الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

عناق صاخب تحت المطر

نشر بتاريخ: 09/02/2016 ( آخر تحديث: 09/02/2016 الساعة: 17:49 )

الكاتب: عطا الله شاهين

ذات صباحٍ ماطرٍ وقفتْ المرأة العجوز بالقُربِ منْ نافذتِها تنظرُ إلى جنونِ المطر المُتساقط، وفجأة رأتْ على الرَّصيفِ رجلاً بمعطفٍ طويل وامرأة ببنطالٍ ضيق ومعطفٍ قصير يخطوان بخطواتٍ بطيئة وغير مكترثين للمطرِ، وكان الرّجل يحملُ شمسية بيضاء اللون، ولمْ تكنْ تحتملُ هبّات الرّياح الهابة من جهة الغرب، ولكنه كان يمسكها بقوةٍ ليقي تلك المرأة من المطرِ، مع أنها كانتْ مُلتصقة به لدرجةِ أنَّ المشهدَ لا يبيّن بأنَّها زوجته، فتمتمتْ المرأة العجوز في ذاتها من خلفِ النافذةِ لربما تكون عشيقته ليس مُهمّا لي منْ تكون تلك المرأة ذات القوام الرائع..
وبعد لحظات وقفا في موقفٍ للحافلات ولم يكن للموقف أية مظلة، وطال انتظارهما لحافلتهما، والمطر اشتدّ لحظتها غزارة، وشعرا بلسعةِ برودةٍ، فبدأتْ المرأة ترتجفُ من البرْدِ، فالتصقتْ بذاك الرجل الذي ظلَّ ممسكا في المظلة، التي كادتْ أن تطير منه، لكنه عانق تلك المرأة المرتعشة بصخبٍ غير عادي، فلم يكنْ هناك أي أحدٍ على الرصيف، وتركَ المظلة، وتبللا من المطر، ولم يهتما لأي أحدٍ مع أنه في تلك اللحظات لمْ يكن هناك أي أحدٍ سوى سيارات مارّة بسرعة، أما تلك المرأة فبقيتْ متسمّرة على النافذة وتنظرُ صوبهما، وقالتْ بصوت خافتٍ : ما أروع عناقهما تحت المطر، فعناقهما يذكّرني بشبابي، فأنا كنتُ أُحبُّ العناقَ الصاخب، لكن تلك الأيام ولّتْ.. وبعد مرور ربع ساعة أتتْ الحافلة، لكنهما لمْ يصعدا إليها، وسارتْ الحافلة بدونهما، فهما غارقان في حُبٍّ مجنون وعناقٍ صاخب تحت المطرِ في مشهدٍ رومانسي رائع ..