الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بيع الوهم وصناعة الفشل

نشر بتاريخ: 10/02/2016 ( آخر تحديث: 10/02/2016 الساعة: 10:51 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

كما هو متوقع من إجتماعات الدوحة فما بني على باطل فهو باطل، فالناس لم يرفعوا سقف توقعاتهم ويدركوا ان هذه الجولة هي علاقات عامة، واختراع مصطلحات جديدة تضاف إلى قاموس مصطلحات الإنقسام، ماذا يعني تصور عملي وجدول زمني، لن يفتح معبر ولن تكون هناك حكومة وطنية أو تنفيذ إتفاق القاهرة في العام 2011.

ما جرى في الدوحة هو صيغة ووصفة جديدة للفشل وترحيله واستمرار البقاء في الأنفاق، وعدم إدراك من المنقسمين إستحقاق صناعة الفشل وتكلفته وخطورته الكبيرة عليهم وعلينا، وهذه العدمية وعدم قدرة الناس على الإحتمال وضبط توجيه الغضب الكامن فيهم، ولن يستمر صمتهم طويلاً على اجترار فشل القيادة وعدم وضوح نواياها وتغييب الإرادة والقدرة على استعادة الوحدة بين الفلسطينيين.

أعتقد أن الرئيس محمود عباس هو من يتحمل المسؤولية عن هذا الفشل والمستمر منذ عشرين عاماً والتراجع الخطير في مسيرتنا الوطنية، وبعد 11 عاماً من حكمه ونحو عقد من الإنقسام أيضاً، وهو سبب رئيس من أسباب إستمراره، وتمسكه ببرنامجه الشخصي وليس البرنامج الوطني، برنامج منظمة التحرير الفلسطينية المختلف عليه فلسطينياً، وبحاجة إلى إعادة نظر وتجديد.
ولا يكفي الحديث عن الثوابت في وقت لم يبقى لنا أي ثابت سوى الاستبداد والتفرد والإقصاء. فالرئيس أثبت فشل برنامجه وعدم قدرته على توحيد الشعب والفصائل والقطع مع الإحتلال وتحديد شكل وطبيعة العلاقة تنفيذا لقرارات المؤسسات الوطنية. وما وصلنا إليه من بؤس وحصاد الوهم وصناعة الفشل وترحيله والتدهور الخطير في مشروعنا الوطني.

وتغول الإحتلال فينا وما تشهده فلسطين خاصة القدس وتهويدها وحال الناس فيها والضفة الغربية وما جرى فيها من تغيير دراماتيكي في الجغرافية والكتل الإستيطانية التي زرعت خلال الحقبة الزمنية الماضية وأمام أعيننا ونحن ننتظر وعود المفاوضات والسلام المزعوم، وإسرائيل مستمرة في تضخيمها أكثر.
الرئيس عباس هو من يتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن ما لحق بنا، فهو من يمنع عقد المجلس الوطني ويمنع ان تكون هناك مؤسسة وطنية جامعة وقيادة حقيقية جماعية للشعب الفلسطيني تعيد الإعتبار للقضية والمؤسسات، وهو اللاعب الرئيسي في قضيتنا وبيده مفاتيح الحل في الحد الأدنى من القيام بواجبه ودوره بصفته رئيس الشعب الفلسطيني وقدرته على تصويب الاعوجاج بإعادة الإعتبار للمشروع الوطني وتعريفه من جديد على أسس الشراكة الوطنية والوحدوية.

المصالحة واستعادة الوحدة ليست بحاجة إلى عقد مباحثات جديدة ومفاوضات في الدوحة وغيرها من العواصم، فهذا هو بيع للوهم وإضاعة الوقت، ومن دون الأخذ بالاعتبار الحال الكارثي الذي نعيشه والمتغيرات الإقليمية والدولية والقطع مع دولة الاحتلال العنصري والذي يزداد فاشية ويوغل بدمنا ونهب وسرقة ما تبقى لنا من أرض والتنكر لحقنا في تقرير المصير والحرية. التخلص من عقلية الإستفراد وعدم قبول الأخر والعودة للمؤسسات الشرعية، وفتح حوار وطني ونقاش يضمن مشاركة الكل الفلسطيني من فصائل ونخب تعريف المشروع الوطني والبحث في الأهداف والشعارات وتقديم تنازلات حقيقية هو الطريق للوحدة والإيمان الحقيقي بالشراكة والحق في مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل المتاحة، والاعتراف أننا حركة تحرر وطني وليس نظام سياسي مستبد وغير ديمقراطي لن تقوم لنا قائمة، أزمتنا ليست الإنتخابات وحكومة وحدة وطنية، أزمتنا هي في إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني.