شكّ أنّ قراءة تاريخ منتخب جبهة التحرير الوطني الجزائريّة، ستكسف عن مغامرة تاريخيّة، حين تلقّى نجوم الكرة في مختلف الأندية الفرنسيّة أمرًا من قيادة الجبهة يقضي بالفرار ليلا والالتحاق بمواقع جديدة في تونس، وذلك ليتحوّل نجوم الملاعب، إلى مجاهدين يقضّون فراش السّلطة الفرنسيّة.. وهكذا هو منتخب فلسطين الحالي الذي نجح في أن يتأهّل لنهائيات كأس أمم آسيا بأستراليا في مطلع 2015، وهو تحدّ على أكثر من جبهة، أوّلا أنّ يؤكّد علوّ كعب اللاعب الفلسطيني المحاصر وقدرته في اختراق أسمنت الخوف، وثانيا أن يكون جديرًا بمقعد أخذته إسرائيل في غفلة من العرب والمسلمين، وثالثًا أن ينجح في زيادة حنق إسرائيل إذا ما حقّق انتصارًا يُلهب مشاعر شعب مقهور.

إنّ من حقّ جبريل الرجوب أن يُطالب الفيفا بإخراج البطاقة الحمراء لكيان يعبث بكلّ ما هو إنساني ولا يستثني شيئا ولو كان في شكل جلد منفوخ، لأنّ ممارسة الإرهاب بلغت منتهاها، ومثلما دمّروا ملاعب غزّة ومدن أخرى، ها هم يسعون لتدمير المنتخب الفلسطيني .... وهو ما سيرفع وتيرة الاعتراف بدولة فلسطين ليس سياسيّا فحسب، بل كرويّا وحتّى فنيّا.. لأنّ الذين أقصوا محمّد عسّاف من الغناء في مونديال البرازيل يعرفون أنّهم صاروا محاصرين بالحجر والكرة والحنجرة .