الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفرق بين قضية الاستقلال وملف الاستقلال!

نشر بتاريخ: 15/11/2016 ( آخر تحديث: 15/11/2016 الساعة: 12:51 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

استمعت الى بعض التعليقات الساخرة من المواطنين (الذين لا تنقصهم الوطنية والحرص، بل ربما لديهم أكثر من المسؤولين) تجاه الاحتفال المفترض بيوم الاستقلال ونحن بهذا الحال الصعب، كما أن هذه التعليقات برزت خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وأنا أريد القول أنني أتفهم الدافع والحرص عند أصحاب هذه التعليقات، فهم الذين لا يصبرون على الظلم ولا يقبلون الانتظار أكثر وأكثر على هذا الحال.
الاستقلال قضية أم ملف؟
إن الفرق بين قضية وملف فرق كبير، ويجب على المسؤولين  إيضاحه بشكل مفهوم للجمهور، فالقضية لا تخضع لمنطق الربح والخسارة، وانما الدافع فيها هو الثبات والاستحقاق التاريخي وإبراز الهوية الوطنية وتجسيدها وتكريسها واقعا وسلوكا، وتكون القضية أمانة بيد الثوار ولا يديرها المحامون والتكنوقراط.

اما الملف فهو قضية على طاولة البحث والمساومة والكر والفر والمفاوضات والأخذ والعطاء والتكتيك وتنويع الأدوات، من أجل الوصول الى حل يرضي للطرفين، وقد يكون الملف بيد محامين وتكنوقراط وليس بيد الثوار والمقاتلين.

ويبدو أن هناك خلطا عند المسؤولين بين القضية وبين الملف، فتراهم يقولون قضية الاستقلال، فيما يتعاملون معها على أرض الواقع باعتبارها ملفا يجري التفاوض عليه ونقاشه في المحافل الدولية والمساومة عليه أحيانا، لما فيه من موازين الربح والخسارة، ويقول معظم المسؤولين "قضية الأسرى" والأقرب للواقع أن يقولوا "ملف الأسرى" لأنه ملف للتفاوض، وأن يوضحوا للجمهور الفرق بين قضية الأسرى وان نتمسك بالشعارات الكبيرة، وبين ملف الأسرى وأن نسعى لإطلاق سراحهم بشكل أو بآخر، ولو كان رأيي مهما فإن الجهات الحكومية تتناول الأسرى كملف، بينما القوى والفصائل تتعامل معه كقضية.
وهناك فرق بين قضية القدس وملف القدس، قضية حق العودة وملف حق العودة... الخ.
هناك بين ظهرانينا من يتعامل مع الاستقلال كملف، وهناك من يتعامل معه كقضية، وهنا تختلف الادوات والرؤية، وبغض النظر عن الاختلاف الجوهري في الأمر، إلا أن الأمل هو الذي يبقينا على قيد الحياة، سواء أصحاب القضية أو أصحاب الملف.

"سيفتحُ الله باباً كنت تحسبهُ.. من شدّة اليأْس لم يُخلق بمفتاحِ"