الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

صناع البهجة “الترللي”

نشر بتاريخ: 22/03/2017 ( آخر تحديث: 22/03/2017 الساعة: 17:02 )

الكاتب: ناجي الناجي

كنت أنتظر خلال الأسابيع السابقة ولادة تجربة موسيقية جديدة يتزاوج خلالها الوعي الأكاديمي مع فطرة الصعلكة بفضول وشغف، تجربة يقوم عليها موسيقيون وفنانون فلسطينيون تجاوزوا الأكلاشيه، وسخروا من التقليدي، وسخرّوا ما لديهم من تراكم ثقافات موسيقية متنوعة ومتوارثة واطلاع على تجارب فنية حداثية للوصول إلى شكل جديد يظهر القوالب الفنية المتعددة في إطار فني فلسطيني جديد.
تجربة فرقة " الإنس والجام " الأولى تجربة تستدعي الوقوف أمامها والتأمل، لأن عناصر العمل الأول للفرقة فرضت ذاتها بشكل ملحوظ واستطاعت تقديم محتوى فني مختلف وجماهيري في آن واحد، وهي المعادلة التي عانت منها الفرق الموسيقية العربية المستقة بانحسار أعمالهما بين جمهور النخبة وما يطلق عليه جمهور الموسيقى البديلة.
أغنية " ترللي " والتي حازت على آلاف المشاهدات فور طرحها احتوت على كافة عناصر الأغنية الحديثة غير الفارغة، لحن مميز لإبراهيم نجم يدرك خلاله مكامن تحول الفكرة في كلمات سامر الصالحي ،توزيع موسيقي عصري مبني على أساس إيقاعي شرقي مع العود والكمان و للبيانو، صوت فلسطيني مميز للشاب محمد مصطفى الذي حتماً سيشغل في وقت ما حيزاً هاماً في المشهد الغنائي الفلسطيني، توظيف شديد الذكاء للصوت الجميل ميرا أبو هلال ، واصراراً على اكتمال الإنطلاق الأول للفرقة توجّت مجموعة العمل مزيجها بكليب مصور من إخراج فادي أبو نعمة نسج من خلاله قصصاً متعاقبة غير مكتملة تماشياً مع النص، متعمداً اختيار كادرات أخاذة فجعل من المكان عاملاً مساعداً للجو العام الذي بناه بحرفية عالية.
التحدي الحقيقي الذي وضع فريق " الإنس والجام " نفسه به هو السقف شديد العلو الذي بدأ به تجربته، والذي يحتم عليه استكمال التجربة بذات النجاح وذات الذكاء ، خاصة وأنه سيطلق تجربته الجديدة حاصداً بالفعل جماهيرية ليست بسيطة كماً ونوعاً، سيما بعد أن صنعوا البهجة في أفئدة شعب توّاق للفرح ، ولن يقبل المبتهجون بالعمل النزول عن ذلك العلو الذي تربعواعليه.