الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

ما يحاك للاجئين وللقضية الفلسطينية يتطلب وقفة

نشر بتاريخ: 27/07/2015 ( آخر تحديث: 27/07/2015 الساعة: 20:12 )

الكاتب: عباس الجمعة

عاد الحديث من جديد هذه المرة عن موضوع اللجوء الفلسطيني وحق العودة , هذه العودة التي كانت ولا زالت العقبة الرئيسية في مشروع التسوية المعهودة , فلو تناسينا الافكار التآمرية الخاصة بهذا الموضوع ما قبل الدوائر الامبريالية والصهيونية والرجعية ، بما فيها ما يسمى مبادرة السلام العربيه وتحديدآ فيما خص الآجئين وحق العودة والتي جاء فيها وتحديدآ البند الخاص بهذا الموضوع بهدف التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 194، والتي تتزايد مع عمليات القمع والعدوان وتتهدد وتتنوع المؤامرات، وتدلهم الأجواء، سترتبك مواقف البعض وتضعف إرادة آخرين، ويبقى الشعب قويا صامدا وتبقى إرادته السياسية والكفاحية غير قابلة للكسر، ويستمد صموده وإرادته السياسية الصلبة من عمق انتمائه لفلسطين ولحضارتها ولتاريخها، ومن حقه تقرير المصير والاستقلال وتوقه للحرية، هذه تجارب وخبرات شعوب العالم، وهي بذات الوقت تجربة وخبرة الشعب الفلسطيني وواقعه الراهن، وبالاستناد لهذا يصنع مستقبله الواعد، فعلى صخرة صموده سيفشل المخططات والعدوان وعمليات القمع والاغتيال والاعتقال والاستيطان التي تحاول النيل من إرادته السياسية ومحاولات تبديد هويته الوطنية وتدمير كيانه السياسي وكل المشاريع السياسية المستهدفة حقوقه الوطنية.

من هذا المنطلق نؤكد ان الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية الكيان السياسي والمعنوي والممثل الشرعي والوحيد المعبر عن الإرادة السياسية والروح الكفاحية للشعب وأبناؤه المناضلون من أجل الحرية الذين قدموا حياتهم أو حريتهم على مذبح حرية شعبهم المقدسة ، والذين يشملون أطيافا واسعة من الصبايا والشباب والمثقفين والأدباء ومن المناضلين البواسل ومن القادة السياسيين، وأسمائهم جميعاً باتت محفورة في ذاكرة الشعب ووجدانه وعلى رايات وصخور الوطن، يعبرون عن روح الشعب، هو الشعب نفسه الذي يعيش اليوم دوائر متداخلة نتيجة الهجمة الشرسة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية.

لهذا نقول ان هذا الشعب اعتصر التجربة وهضمها فأبدع بإيجاد وسائل البقاء والصمود وصناعة الأمل رغم قسوة الظروف ووحشة الظلمة، واجترح وسائل كفاحه وحضوره الدائم رغم بطش الأعداء ،وخذلان الأشقاء، واختلال ميزان القوى، وهو يدفع يومياا ضريبة مجابهة الاحتلال والعدوان والتأمر وثمن الحرية عبر مساحات فلسطين والمنافي والشتات طوال ساعات الزمن، زمن الاحتلال الإسرائيلي.

ان صون الذاكرة الفلسطينية وتطويرها وحماية الهوية الوطنية بأبعادها الحضارية والتقدمية والإنسانية، وتجديد مقاومته الشعبية للاحتلال والظلم بآفاقها التحررية الإنسانية، وهو اليوم أكثر إدراكاً من أي وقت مضى لمخططات الاحتلال، وأكثر قدرة على مجابهته وعلى إفشال عدوانه ومشاريعه السياسية ، التي يحاول من خلالها مقايضة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس بدويلة منقوصة السيادة في غزة وتقاسم وظيفي في الضفة، ومقايضة الشرعية الدولية بالمشروع الإسرائيلي الأمريكي والقفز عن الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني عبر محاولة توريط أطراف عربية بالاشتراك بتنفيذ خطته، الا ان ارادة هذا الشعب العظيم المصمم على حقوقه الوطنية المشروعه رغم ما يدفعه من عذابات ستؤدي حتما الى رفع راية النصر، رغم ما يواجهه من تحديات ، مما يتطلب من فصائله و قواه السياسية والاجتماعية الانخراط في عملية إعادة بناء شاملة لتحشيد قواه وطاقاته كافة على مستوى القرية والمخيم والمدينة وعلى المستوى الوطني العام لمواجهة المخاطر المحدقةبالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني .

إننا نرفع الصوت عالياً لمواجهة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في هذه الظروف الصعبة، وخاصة في ظل اشتداد الهجمة الصهيونية الأمريكية على المنطقة العربية وما يلاقيه المشروع الأمريكي- الصهيوني الاحتلالي الارهابي التكفيري من مقاومة عربية في دول المنطقة, وبعدما وصلت السياسة الأمريكية الى مأزق وبعد انتصار ايران في فيينا , الأمر الذي يدفعها إلى استبدال استراتيجياتها القديمة بواحدة جديدة, فإن التطورات وتداعيات هذه السياسة قد أفرزت وقائع جديدة, تنذر بإمكانية فشل المخطط الأمريكي- الصهيوني في المنطقة, مما يمهد إلى إمكانية استنهاض المشروع القومي العربي التحرري, عبر بلورة استراتيجية مواجهة مقوماتها: الصمود والثبات والوحدة الوطنية.

إن رهاننا كان دائماً الوحدة والمقاومة باعتبار المقاومة حق مشروع لكل الشعوب التي تتطلع إلى الحرية والاستقلال, وقد علمتنا التجارب على مدى التاريخ أن المقاومة الوطنية وكفاحها المشروع لابد أن يحقق أهدافها في إنهاء الاحتلال، ومن هنا يجب أن نبحث في وسائل تطوير المقاومة الشعبيه بكافة اشكالها ووضع إستراتيجية لها، ومن هنا علينا أن نحدد المهام الملحة للمرحلة القادمة.
امام ما نعيشه من الانقسامات وفي ظل التجاذبات السياسية الإقليمية والدولية التي تشهدها الساحة الفلسطينية, والتي لا تتناسب مع التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الفلسطيني, ومع القيم الأخلاقية والمعنوية التي رسختها تلك التضحيات, من صمود وثبات وإرادة مناضلة, فإننا نؤكد تمسكنا بالوحدة الوطنية والحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية وحماية المشروع الوطني , والعمل على تجاوز كل الإشكاليات التي ترسخ الانقسامات في الساحة الفلسطينية, ذلك من خلال العودة إلى ثوابتنا الوطنية , وتطبيق اتفاقات المصالحة واعطاء حكومة التوافق الوطني صلاحياتها ،وعدم الانجرار وراء مشاريع فصل قطاع غزة عن الضفة الفلسطينيه ، واجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني.

امام خطورة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني وتحديدا في لبنان من محاولات البعض بهدف اغراق المخيمات في اتون الصراع من قبل قوى ظلامية يرفضها الشعب الفلسطيني لانها بعيدة عن تقاليده واعرافه النضالية ، حيث تعمل حاليا هذه القوى بكل الوسائل لابقاء الوضع الامني في اكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان وهو مخيم عين الحلوة غير مستقر بهدف الوصول الى انهاء هذا المخيم تنفيذا لمخططات العدو الصهيوني التي تستهدف شطب حق العودة ، من خلال ما تنشره من مواقف ضلالية تروجها وأوهام تشكل خطر على ابناء المخيم ، فضلاً عن استخدامهم العنف الإرهابي بحق الناس ، مما يستدعي من جميع الفصائل والقوى تحصين واقع المخيمات من خلال التعالي على الجراح وعدم اللجوء الى السلاح لحل القضايا، لما يشكله ذلك من اساءة الى كل النضال الفلسطيني ، مما يتطلب بناء علاقات سليمة وصحيحة بين الفصائل والحالة الجماهيرية واشراكها في كل ما من شانه الاسهام في حل كافة القضايا ، وان تكون من جميع اطياف المجتمع الفلسطيني، والحفاظ على الموقف الفلسطيني بسياسة النأي بالنفس بعيدا عن الازمتين المحلية والاقليمية في اطار حماية استقرار المخيمات وقطع الطريق على كل العابثين بأمن الشعب الفلسطيني ، وتعزيز العلاقات اللبنانية الفلسطينية وتطويرها على المستوى الرسمي والشعبي بعد ان تقاسمنا الماء و الهواء والآلام ، والعمل على افشال مشاريعهم .

لهذا فأن ما يجري يتزامن فصوله ما يتعرض له الشعب الفلسطيني اللاجئ في مخيمات الشتات والضفة وغزة هو سياسة الأنروا تجاه اللاجئين الفلسطينيين ، وهو ما يجعل الكثير من علامات الاستفهام التي تدور حول طبيعة عمل هذه المؤسسة الإنسانية، ليس ذلك فحسب بل إن وكالة وغوث اللاجئين الفلسطينيين والتي من المفترض أن تقف بقوة إلي جانب الشعب الفلسطيني ، في ظل نسبة الفقر التي وصلت الى 80%، بينما تتضخم معدلات البطالة، تسعى اليوم لإيقاف الكثير من برامج التشغيل ووقف المساعدات ، دون أن تراعي إدارة الوكالة الحالة الاستثنائية التي يعيشها الشعب الفلسطيني .

إن اللاجئين الفلسطينيين مطالبين اليوم بضرورة الوقوف في وجه السياسة الجديدة لإدارة وكالة الغوث، ووضع حد لهذه الممارسات المذلة التي يتعرضون لها، كما أن إدارة الوكالة مطالبة بالوقوف أمام مسئولياتها الأخلاقية والإنسانية، وأن لا تكون جزءً من منظومة تهجير وتوطين الشعب الفلسطيني باعتبارها الشاهد العيان على نكبة فلسطين ، كما على الدول المانحة ان تعيد الاعتبار لوكالة الانروا وتوفير المساعدات التي تقدمها بدلا من المؤامرة على الشعب الفلسطيني حتى يدفع فواتير ليس له علاقة فيها ، فهذا الشعب العظيم يتطلع الى فلسطين وحق العودة ويرفض كافة المشاريع التي تنتقص من حقوقه الوطنية وخاصة القرار الاممي 194 الذي يقضي بعودة اللاجئين الى ديارهم وممتلكاتهم على ارض وطنهم والتعويض عليهم لما لحق بهم من آذى .

إن جوهر القضية الفلسطينية يتمثل في حق العودة , وإذا كان الأعداء يسعون إلى شطب حق العودة, فهم بالتالي يحاولون شطب القضية الفلسطينية, وقضية العودة هي مركز إجماع للشعب الفلسطيني وتشكل عنصر لقاء, فتعالوا نحمي حق العودة من كل محاولات الشطب, إننا نواجه عدواً صهيونياً عنصرياً واحتلالياً, يصادر الأراضي الفلسطينية ويقيم عليها مستوطناته اليهودية, ويعزل السكان الفلسطينيين عبر جدران الفصل العنصري, ويقيم الحواجز ويمارس الإرهاب بارتكابه المجازر إننا ندعو للعمل من أجل حشد التضامن العربي والعالمي لمواجهة الاحتلال الصهيوني العنصري ومن أجل الانتصار لقضايا الشعب الفلسطيني في العودة و الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس .

إن ما تخطط له الإدارة الأمريكية بشراكتها مع العدو الصهيوني يقود في المحصلة المنطقة العربية نحو المزيد من الكوارث والحروب، والصراعات الطائفية والمذهبية التي يراهن عليها الأعداء, وتلك هي المخاطر التي ينبغي على الشعوب العربية قاطبةً مواجهتها, نقول الشعوب العربية وقواها الوطنية والتقدمية والقومية والاسلام التنويري ، لأن هدف الهجمة ابعاد المواطن العربي، عن فلسطين ،التي شكلت لفترة طويلة مصدرا للشعوب العربيه ، صحيح أن الشعوب العربيه مثقله بهمومها الداخلية التي فاقمها تمدد الإرهاب إلى مختلف الأقطار، مشرقا ومغربا، معززا الآن بالشعار الإسلامي بجيوش الخلافة التي توفرت لها مصادر مهمة للاقتحام، ثم توفرت لها مصادر أعظم بعد السيطرة على مصادر الثروة في أكثر من بلد عربي (النفط والغاز من بعض أنحاء العراق وسوريا) مع وجود من يشتري هذه "البضاعة" لنفسه أو لتمريرها إلى إسرائيل، وفي الحالين لعبت تركيا دور "التاجر اليهودي" الذي يربح في الشراء ثم يربح في البيع، هذا من دون أن نغفل الإشارة إلى إعادة إحياء المطامع التركية التاريخية في بعض العراق (محافظة الموصل) كما في بعض سوريا، لا سيما شمالها، بينما تتحالف بعض الجماعات المتأسلمة مع العدو الاسرائيلي الذي يحتل الأراضي الفلسطينية والعربيه؛ من خلال ارتكبها افظع الجرائم بحق الشعوب العربيه .

ان التصدي للقوى الارهابيه الظلامية والتكفيرية يأتي باقتناع العرب أن الدول الاستعمارية لا تحقق إلا مصالحها، وأنها تغذي هذه الادوات في المنطقة من أجل تحقيق أطماع استعمارية بمفهوم جديد، هدفه إبقاء التبعية للخارج الذي يدعي توفير الأمان والحماية مقابل جبايتها من المال العربي، لذلك نقول لكل الدول العربيه انه يجب العودة الى صوابها قبل فوات الاوان من خلال امتلاك العرب مشروعاً يردع الأطماع الدولية والإقليمية، ويشكل حائط صد لكافة الأفكار التكفيرية والظلامية، لأن الخطابات البليغة وبيانات الرأي المنددة والشاجبة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

ونحن اليوم في ذكرى ثورة 23 يوليو الذي قادها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر هذه الثورة بما تحمل من معاني واهداف حميمية وديمومة وإيجابية للشعب المصري وللشعوب العربيه وخاصة بالنسبة للشعب الفلسطيني ستبقى ناصعة، مما ينبغي قراءة الواقع العربي موضوعياً, والعمل على تجاوز الأزمات, وذلك من خلال روح الوحدة الوطنية والوفاق بين القوى القومية ، وحماية المقاومة والمنجزات التي حققتها، وهذا يستدعي الوعي القومي العربي وهذا ما يختبر إمكانية الأمة العربية ويعين طموحها في التحرر والاستقلال والديمقراطية الحقيقية, وليس الديمقراطية التي تسّوقها الإدارة الأمريكية والدوائر الإمبريالية لحماية مصالحها في المنطقة، وبما يتطلب العودة الى زمن اليقظة القومية العربية ، فالعنوان الرئيسي للصراع الذي تخوضه قوى المقاومة وشعوبها يجب أن تتحدد أهدافه في مواجهة محاولات التقسيم والتفتيت المذهبي والطائفي .

ختاما لابد من القول ففي ظل هذه الظروف لا بد من استنهاض جميع فئات وطبقات وفعاليات وقوى الشعب الفلسطيني للقيام بدورها وتحمل مسؤولياتها في مواجهة المخططات المعادية والتمسك بالثوابت الفلسطينيه وتعزيز الوحدة الوطنية وحماية وصون منجزات الشعب الفلسطيني، وبلورة وإقرار استراتيجية عمل فلسطينية للمرحلة المقبلة، ومطالبة المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه المطلب الأساسي للأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، بحيث ترتكز في جوهرها على إعلان دولة فلسطين وعاصمتها القدس وتأكيد حق عودة اللاجئين وفقاً للقرار 194 عبر هذا يحدد الشعب الفلسطيني أهدافه لهذه المرحلة التاريخية.