الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

حرب اسرائيلية على صناعة الاسلحة في الضفة

نشر بتاريخ: 30/07/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:05 )
حرب اسرائيلية على صناعة الاسلحة في الضفة
بيت لحم - معا - رافق مراسل موقع "والله" العبري الالكتروني لشؤون الضفة الغربية الصحفي "شبتاي بنديت" قوات الاحتلال اثناء تنفيذها عمليات دهم وتفتيش ومصادرة في ارجاء عديدة من الضفة الغربية بهدف ما تسميه "اقتلاع ظاهرة تصنيع الاسلحة في الضفة الغربية من جذورها ومصادرة الاسلحة" التي استخدمت خلال العمليات الاخيرة التي وقعت في الضفة الغربية المحتلة.

ونشر هذا المراسل اليوم السبت تقريرا مطولا عن مشاهداته وانطباعاته عن جولة المداهمة الليلية التي نفذتها قوات الاحتلال في نابلس وغيرها نضع التفاصيل بين ايديكم دون تصرف كما وردت من مصدرها العبري وذلك في محاولة لإلقاء الضوء على طريق وأساليب قوات الاحتلال والعملية لواسعة التي اطلقتها بهدف تصفية تجارة وتصنيع الاسلحة النارية في الضفة الغربية وفقا لتعبير المراسل الصحفي.

صدرت الاوامر في تمام الساعة الثالثة من فجر يوم الاثنين الماضي وانطلق الرتل العسكري التابع "للواء السامرة" شاقا طريقه نحو قرى عوريف وعينبوس القريبتان من مدينة نابلس في عملية هي جزء من صراع ضد صناعة الاسلحة الفلسطينية.
وُضعت خطة محكمة لهذه العملية استمر العمل عليها لشهرين كاملين وخرجت الى حيز التنفيذ بعد تأجيلها عدة مرات في اللحظة الاخيرة واعتقل في سياقها اربعة فلسطينيين من سكان القريتين وتم مصادرة اربع الالات خراطة.

لا يدور الحديث عن صراع جديد بل هو صراع متواصل منذ سنوات طويلة لكنه تركز حتى الان على عمليات تفتيش ليلية تهدف الى ضبط اسلحة فردية ومعزولة ومصادرتها لكن "فرقة يهودا والسامرة" قررت في الفترة الاخيرة التركيز على ضبط واعتقال منتجي السلاح والذين يتاجرون فيه.

وقع التغيير حين توصلت قيادة "فرقة يهودا والسامرة" الى قناعة مفادها ان عمليات ضبط الاسلحة والتفتيش عنها هي عمليات عبثية وان الهدف من العمليات الحالية هو تحقيق انجاز ذا تأثير اكبر بكثير من عمليات ضبط الاسلحة اضافة لهدف منع وقوع عمليات اطلاق نار عبر استخدام اسلحة نارية ذاتية الصنع على غرار تلك التي شهدتها شوارع الضفة في الفترة الاخيرة.

وحتى تخرج هذه العملية الى حيز التنفيذ بدأ رجال الاستخبارات التابعين "لفرقة يهودا والسامرة" بجمع المعلومات بهدف تعقب ورصد المخارط المستخدمة في تصنيع الاسلحة ومصادرتها والعثور على مصنعين وتجار الاسلحة واعتقالهم.

وطرحت قبل شهرين وفي اعقاب عمليات قام بها "لواء يهودا والسامرة شاي" التباع للشرطة عدة اسماء من سكان قريي عوريف وعينابوس من عائلة واحدة يشتبه بعملهم في مجال تجارة الاسلحة.

واتضح مع تراكم المعلومات ان الحديث لا يدور عن اشخاص "صغار" في هذا المجال بل عن تجار اصحاب تأثير.

كانت عملية جمع المعلومات واسعة النطاق وتردد خلالها اربعة اسماء تعتبر من رواد وقادة هذا المجال ويملكون اربع مخارط وفور تحديد مكان هذه المخارط بدأت عمليات الاعداد للعملية العسكرية.

تبدو مخارط السلاح عادية مثل أي مخرطة اخرى تستخدم لأغراض مدنية لذلك لا يكفي العثور على المخرطة لإدانة مالكها بإنتاج السلاح بل يجب ضبط السلاح بحوزتهم بهدف اثبات ان هذه الالات لا تستخدم لأغراض عادية، ولتحقيق هذه الغاية تواصلت عملية جمع المعلومات حول الاشخاص الاربعة حتى لحظة تنفيذ العملية، وتم خلال نشاط جمع المعلومات توثيق كل حركة قاموا بها لكن عملهم كان يتّصف بالحذر ونجح احدهم بالتملص والتهرب من "قوات الامن" اكثر من مرة في الفترة الاخيرة اثناء قيامه بنقل الاسلحة التي يتاجر بها.

استمرت عملية جمع المعلومات حتى ساعة الصفر حيث دخل وخرج ضباط كبار الى مكتب قائد "لواء السامرة" الجديد الذي تولى مهام منصبه قبل شهرين الجنرال "غلعاد عاميت" وقدموا له اخر المعلومات التي تصلهم تباعا وتزويده بالتقارير الخاصة بآخر تحركات المشتبهين الاربعة.

وكانت العمليات دقيقة لدرجة ان "قيادة اللواء" كانت على علم بخلاف عائلي نشب بين احد الاشخاص الاربعة وزوجته وانه لم ينم في منزله عدة ليال نتيجة هذا الخلاف ونجحت نقاط المراقبة والرصد التي تم نصبها على تلة مقابلة للمنطقة في تحديد مكان نومه ليلة العملية.

وحين اتت اللحظة انطلق قوات تابعة لكتيبة الدورية "كتيبة دورية مشاة" التابعة للواء المشاة "الناحال" وقوات اخرى تابعة لوحدة المستعربين "دفدفان" وأخرى تعود الى ما يسمى بقوات "حرس الحدود" وجهات عسكرية اخرى تابعة للواء "السامرة" متجهة نحو ثمانية اهداف في ذات اللحظة اربع مخارط وأربعة مشتبهين وذلك بالتوازي مع عمل ثلاثة طواقم مراقبة ورصد لم تغفل عيون افرادها للحظة عن المشتبهين.

مر الرتل العسكري الطويل من قرية حوارة التي غط غالبية سكانها بالنوم لكن عددا من الاشخاص المتوجهين لعملهم في ساعات الصباح الباكر تفاجئوا برؤية القوات الكبيرة واحتاروا بهدفها وما تفعله وأيضا في قريتي عوريف وعينابوس التي تتجه القوات اليهما، استيقظ عدد قليل من سكانهما فقط والتقوا بالجنود اثناء توجههم لأعمالهم.

ووصلت القوات الى القريتين خلال 10 دقائق وبتزامن وتنسيق وتأمين، حاصر الجند منازل المشتبهين وأماكن تخزين المخارط فيما اشرف قائد المنطقة العسكري على العملية وكان يتلقى تفاصيل تقدم القوات عبر جهاز اللاسلكي.

وتمت عملية اقتحام المنازل واعتقال المشتبهين دون مقاومة ويبدو ان الاربعة لم يكونوا متوقعين او جاهزين لمواجهة هذه العملية.

وتم تجميع ابناء عائلاتهم في غرفة واحدة وشرع الجنود بأعمال البحث والتفتيش في المنازل ونقلوا عبر اجهزة الاتصال تفاصيل التفتيش اول بأول الى قائد المنطقة العسكري.

وعثروا في احد المنازل على مسدس وفي منزل آخر على ذخيرة وفي منزل ثالث عثر الجنود على آلة ثقب"دريل" يبدو انها تستخدم في انتاج السلاح فيما كانت المخارط داخل ورشات حدادة عادية لا تثير الشبهات او داخل مبنى يندمج جيدا مع المنظر الطبيعي العام للقرية، لكن فحصا دقيقا اسفر عن اكتشاف ادلة وإثباتات حول دورها في تصنيع الاسلحة، حيث عثر الجنود بالقرب من احدى المخارط على "ماسورة" يمكن تحويلها خلال فترة قصيرة الى "سبطانة" سلاح ناري فيما عثر على مقبض بندقية وجراب عسكري بجانب مخرطة تم اخفاؤها داخل مبنى غير مكتمل لتسفر عمليات حفر قصيرة في ارضية من الاسمنت عن اكتشاف اجزاء من بندقية رشاشة من طراز "كارلو غوستاف".

وكانت احدى المخارط اكثر تطورا من الثلاث الاخريات حيث يجري تشغيلها بواسطة الحاسوب ما ساعد الجنود على معرفة عدد ونوع السلاح الذي تم انتاجه بواسطتها وتم فعلا العثور على ادلة وبيانات تدين هؤلاء الاشخاص.

وبعد اربع ساعات تم اعتقال الاشقاء الاربعة وهم عصام ناجح شريف الصفدي الذي يعمل ضمن الاجهزة الامنية الفلسطينية، وعلي المنتمي ايضا للاجهزة الفلسطينية وسعدي واسعد من قرية عوريف، وتم ضبط اربع مخارط في قرية عينابوس القريبة.

وصادرت القوات المهاجمة اسلحة محلية الصنع من طراز "كارلو غوستاف" وبنادق "عوزي" واخرى من طراز M-16 اضافة لذخائر وآلة ثقب"درل" يبدو انها استخدمت في انتاج السلاح وسيارات وغيرها من المعدات.

وتشير التقديرات الامنية الى تسويق هؤلاء الاشقاء للاسلحة التي ينتجونها في ارجاء الضفة الغربية اضافة لبيعها لتجار اسلحة داخل اسرائيل نفسها.

ووفقا لادعاء المراسل صاحب التقرير يعتقد الجيش الاسرائيلي بوجود ثلاث مخارط اخرى شمال الضفة الغربية تعمل على تصنيع الاسلحة اضافة لعدة مخارط موزعة في مناطق مختلفة من الضفة الغربية.

ولا تعتبر حيازة المخارط ممنوعة في الضفة الغربية عموما حيث تنتشر العشرات منها في الضفة الغربية لكن اجهزة جمع المعلومات الاستخبارية التابعة لفرقة "يهودا والسامرة" تحاول رصد اي من هذه المخارط تعمل او تشارك في انتاج السلاح بهدف اخراجها من دائرة النشاط على امل ان تؤدي عمليات مصادرة المخارط الى تقليص اعمال تصنيع الاسلحة وبالتالي ارتفاع سعر هذه الاسلحة.

ووفقا للمصادر الاسرائيلية بلغ سعر بندقية محلية الصنع في الاونة الاخيرة ما بين 2500 – 3000 شيكل لكن بعد عمليات مصادرة المخارط ارتفع هذا السعر الى اكثر من 4000 شيكل.

وقال الرائد "ليرون فوكس" قائد وحدة الهندسة والتخريب التابعة للواء الناحال ان "فرقة يهودا والسامرة" تأمل ان يؤدي ارتفاع اسعار الاسلحة الى ضرب قطاع صناعة السلاح الفلسطيني.

"وصلنا الى هنا هذه الليلة بهدف اقتلاع هذه الظاهرة من جذورها وحاولنا الولوج الى صميم قلب صناعة الاسلحة ومصادرة المخارط ما سيؤدي الى ارتفاع اسعار الاسلحة في الضفة الغربية وقد صادرنا في احدى البيوت مخرطة وأسلحة وذخائر واعتقد ان هذا يعني ان مهمتنا تكللت بالنجاح" اضاف الرائد المذكور.

وشهد الاسبوع الماضي ايضا عملية مصادرة مخرطة تستخدم في تصنيع السلاح في منطقة الرام شمال القدس ومخرطتين اخريين في منطقة الخليل ما يرفع عدد المخارط التي تم مصادرتها منذ مطلع عام 2016 الى 20 مخرطة واكثر من 200 قطعة سلاح.

واختتم المراسل تقرير بالقول "بعد ساعات نوم قصيرة سيعود الجنود لتنفيذ عمليات اخرى وسيواصل رجال المخابرات جمع المعلومات لتحديد مكان وجود المخارط بهدف الحد من قدرة انتاج السلاح والاتجار به وتقليص خطر وقوع عمليات قدر الامكان.