الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

والبعرة تدل على البعير

نشر بتاريخ: 04/09/2016 ( آخر تحديث: 04/09/2016 الساعة: 11:30 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

في لقاء متلفز على شاشة القناة الاسرائيلية الثانية حول السيرة الذاتية للوزير فؤاد بن اليعيزر ، قالت أرملته ( دولي اليعيزر) كلاما كثيرا , وقد ترقرقت عيناها بالدموع من خلف النظارات السوداء . ونفت بشدة انه اختلس مئات الاف الدولارات ، ورغم تأكيدها انه واياها كانا من رواد الكازينو وحرق الاموال على ماكينات القمار ، الا انها نفت عنه تهمة الاختلاس .
ما لفت انتباهي أكثر ، هو مفاخرتها بنشاطاته مذ كان فتى صغيرا ، ومن أعماله المشهودة انه مع أقرانه اليهود كان يقرع أبواب جيرانه العرب صباحا باكرا يوم الجمعة ( اي يوم الاجازة ) ويضرب بشدة على الأبواب ويهرب ، فينزع الراحة عن الجيران العرب الذين يرغبون في النوم قليلا صباح الجمعة ، ولم يكن لمجموعته اي هدف سوى ازعاج العرب واقلاق راحتهم . كما ذكرت الارملة وهي تبتسم ابتسامة عريضة وسط الحزن : ان فؤاد بن اليعيزر دأب وهو صغير أن يعتلي أسطح المنازل ويقوم بالتبول على رؤوس العرب وهم يسيرون في الشوارع . وضحكت باعجاب .

في الجهة المقابلة ، أكثر ما شدّني في كتاب ( دروب الألم ) للقائد الصديق نعيم الاشهب من القدس ، انه يذكر بكل بساطة ردة فعله خلال هزيمة عام 1948 . ويقول : كان اخي الكبير قد استشهد للتو على يد العصابات الصهيونية وكانت الاسرة في حال حزن شديد ، وحين سقط الشق الغربي من القدس وهرب العرب . كان الجميع يهرب باتجاه الشرق الا انا واصلت التوجه نحو الغرب ، وسط خطر حقيقي على حياتي . وحين عدت وجدت الاهل يقرعونني ملامة على هذه المخاطرة . وحين سألني أفراد العائلة : لماذا ذهبت الى غرب القدس ؟ أجبت : كان في رقبتي دين للخياط اليهودي فقد أصلح لي بنطالا ولم أدفع اجرته بعد ، وخفت ان نخرج من القدس ولا ادفع الدين للتاجر اليهودي !!!!!
حين قرات هذه الفقرة تجمّد الدم في عروقي ، واتصلت بالقائد نعيم لاسأله اكثر واكثر عن هذه الجزئية ، لكنه كان أكثر الحاحا في الدفاع عن القيم الشريفة وان الاحتلال لن يسلب منا شرفنا العربي ( لن ينزعوا منّا الشرف . لن يطفئوا فينا النخوة . لن يسلبوا منّا الرحمة . لن ياخذوا منّا الشهامة ) .

نعيم الاشهب خاطر بحياته وسط اطلاق النار ليعود الى مدينته المسلوبة ويدفع دينا في رقبته لتاجر يهودي استوطن بيته وسلب فرحة عمره .
وفؤاد بن اليعازر كان في نفس الوقت يعتلي اسطح المنازل ويتبول على رؤس جيرانه العرب .