السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

المرأة في السفارة

نشر بتاريخ: 15/03/2017 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:05 )
المرأة في السفارة
بيت لحم- تقرير أحمد تنوح- معا- استطاعت المرأة الفلسطينية أن تحقق نجاحاً مشهوداً خلال السنوات الماضية في المجال الدبلوماسي، مسقطة كل الشعارات التي كانت تعتبر دورها الدبلوماسي مجرد "ديكور"، لتصل إلى قلب الفعل الدبلوماسي استناداً للقوة "الناعمة" القادرة على تليين المواقف الصعبة.
آراء عديدة تتبدى حول أسباب نجاح المرأة فيما بات يعرف بـ "الدبلوماسية الناعمة"، بدءاً من كونها جديرة بهذا العمل، إلى كونها استفادت من ضغوط تتعلق بتحسين وضع المرأة، لتحسم سفيرات فلسطين هذا الجدل من خلال التقرير الذي اعدته وكالة معا.
سفيرة دولة فلسطين لدى ايطاليا ومنظمات الامم المتحدة في روما‬ د. مي كيله، تقول خلال حديثها لـ معا: إن من يرى أنّ دور المرأة كسفيرة هو دور تجميلي، مرتبط بالبرتوكولات والمراسيم الخاصة والاحتفالات ومآدب الطعام والولائم فهو مخطئ، بل إن المرأة أثبتت أنها توازي الرجل في المهمة الدبلوماسية وقد تتفوق عليه في أحيان أخرى.
كيله سفيرة فلسطين في تشيلي سابقاً، وحالياً سفيرة في ايطاليا منذ نحو 12 عاماً، تؤكد أنّها لم تجد أي عائق اثناء عملها الدبلوماسي مع الحكومات المضيفة أو الحكومات الفلسطينية ووزارات الخارجية والبرلمانات؛ لأن ومن وجهة نظرها العمل الدبلوماسي مع دوائر صنع القرار يتعامل مع المصالح والاهتمامات، بغض النظر عن الجنس.

9 فلسطينيات يشغلن منصب سفير
وتشغل تسع نساء فلسطينيات منصب سفير، منهن خمس في أوروبا، وواحدة في امريكا اللاتينية، وسابعة في زيمبابوي، وثامنة تعمل برتبة سفير في مقر وزارة الخارجية الفلسطينية برام الله، واخرى سفير مناوب في المندوبية الدائمة لفلسطين بالجمعية العامة للامم المتحدة بنيويورك.
"دائماً هنالك معيقات وتحديات مرتبطة بطبيعة العمل الدبلوماسي، وأخرى مرتبطة بكون السفيرة امرأة، ولكن عندما نتحدث عن سفيرة فلسطينية، فالأمور هنا تختلف؛ كوننا نتسلح بأعدل قضية وهذا من اسباب قوتنا، في ذات الوقت الذي يتقبل فيه مجتمعنا وجود امرأة على رأس السفارة". تضيف كيله.‬
ويشير جهاز الاحصاء المركزي إلى أنّ نسبة السفيرات الفلسطينيات خلال 2016 لم تتجاوز 5.8% مقارنة مع 94.2% للسفراء الرجال.
وعبرت كيله عن أسفها جراء هذه النسبة المتدنية للمرأة في العمل الدبلوماسي، مطالبة بمنح المرأة تمييزاً ايجابياً "كوتا" لتكون شريكة حقيقية في كل مجالات البناء الوطني، ولا نريد فقط أن يكون تمثيلها مجرد ظاهرة نتغنى بها أمام العالم المتحضر.
وتؤكد أنّ تقلّد امرأة لمهمة سفير يعطي انطباعاً جيداً لدى الدولة المضيفة، لا سيما عندما تكون المرأة عربية، وهذا الانطباع يعتمد على الاداء عندما تبدع المرأة في مهمتها ويبقى مقياس النجاح في النهاية الإنجاز بغض النظر عن الجنس.
ووقعت فلسطين في عام 2014 على اتفاقية سيداو من أجل القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء، وضمان حق المرأة في تمثيل حكومتها على المستوى الدولي على قدم المساواة مع الرجال، وكذلك وافقت فلسطين على تأييد دور المرأة في العمليات الديمقراطية حسب القرار الأممي 66-130 الذي اتخذته الجمعية العامة في عام 2011 بشأن المرأة والمشاركة في الحياة السياسية.

"معقول ياسر عرفات يوظف امرأة تمثل فلسطين !"

"عندما بدأنا كفلسطينيات عملنا في المجال الدبلوماسي لمْ يكن هناك وظائف بالمعنى الحقيقي مثل الدول الأخرى، بدأنا متطوعات وممثلات لمنظمة التحرير الفلسطينية وبالتالي كنا بعيدات عن الدبلوماسية وكان المسمى والهدف الاول الوطنية"، تقول سفيرة فلسطين لدى هنغاريا ماري انطوانيت سدين.
وبدأت سدين مشوارها نحو العمل الدبلوماسي في السويد عندما عملت متطوعة في مكتب تمثيل اعلامي تابع لمنظمة التحرير عام 1978، وبعد ذلك اصبحت موظفة رسمية في مكتب تمثيلي لمنظمة التحرير عام 1982، ثم شغلت منصب سفيرة لأول مرة في الدنمارك لأكثر من 3 سنوات، وخلال العام 2006 بدأت دولة فلسطين العمل بالقانون الدبلوماسي الرسمي، وتم توحيد السلك الدبلوماسي الخارجي، ثم اصبحت سفيرة فلسطين هنغاريا.
وترى السفيرة سدين أنّ أهمية عمل المرأة في المجال الدبلوماسي تنبع من كونها بطبيعيتها تشكل عنصراً لطيفاً، ولديها قدرة أكثر على الاقناع، وبالتالي الوصول إلى الهدف بشكل اسهل.
"لم يكن مألوفا للأوروبيين أنّ تبعث منظمة التحرير الفلسطينية امرأة تعمل لوحدها في دول هذه القارة، دون تمييز بين امرأة مسلمة أومسيحية، وكان من الصعب على اوروبا استيعاب ذلك انطلاقاً من نظرتها أنّ المرأة العربية مقيدة ولا يسمح لها بموازاة الرجال" قالت السفيرة.
وأضافت لـ معا أنهم كانوا يتعجبون كثيراً ويقولون وتحديداً في السويد: "معقول ياسر عرفات يوظف امرأة تمثل فلسطين، ايعقل أن يؤمن لعنصر يمثل عند العرب درجة ثانية"، الآن ادرك الأوروبيون أنّ لدينا إلى حد ما مساواة بين الرجل والمرأة، متمنية أن يضاف إلى السلك الدبلوماسي سفيرات اخريات يمثلن فلسطين في الخارج.
يذكر أنّ هنجاريا اعترفت في العام 1988 بدولة فلسطين، ورفعت التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني الى درجة سفارة، وتحظى السفارة هناك بكل الحقوق والامتيازات ولا تستثنى من أي دعوات.

فريز تدعو لتثبيت تشريعات ترفع من عدد السفيرات
وكان مستوى التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني ارتقى من تصنيف منظمة إلى تصنيف دولة في غالبية دول العالم، بعد أن حظيت عام 2012 بتمثيل دولة مراقب غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مما اسهم بتحسين العلاقات الدولية.
من جهتها، سفيرة فلسطين لدى السويد هالة فريز قالت إنها لم تلمس أي تمييز- ايجابي أو سلبي- في عملها الدبلوماسي لكونها امرأة، مؤكدة أنّه وفي أي مهمة يتحملها الإنسان، سواء الرجل أو المرأة، فإنه يحاسب بقدر تحقيقه للأهداف التي أعلن عنها ووضع الخطط لبلوغها.
وتعتبر فريز من أقدم الفلسطينيات اللواتي عملن في الحقل الدبلوماسي الذي بدأته قبل نحو 37 عاماً من موقعها في العلاقات بين منظمات السلام وجمعيات التضامن والصداقة والتعاون في السبعينيات اثناء عملها مع منظمة التحرير، ثم عملت دبلوماسية في عدة دول إلى أن اصبحت أول سفيرة لفلسطين في السويد في العام 2011.
وتؤمن فريز أنّ تمثيل المرأة الفلسطينية لدولتها في المحافل الدولية يعطي صورة ايجابية عن القضية، ويعكس صورة ايماننا بدور المرأة الجدي وديمومته في كافة مناحي الحياة.
واستعرضت التجربة السويدية في هذا الإطار حينما طرحت الحكومة تقليد السياسة الخارجية للمرأة، انطلاقاً من أهمية وجودها وقدرتها على التعاطي مع الأزمات وإداراتها، وكونها تصل إلى النصف الأخر من المجتمع.
ودعت فريز إلى تثبيت تشريعات تضمن مشاركة أكبر للمرأة الفلسطينية في مجال الدبلوماسية "الناعمة"، في ظل النسبة التي وصفتها بالضئيلة لعديد السفيرات الفلسطينيات العاملات في السلك الدبلوماسي مقارنة بنسبة الرجال في هذا القطاع.

أهمية شغل المرأة الفلسطينية لموقع سفير
السفيرة د. أمل جادو مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية تحدثت لـ معا عن تجربتها مع نساء يعملن في السلك الدبلوماسي على مستوى العالم، مؤكدة أنّ المرأة تبدي التزاماً اعلى في قضايا حقوق الانسان، وبالتالي عملها مهم لحفظ الأمن وتحسين العلاقات بين الدول، وهذا يرتبط بكينونة المرأة التي تهتم أكثر بالمجتمع.
وأضافت: تلقيت دعماً كبيراً من الرئيس محمود عباس خلال عملي 3 سنوات كسفيرة، وهذا الأمر منحني تجربة وفتح لي علاقات واسعة مع الدول وأعطاني دافعا مهنياً ومعنوياً كبيراً.
"العمل الدبلوماسي بالنسبة لي هو التجسيد المهني لما كنت اقوم به وأنا طالبة في المرحلتين الثانوية والجامعية، وهو مسؤولية يضلع بها كل فلسطيني برفع الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية، فذهبت إلى الولايات المتحدة ودرست الدبلوماسية واقوم بهذا العمل، على اعتبار أنه مهمة وطنية ووسيلة اوصل من خلالها الرسالة حول معاناة شعبنا"، تقول جادو.
ولفتت إلى أنّها واجهت بعض الاشكاليات في البداية؛ لأن الناس غير معتادين على رؤية المرأة في العمل الدبلوماسي، لكن بعد تعودهم على العمل معها اصبحت الأمور تسير باتجاه ايجابي خاصة مع ملاحظة نظرة الدول الغربية لوجود نساء يمثلن فلسطين كسفيرات.
وأوضحت أنّ غالبية المجتمع تقدر عالياً النساء الفلسطينيات وتسعد بوجود دبلوماسيات فلسطينيات ناجحات قادرات على تمثيل بلادهن خير تمثيل، مستعرضة مثلاً حياً من واقع تجربتها الشخصية، "كنا نجلس 3 دبلوماسيات فلسطينيات في اجتماعات مع الأوروبيين الذين يكون بينهم امرأة دبلوماسية واحدة فقط، فنرى انعكاس واقع هذا الأمر على وجوههم بإيجابية، لدحض الاعتقاد بأنّ المرأة العربية لا تقدر على ممارسة هذا العمل بحرفية.
وشغلت خلال السنوات الماضية عدد من الفلسطينيات منصب سفير في دول عدة، رندا النابلسي سفيرة سابقة في البرتغال، وهند خوري سفيرة سابقة في فرنسا، وميادة بامية سفيرة سابقة في البرازيل، وسمية البرغوثي سفيرة سابقة في هولندا.

جرادات: حضور الدبلوماسيات الفلسطينيات يزداد يوماً بعد يوم
من جهته، قال وكيل وزارة الخارجية د. تيسير جرادات لـ معا: نعتمد في تعيين السفيراء على الكفاءة والمقدرة على شغل المنصب، لكن وجود المرأة الفلسطينية في منصب سفير يعطي انطباعاً لدى الدول أنّ الشعب الفلسطيني يراعي مفاهيم "الجندر".
وحول عدم وجود سفيرات في أسيا وقارات أخرى، أوضح جرادات أنّ حالياً يشغل عدد من السفراء، وفي وقت سابق لم يكن عدد السفيرات كافياً لشغل مناصب في تلك القارات، لكن لا يوجد أي تحفظ على تعيين أي سفيرة في أي دولة بالعالم، إلا إذا كانت الدولة تشهد نزاعات فحرصاً على سلامتها نجنبها ممارسة العمل في تلك المناطق".

وأضاف: كلما نضجت الظروف وتبين لنا وجود امرأة قادرة على تقلد منصب سفيرة يتم تعيينها فوراً حال وجد شاغر، مستعرضاً تجربة السفيرة أمل جادو التي تملك مقومات ومهارات السفير، ما جعلها اليوم مشرفة على العلاقات مع أكثر من 45 دولية أوروبية.
ولفت جرادات إلى أنّ حضور الدبلوماسيات الفلسطينيات يزداد يوماً بعد يوم، حيث تستدرج الوزارة منذ 3 سنوات ملحقين دبلوماسيين جدد يخضعون لاختبارات مشيراً إلى أنّه خلال العام الماضي تم تعيين 15 موظفاً بالملحق الدبلوماسي منهم 11 مرأة.

سفيرات فلسطين حول العالم:
1- د. مي كيله سفيرة فلسطين في ايطاليا
2- هالة فريز سفيرة فلسطين في السويد
3- ماري انطوانيت سدين سفيرة فلسطين في هنغاريا
4- خلود دعيبس سفيرة فلسطين في المانيا
5- روان سليمان سفيرة فلسطين في هولندا
6- لندا صبح سفيرة فلسطين في فنزويلا
7- تغريد السنوار سفيرة فلسطين في زمباوي
8- السفيرة د. أمل جادو مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية
9- فداء عبد الهادي سفير مناوب في المندوبية الدائمة لفلسطين بالجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك