الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

عقوبة الإعدام بين القانون والدستور

نشر بتاريخ: 10/02/2016 ( آخر تحديث: 10/02/2016 الساعة: 10:48 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

شرع قانون العقوبات الساري في فلسطين عقوبة الإعدام على بعض الجرائم المحددة بالقانون، وقد سار لغط كثير في السنوات الماضية في جدواها حتى أن بعض التعاميم صدرت بعدم جواز إصدارها، وعلى الرغم من عدم صدور أو تعديل أي من القوانين في فلسطين، وتمارس عقوبة الموت من البعض في ظل تجاهل القانون، والبعض يصدر قراراته بين التشريع والمنع دون الالتفات إلى أحكام القانون والدستور وكأننا في غابة لا يسودها قانون.
وبين المؤيد والمعارض لهذه العقوبة، فان القانون يشرعها لأسبابه المنطقية التي ساقها المشرع في مذكراته وقت إصدارها، ولم يشرعها لان المنظمات الدولية أو غيرها يقبلها أو لا أو أن الهيئات العاملة في هذا المجال تروج لها أو لعدمها، فانا شخصيا ومن خلال مقابلات سابقة كانت تعرض علي عقوبة الإعدام أنت معارض أو مؤيد لها، ولكوني مؤيد لوجودها ولبعض الجرائم المحددة لان فيها إحياء للنفس كانت تحسب ضدي.

مسائل بهذا الحجم تحتاج إلى علم ودراسة كافية، ولا تؤخذ الأمور اعتباطا، كما فعل البعض لان بعض المؤسسات ذات التمويل والأجندات الأجنبية العمياء تروج لها، فدول متقدمة وكثيرة ما زالت تطبق عقوبة الإعدام لأسبابها التشريعية في الردع العام للجريمة ومرتكبيها، وان عقوبة الإعدام لا تخالف بتاتا المواثيق الدولية وفيها علاج خلاق لأمن ونظام المجتمع، فتشريعها لا يكون عقوبة لسلب الحياة ممن تطبق عليهم، بل شفاء وإحياء لحياة الناس في إحداث الردع على مرتكبي جرائم القتل العمد وبعض الجرائم التي شرعت لها عقوبة الإعدام. والقانون والدستور الفلسطيني لا يعارضها والمجتمع الفلسطيني متفهم لهذه السياسة بشكل تام وواضح.

وفلسطين في أحوج البلاد لهذه العقوبة التي اقرها الله في كتابه العزيز وشرعها لنا الإسلام بطريقة وأسلوب راقي، لا يظلم ولا يضام به احد، وكان الإسلام قد فرض لها الأحكام التي تحسم أية أخطاء أو جهل في مدعيها أو مصدرها أو مطبقها، وقد فضل العفو فيها من أهل المقتول للقاتل وبالتالي حفظ الإسلام فيها حياة الناس واحترم الإنسانية وليس كما يسوق لها البعض الجاهل، نعم اتفق مع البعض أن بعض القوانين خرج عن نص التشريع الصحيح لها في الإسلام، من حيث الجرائم المعاقب عليها بالإعدام وإجراءات المحاكم وطريقة العفو، بل وربما ليس لدى القضاء الكفاءة في إصدارها وتحقيق السياسات التشريعية التي تضمن تطبيقها بشكل سليم وقانوني.

نعم، هي فقط السياسات التشريعية العادلة والمحاكمات العادلة الكفيلة بتحقيق العدالة في هذا الجانب، ونحتاج إلى سلطة اتهام أي نيابة عامة قادرة على إثبات التهمة وإقناع القاضي القادر على البينة والحكم فيها، وإلا ما الذي يمكنه أن يقنع أهل المقتول في عدالة القانون والمحاكم إذا ما علموا أن ابنهم قتل قصدا وعمدا ولم يحكم على المقتول بالإعدام ولم يعفو؟
فالعبرة ليس في تشريعها وسياساتها وإنما في التطبيق الخاطئ لها.