الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

قرأت في المكان هدأة رهيبة

نشر بتاريخ: 29/11/2015 ( آخر تحديث: 29/11/2015 الساعة: 20:10 )
قرأت في المكان هدأة رهيبة
شعر: سميح فرج - فلسطين

اليوم
في الصباح كنت جائعاً
سأشتري
فالكعك ساخن وطيب:
إذا سمحت ها هنا،
مرآة سائق رأيتها
تقول غير ما أقول، أو تقول إنني
أقوم أو أرفّ خارج السياق والمَدى،
فجاءة
رهيفة
كأنها انعطافة
رقيقة
أقول: ها هنا إذا سمحتْ،
نزلت والهدوء ذاهب معي
لا بأس إنني
أحب أن أسير أو أواصل الخروج عن رتابتي
وكان كل ما امتلكت إنه معي
حدائقي معي
علائقي
مشانقي معي
مسافتي عن افتتاح صفحة جديدة معي
خرائبي التي حفظتها، شواهقي معي
تعثرات من أحبهم
كلام من تحدثوا عن البلاد، تينها ولوزها جميعهم معي
مشارقي، مغاربي
تهدّجات من يفسرون بعض حزنهم
تغضن الكلام في الرسائل التي
تنام، هكذا نظن أنها،
ولا تنامْ،
وقلب طفلة
تعود من حروبها، هواجس امتحانها معي
سلاسلي معي
سلاسلي التي أتيتها
سلاسلي التي حملتها
سلاسلي التي تلفني إذا غفوت لحظة،
وإن حلمت لحظة،
وإن دخلت في غمامة،
وإن خرجت من يمامة، سلاسل الحديد دائماً
سلاسل الوفاء للطيور في تحسّباتها
وفي سمائها
وفي بيوت قشها،
سلاسل التأمل المثابر العنيدْ،
سلاسل الجلوس في الظلال والتنفس العميق والرهيبْ،
سلاسل التوالج القريب في البعيد
والتوالج البعيد في القريب
والبعيد في البعيد
والقريب في القريبْ،
سلاسل اتساق أحرفي
مع المسارب التي تردنا إلى مسافة العذابْ،
سلاسل القراءة الجَسورِ
والتذوق الجَسورِ
والتبصّر الجَسورْ،
سلاسل التناقض الجميل
والتناقض المَهيب
والتناقض العدو
والتناقض الحبيبْ،
ضرورة اختلاف أحرفي عن اللغات كلها،
سلاسلي إذن،
أقول إنها معي
دفاتري،
هواجسي،
ورؤيتي أظنها معي،
يدي أظنها معي،
عيناي مثل دائماً،
ظلال رؤيتي،
ومثل دائماً معي،
وبعض فَكَّة ولم أعُدّها كعادتي، من النقود
مثل دائماً معي،
تهكمات سائق على...
وثرثرات من تجالسوا في المقعد الأخير يوم أمسنا
أعيشها معي،
تذمرات بائع الخضار واغترابه،
مفتاح منزلي،
هلام وقتنا،
هلام ليلة مريضة ولا دواء في صقيعها،
..........
سواتر الذين... كلها وكلهم معي ،
قصيدة
تقوم من ترابها
ومن هضابنا، ومن هضابها معي
وذكرياتنا التي...
...................
...................
أقول إنني
إذن
أنا أمام تلكم التي
أعبّ ما استطعت من صرير وقتها
ومن شهيقها
ومن زفيرها
ومن دخانها ومن...
أنا أمام تلكم الحكاية التي...،
دلفت في المكان،
ذلك المكان أقصد السؤال
والجواب إنني،
هنا الجلال ذاته يهز رأسه ويختفي،
هنا افتتاح دهشتي التي أتيتها فجاءة هنا
قرأت في المكان هدأة رهيبة،
وكنت في سريرتي محدّثاً، وربما أرتب الحوار بين داخلي
وداخلي
خرجت خطوة
وراء خطوة
والصمت سيّد
والحزن سيَد،
وكنت واحداً، ولست واحداً
هنا ارتجافة رهيبة أقامت المكان من مكانه
وحطت المكان في مهابة المكانْ،
وكنت قد وقفت عند بابه لعلني،
وفجأة رأيته
هناك كنت قد رأيته،
.....................
كم كان متعباً
وغائباً
وحاضراً،
رجعت للوراء
إنه الهدوء مرعب،
وإنها....
هنا غياهب الوضوح يا قصيدتي تبصّري،
هنا الغموض، إنه
مرافيء
كثيرة
هنا مسارب كثيرة،
هنا مغارب كثيرة،
هنا سريرة، تَفحَّم الذين يفهمونها لأجلها
هنا بصيرة الغموض إنها هنا،
هنا الجبال كلها،
هنا الرمال كلها،
هنا البلاد كلها...
الله...! يا بلادنا
قد كان نائماً، إذن
على صفيحة من العذاب والخشبْ
على صفيحة
من الظلام، والظلام سافر
وسادر
وساهم
على صفيحة من التعبْ
سأوقظ الرجلْ،
لا بأس إنني
الآن
سوف أوقظ الرجلْ،
هناك ما يقولني
لن أوقظ الرجلْ
وسوف ...
...................
...................
لن أوقظ الرجلْ.

أنا قصاصة صغيرة...،
لن أوقظ الرجلْ،


لن
أوقظ الرجلْ.

[email protected]