الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مشاركة المرأة الفلسطينية السياسية بين القانون والتطبيق

نشر بتاريخ: 07/02/2016 ( آخر تحديث: 07/02/2016 الساعة: 20:42 )
مشاركة المرأة الفلسطينية السياسية بين القانون والتطبيق
رام الله- معا- نضال المرأة ضد الاحتلال الإسرائيلي في داخل وخارج الأرض الفلسطينية المحتلة أظهرها قوية، متحمّسة، ولديها القدرة على التكيّف، كما وشهد نشاطها العديد من الإنجازات والمحطات المضيئة على مدى التاريخ، كإنشاء "الاتحاد النسائي العربي" عام 1928، وتشكيل الإطار النسوي التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية (الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية) عام 1965. هذه الأمثلة تشير إلى أن المرأة الفلسطينية كانت قد بدأت تتمركز في مقدمة الحياة العامة. ولكن وبالرغم من ذلك فإن حصتها اليوم من المناصب الإدارية في القطاع العام والخاص منخفضة جداً.

تشبّه ريما نزال العضو في "المجلس الوطني الفلسطيني" و"الأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية" حال المرأة الفلسطينية اليوم "بنصف كوب فارغ ونصفه الآخر ممتلىء، لكن على الأغلب الجزء الفارغ يظهر أكثر، حيث الكثير من المجالات لم تصلها المرأة حتى الآن".

ويعتبر نظام الكوتا النسائية أهم الإنجازات التي حُقِقَت على مستوى مشاركة المرأة الفلسطينية في التشريعات، ففي العام 2005 ونتيجة نضال المؤسسات النسائية تمت موافقة "المجلس التشريعي الفلسطيني" على فرض الكوتا بنسبة 20 في المئة، والتي تفرض تمثيل المرأة الفلسطينية في قوائم الأحزاب السياسية لانتخابات المجلس، إذ نجحت 17 امرأة في انتخابات عام 2006، بعد أن كان عدد النساء اللّواتي نجحن في انتخابات المجلس التشريعيّ في عام 1996 خمسة نساء فقط قبل فرض نظام الكوتا، وهو ما اعتبر آنذاك حلاً مؤقتاً يتم العمل بموازاته من أجل رفع نسبة مشاركة المرأة الفلسطينية في الحياة العامة.

واصلت المؤسسات النسوية التي تعمل على تمثيل المرأة زيادة نسبة الكوتا إلى 30 في المئة، وفي العام 2012 أقرَّت الأحزاب الفلسطينية النسبة الجديدة ولكنها لم تطبق بعد. واليوم، ومن أجل التحضير للانتخابات التشريعية القادمة، تسعى الحركة النسوية الفلسطينية إلى الضغط لإقرار النسبة من خلال مرسوم رئاسي أو من المجلس التشريعي. وفي حال نجاح حملة الضغط، ستظهر آثار هذا الإنجاز من خلال نتائج الانتخابات، حيث ستسجل النساء المنتخبة رقماً جديداً، الأمر الذي سيؤدي بالتالي إلى رفع نسبة مشاركة المرأة الفلسطينية على الصعيد السياسي.

ترى رتيبة النتشة عضو "لجنة العلاقات الخارجية" في فدا أن "المرأة الفلسطينية ناشطة في جميع المجالات والمستويات، ولكن هذا لا ينعكس على تمثيل المرأة سياسياً" وتضيف بأن "المرأة الفلسطينية لم تستطع إلا أن تصل إلى 5 في المئة من مناصب صنع القرار مثل: وزيرات، سفيرات، رئيسات بلديات، وممثلات عن أحزاب سياسية، وغالباً ما تكون المناصب التي تصلها المرأة الفلسطينية مناصب صف ثاني" وتوضح النتشة أن "هذه النسبة لا تعتبر إنجازاً" وأن "هناك طريق طويلة على مجتمعنا أن يقطعه باتجاه المزيد من المساواة والعدالة في الحقوق بين الرجل والمرأة، والخطوة الأولى إيمان المرأة بأنها تستطيع أن تكون في مناصب الصف الأول".

سريدا حسين مديرة "طاقم شؤون المرأة" أوضحت بأنه "علينا أن ندرك أن المساواة في المشاركة السياسية هي حق قبل أن تكون حاجة، وحجر أساسي لتحرر أي مجتمع، المشاركة السياسية للمرأة تهمَّش بفعل الأزمة التي تمر بها الأحزاب السياسية الفلسطينية. كيف لنا أن نشجع المواطنة الفلسطينية العادية بالمشاركة في العملية السياسية؛ بحيث لا يختصر دورها فقط بمجرد المشاركة في المسيرات الجماهيرية التي تنظمها الأحزاب السياسية، إذ إن جل ما تقوم به المرأة هو مجرد رفع علم لحزب سياسي معين مرددةً شعارات سياسية غير مدركة لمعانيها الأساسية، وذلك لأن بعض الأحزاب السياسية تنظر لمشاركة المرأة في فعالياتها كمجرد رقم يضاف من أجل زيادة الأعداد في المظاهرات والمسيرات الجماهيرية الخاصة بها".

كل هذا الحديث عن تغيير وتقدم وتنوير لا يمكن أن يحدث دون انتخابات ديمقراطية تشريعية ومحلّية، وبحسب ريما نزال فإننا "للأسف غير جاهزين لخوض انتخابات في ظل هذا الوضع، إذ يجب على المؤسسات النسوية أن تعمل على مسارين، أن تضغط على السلطة لتطبيق القوانين الموقعة حتى لا تظل حبراً على ورق، وأن تعمل مع المجتمع المحلي حتى يكون جاهزاً لتقبل المرأة وإمكانياتها في المشاركة السياسية، القوانين وحدها لا تغيِّر، إذ نحتاج إلى نظام متكامل يحمي تطبيق القوانين على أساس المواطنة".

وفي سياق العزف على لحن الأمل، هنالك إجماع أن الكُرة اليوم في ملعب القيادات الشابة، التي بدورها ستكون البديل لقيادة هرمت، فالوطن بحاجة إلى وجوه جديدة تأخذ دورها المناسب في التشكيلات الحكومية والانتخابات القادمة، تقود المجتمع برؤية متنورة قائمة على أساس المساواة، وقتها فقط سيكون هناك حديث عن مشاركة سياسية حقيقية، ليس للمرأة فقط وإنما للمجتمع بأسره.
برنامج "أمل: لدعم القيادة النسوية التحوّلية في أوقات التغيير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" ينفَذ في الأرض الفلسطينية المحتلة، تموله الوكالة السويدية للتنمية الدولية (سيدا) وتنفذه منظمة أوكسفام. واعتمد البرنامج خلال تنفيذه على خبرات وتجارب شبكة قوية من المؤسسات المحلية الشريكة وهي: جمعية المرأة العاملة للتنمية، والمبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي و الديمقراطية (مفتاح)، ومركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي في الضفة الغربية، ومركز شؤون المرأة في قطاع غزة.