الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

طبول حرب تُقرع بكاتم صوت

نشر بتاريخ: 26/03/2017 ( آخر تحديث: 26/03/2017 الساعة: 15:13 )

الكاتب: سفيان أبو زايدة

ليس هناك مجال للشك ان اغتيال الاسير المحرر مازن فقها قبل يومين في قلب مدينة غزة هو تطور نوعي في كل ما يتعلق بمنظومة العلاقة غير الرسمية القائمة بين اسرائيل وحماس. ليس هناك من شك ايضا ان اسرائيل هي التي تقف خلف عملية الاغتيال لثلاث اسباب على الاقل، الاول ان الشهيد مازن فقها متهم من قبل اسرائيل “باللعب” في ساحة الضفة الغربية وسبق ان كتب الاعلام الاسرائيلي حول هذا الامر و سبق ان تلقى الشهيد مازن تحذيرات و تهديدات اسرائيلية .
السبب الثاني ان ليس للشهيد اي اعداء داخليين او تخاصمات مع احد و بالتالي ليس هناك اي مصلحه في اغتيالة سوى اسرائيل ، اما السبب الثالث هو ان طريقة تنفيذ عملية الاغتيال هي طريقة نموذجية للموساد الاسرائيلي. هكذا تم اغتيال غالبية القادة الفلسطينيين و العرب و التي كان اخرها اغتيال المهندس محمد الزواري في تونس و التي اتهمته اسرائيل بالمساهمه في تطوير قدرات حماس العسكرية.
عملية الاغتيال من حيث التوقيت جاءت بعد مرحلة من الهدوء النسبي و الاتفاق غير المكتوب بين اسرائيل وحماس منذ العدوان الاخير عام 2014 بعدم استخدام اسلوب الاغتيالات لقيادات حماس او فصائل المقاومة طالما هناك حفاظ على قواعد اللعبة . اقدام اسرائيل على اغتيال الشهيد مازن فقها هو تغيير جوهري في قواعد اللعبة، وهذا التغيير لن يكون من جانب واحد فقط.
قرار الاغتيال بهذا الحجم لم يتخذ على مستوى قائد المنطقة الجنوبية او حتى مستوى رئيس هيئة الاركان و معه وزير الجيش بالتنسيق مع الاذرع الامنية الاخرى. قرار من هذا النوع لابد ان يكون قد اتخذ على مستوى الكابينت الامني المصغر على اقل تقدير. اما من حيث التنفيذ، و على افتراض ان وحده خاصة اسرائيلية وليس عملاء محليين هي التي استطاعت ان تجد الثغرة الامنية للوصول الى تل الهوى في قلب مدينة غزة و تنفيذ العملية و الانسحاب دون ان يكتشف امرهم فهذا يعني ان اسرائيل سخرت كل امكانياتها العسكرية و التكنولوجية و كل امكانياتها الامنية من اجل ضمان نجاح العملية.
هذا يعني ان المجموعة التي نفذت عملية الاغتيال كانت على اتصال مع غرفة القيادة التي تم تشكيلها لهذا الغرض التي قد تكون في عرض البحر او بالقرب من الحدود مع غزة او من خلال طائرة مروحية تحولت الى غرفة عمليات كما حدث مع الشهيد يحيى عياش .
من المفترض ايضا ان الطائرات بدون طيار كانت تصور و توجه و تراقب و تزود المجموعه على الارض بالمعلومات اللازمة و طائرات سلاح الجو جاهزة للتدخل في حال حدوث اي خلل و تأمين الانسحاب لهم.
والاهم من ذلك كله هو تداعيات عملية الاغتيال التي قد تؤدي الى انفجار الوضع اذا ما كان هناك رد فعل سريع على عملية الاغتيال. كل ذلك يستدعي ان يكون القرار قد اتخذ على اعلى المستويات.
الاستنتاج من ذلك هو ان قرار الاغتيال قد اتخذ حتي لو ادى ذلك الى تصعيد على جبهة غزة بما في ذلك الدخول في مواجهة جديدة مع فصائل المقاومة هناك. ليس هناك وهم لدى الاسرائيليين ان عدم رد حماس الفوري على عملية الاغتيال هو نهاية الحكاية و ان الامور ستعود الى ما كانت علية من قبل . اسرائيل تدرك ان حماس ستكون ملزمة بالرد و الان الامر هو مسألة وقت فقط ، الرد قد يكون فى العمق الاسرائيلي و قد يكون من الضفة الغربية و قد يكون من مكان آخر.
لاشك ان قرار الرد لدى حماس هو ليس قرار فردي او مزاجي حيث قد يؤدي ذلك الى الدخول في مواجهة شاملة مع اسرائيل ، ولكنهم يدركون ايضا ان وجود قيادة جديدة لحماس في غزة يقف على رأسها الاسير المحرر يحيي السنوار رفيق مازن فقها في الاسر يجعل الامور اكثر حساسية و يجعل الاسرائيليين اكثر قلقلا.
على اية حال ، الانفجار ليس بالضرورة سيكون نتيجة مباشرة لعملية الاغتيال، و ليس بالضرورة يبدأ هذا الانفجار من غزة. هناك ساحة اخرى ملتهبة قد يحدث الانفجار بها قبل او اسرع مما يحدث في غزة او من غزة و هي ساحة الضفة الغربية.
ليس فقط لان هناك مجموعة من الاحداث الدامية قد حدثت في الايام و الاسابيع الاخيرة ، و التي اهمها اغتيال الشهيد باسل الاعرج في قلب “ عاصمة السراب” و بعد ذلك سقوط شهداء في اكثر من مكان ، بل ايضا لما سيحدث من تطورات بسبب قضية الاسرى و عزمهم على خوض اضراب مفتوح عن الطعام و سيكون في مقدمة الاسرى المضربين الاسير القائد مروان البرغوثى.
كما تم الاعلان عنه في وسائل الاعلام، قرار الاضراب احتجاجا على الظروف الانسانية الصعبة في السجون الاسرائيلية قد اتخذ و سيارشك فيه عدد كبير من الاسرى و في مختلف السجون ولقد تم تحديد ساعة الصفر وهي السابع عشر من نيسان و الذي يصادف يوم الاسير الفلسطيني.
اضراب المعتقلين في السجون الاسرائيلية بالتزامن مع الضغط الامريكي و الاسرائيلي و بعض الدول الاوروبيية على السلطة الفلسطينية بوقف دفع رواتب للاسرى و عوائل الشهداء وكذلك للاسرى المحررين بحجة دعم الارهاب اضافة الى حملات التضامن التي سترافق اضراب الاسرى بلا يشك امر يقلق الاسرائيليين و يقلق غيرهم ايضا.
خلاصة القول هنا ان الامور لا تبشر بخير سواء على جبهة غزة او على جبهة الضفة، وان قرار الاغتيال في غزة قبل يومين و قبل ذلك سقوط شهداء في الضفة بوتيرة متقاربة هو انعكاس لقرار اسرائيلي جوهره انه لم يعد يكترث للتصعيد حتى و ان ادى ذلك الى حدوث حرب جديدة في غزة او انتفاضة جديدة في الضفة.
هناك من يعتقد ان طبول الانتخابات في اسرائيل التي تسمع هنا وهناك و التي تشير الى قرب تفكك حكومة نتنياهو و في ظل ما يجري معه من تحقيقيات في الشرطة قد تؤدي الى توجيه لائحة اتهام له على بعض القضايا التي تم التحقيق معه بشأنها ربما ستسبق طبول الحرب و ان هذا الامر يؤثر بشكل غير مباشر على ما يجري او سيجري من احداث و تطورات .