الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

فيزا شنجن للدول العربية

نشر بتاريخ: 02/08/2015 ( آخر تحديث: 02/08/2015 الساعة: 15:11 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

صرامة ضبط الحدود والمبالغة في اعلاء شأن المعابر من سمات الدول المتخلفة ، وفي النهاية لم تمنع هذه الاجراءات تهريب السلاح او اخطر المطلوبين في العالم ، والتجربة تثبت ان الدول المنفتحة والمتطورة والتي تقدم تسهيلات الحركة لمواطنيها عاشت استقرارا أمنيا اكثر بكثير من الدول المتخلفة التي تطلق النار على اي عابر للحدود .

ثمرة تطور البشرية وحضارتها الانسانية فتح المعابر والحدود ، واللافت للانتباه ان اكثر الراديكاليين المتطرفين في العالم سرقوا افكار الدول المتحررة وطالبوا بفتح الحدود ، فداعش لا تعترف بالحدود السياسية وانما تعتمد في بقائها على الحدود الجغرافية ( سلسلة جبال - انهار - محيطات - بحور - غابات ) اما الحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو فهي مسخرة ومدعاة سخرية لكل العالم . والاكثر غرابة ان الاحزاب القومية والوطنية لا تزال تتمسك بها معتقدة ان هذا يوفر الامن والامان لها .

منذ نشأت اسرائيل في المشرق العربي كانت هي المسبب الاول في تشديد فصل الحدود بطريقة معيبة ، وهي التي عملت على تحويل الحدود الى ميادين حرب بدلا من كونها سوق حرة بين المجتمعات ، ومن يعرف كيف تكون الحدود بين شعوب العالم ، رأى ان هناك مقاهي واستراحات وأسواق معفاة من الضرائب وليس دبابات وقنّاصة وحقول ألغام وجدران كهربائية وكلاب بوليسية كما تفعل اسرائيل . فاسرائيل أفسدت المفهوم الانساني لمعنى الحدود وصدّرت عقدة الفناء عندها للحكومات العربية ، حتى ان كثير من الدول ومن دون ان تدري صارت تقلّد اسرائيل من دون قصد ومثال على ذلك جدار الصحراء الغربية وحدود الجولان وغيرها .

ما قيمة ان الدول العربية تحب فلسطين وتكره الفلسطينيين ؟ هذا حب يشبه حب البغال ولا ينجب شيئا . لان من يحب فلسطين يحب الفلسطينيين ولا فائدة من حبه المجرد للفكرة وعجزه عن تجسيدها .

الاحتلال تسبب في عقدة السفر عند اجيال من الفلسطينيين ، وصار السفر همّ كبير عند الافراد والعائلات . وكان وصار ويغدو أن الفلسطيني مطالب بتبرير ذاته في جميع الدول العربية ، وان يجيب على اسئلة سخيفة لا طائل استخباري منها سوى احباط سكان الارض المحتلة ، بل ان بعض المصادر في القدس تؤكد لي ان 20% من السكان العرب في العاصمة المحتلة صاروا يحملون الجنسية الاسرائيلية لمعرفتهم ان جميع دول العالم وعلى رأسها الدول العربية سوف تحترمهم أكثر ان حملوا هذه الجنسية . وهذه مثلبة تتحملها الحكومات العربية وليس سكان الارض المحتلة . فمن يحمل الجنسية الاسرائيلية يسافر الى امريكا وكندا واستراليا و52 دولة في العالم من دون الحجاة الى فيزا ! اما من يحمل الجنسية الفلسطينية فهو من " المغضوب عليهم " وعليه ان يجيب على سؤال اذا كان من فتح او حماس ؟ اذا كان يؤيد السنة او الشيعة ؟ اذا كان يسار ام جبهة شعبية ؟ اذا كان يؤيد المثليين الجنسيين ام لا ؟ وما هو موقفه من اتفاقية اوسلو ؟ وزيارة واحدة الى مطار عربي او محاولة السفر الى اية عاصمة عربية ،  تظهر الواقع على حقيقته .

الاسرائيلي اليهودي لا يحتاج الى كل هذا الدلال والفانتازيا . وانما الفلسطيني هو الذي يحتاج الى كل هذه التسهيلات . وهو الذي يجب ان يحمل فيزا شنجن دائم ، وقبل الشنجن الى اوروبا ، على جامعة الدول العربية ان تصدر قرارا ان سكان الارض المحتلة من الفلسطينيين لا يلزمهم فيزا او كفيل او تأشيرة من المخابرات لزيارة اية دولة عربية .