الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

طفولة، وهل أجمل؟!

نشر بتاريخ: 06/02/2016 ( آخر تحديث: 06/02/2016 الساعة: 15:05 )

الكاتب: صادق الخضور

ليس أجمل ولا أزهى ولا أبهى من مشهد ابتسامة طفل، حين تغلّف البراءة المشهد، وتنساب إلى عمق الروح انسياب الماء الجاري في منحدر.
البراءة والطفولة حاضران في ابتسامة طفل، هذا هو المشهد الأكثر تعبيرا عن مهارة التلخيص والتكثيف، وسرعان ما تطرق الضحكات البريئة جدران القلب دون استئذان، فهي تقع من قلوبنا موقع الماء من ذي الغلّة الصادي.

إيلين أو لولو: ابنة الجيران التي لا زالت في منتصف عام ثالث من عمرها، تغضب وتشيح بوجهها ثم سرعان ما تعود، هي براءة أكثر منها طيبة، وربما كانت البراءة التي ستتحول في حال ظلت بمنأى عن تأثير كدمات الزمن عليها إلى طيبة، فالبراءة تؤسس لكثير من المعاني التي ترسو على شواطئ الوجدان إذا لم تدسها عربات الأيام.

للطفولة التي تنثر عبير ابتساماتها دوما هنا وهناك؛ مجانا دون مقابل، تنقاد القلوب، فنظرات الأطفال تأسرنا، تتملكنا، تتقاطع وما تحوزه قلوبنا من شوق لبراءة تبقي على ملامح الطفولة فينا.

تتوالى الأيام، ونكبر، لكن صوت الطفل فينا باق لا يفارقنا، هي حقيقة يجب ألا نتجاهلها، وتوفير المساحة للتواصل مع أطفالنا يجب أن يكون دوما حاضرا.
براءة، وهل هناك ما هو أجمل من البراءة؟ 

العفوية والتلقائية، الغضب السريع والتصالح الأسرع، التسامح، التلقائية: هذه هي الطفولة، ومن كان بحاجة إليها فليبحث عنها في طفولة طفل لمّا يتجاوز بعد سنواته الثلاثة أو الأربعة.

للطفولة وللبراءة تنقاد القلوب، وتعلن الولاء لطفولة لمّا تزل تبحث عن فجرها، تناجي وتناغي، والبراءة رداء لألق الروح فيها، وعباءة لروح الألق، ففي الطفولة أسرار لا تتبدى وإن حاولنا ومهما حاولنا لا لأنها معقدّة بل لأنها ببساطة بساطة إلى حد أنها تبدو أسرارا. 

عن الطفولة يطيب الحديث، قديما وحديثا، فالطفولة لا تخضع لتقلبات الأزمنة ولا لتبدّل الأماكن، فهي الثابت رغم التحولات، تماما كحالها مع سنوات العمر.
طفولة: تسحرنا، تجبرنا على محاولة اكتشاف أنفسنا، وعبثا ننجح في استعادة كثيرا من ملامحها، وكأن للطفولة رونقها وعالمها الخاص الذي يمكن عبوره إلا لمن كان قادرا فعلا على استعادة روح الطفولة.

طفولة: تسحرنا وتحرسنا، وتتيح لنا التحرّر من عبء الهموم، فإليها يكون الملاذ واللجوء حين تعصف بنا لحظات الهمّ.
البراءة والعنفوان معا، مشهد حاضر في الطفولة، وكأننا أمام ثنائية تجتمع رغم صعوبة اللقيا، تماما كحال بيت الجواهري حين قال:
لله درّك من مهيب وادع نسر يطارحه الحمام هديلا.

نعم، هذه هي الطفولة، الجمال والنقاء والصفاء، والتسامح وفي الوقت ذاته الكبرياء، باختصار: الطفولة منظومة قيم.