الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

زيارة ترامب وكوميديا الاخطاء

نشر بتاريخ: 18/05/2017 ( آخر تحديث: 20/05/2017 الساعة: 08:24 )
زيارة ترامب وكوميديا الاخطاء
بيت لحم- معا- كان من المفترض أن تكون أكثر زيارة حميمية ودفئا يقوم بها اقرب الرؤساء الامريكان الى اسرائيل التي تعتبر معشوقة رئيس الولايات المتحدة الامريكية، فقد اشاعت زيارة ترامب توقعات بأنها ستكون اكبر استعرض للحب والارتباط لكن حين تكون التوقعات بهذا الارتفاع وتكون الرغبة في تحقيق النجاح هائلة بهذا الحجم فقد حكم على الامور سلفا بالمرور في ممر الاضطرابات الاجباري، والتدهور المستمر مدعمة بسلسلة من الاخطاء وقعت في الطريق الى اليوم الموعود، حسب تعبير المراسل السياسي للقناة الثانية الاسرائيلية "اودي سيغل" صاحب هذا التقرير.

"ورغم ذلك لا شك أن المعطيات الاحصائية تشير الى أن الاعداد لزيارة ترامب قد كسرت جميع الارقام القياسية فقد تحولت من الزيارة الاكثر نجاحا والواضحة ومفهومة المقاصد والاهداف سلفا، الى كوميديا من الاخطاء او تراجيديا من الغصات التي واكب الجميع طيلة الطريق الى اليوم الموعود"، قال ادوي سيغل.

وأضاف في النهاية ليس من المتوقع أن تحبط هذه الاخطاء الرسالة المركزية للزيارة والقائلة إن ترامب حضر هنا لاحتضان اسرائيل لا اكثر ولا اقل لكنه سيرغب على هامش الاحتضان في استئناف عملية السلام أو حتى أن يقفز الى زيارة سريعة لدى الرئيس ابو مازن، لكنه ايضا "سيفلت" عدد من الاقوال والتصريحات التي ستبقى مجالا للتحليل والتخمين من قبلنا نحن الاسرائيليون، وكذلك من قبل الاخرين لكن الرسالة المركزية "الاحتضان" لن تتغير لن مبدأ واحدا فقط هو من يوجه ترامب خلال زيارته وهو أن كل ما سيقوم به وسيفعله خلال هذه الزيارة سيكون تماما عكس ما قام به سلفه باراك اوباما والبداية من التوقيت حيث انتخب اوباما للولاية الاولى ونسي عمليا اسرائيل فقد زار تركيا ومصر لكنه لم يزر اسرائيل وتحدث عن اسرائيل للمرة الاولى متجاوزا نتنياهو وحسني مبارك حين قال "لن تبنى طوبة واحدة في المستوطنات".

خلافا لما فعله اوباما قرر ترامب أن يعكس مساره فقد كانت اسرائيل اول دولة يريد ويرغب في زيارتها صحيح انها ستكون الثانية في هذه الجولة لكن هذا الترتيب مرتبط بأمر واحد فقط لا غير "المال" فقرر ترامب ان يقفز الى السعودية بعد أن اوهمها بانه قد ادار لها ظهره وانه يتجه نحو الايرانيين، وكل هذه القصة هدفها المال دون غيره فقد سبق وصول ترامب السعودية تعهدا قدمه ولي العهد السعودي بعقد بلاده صفقة اسلحة بقيمة 100 مليار دولار وهذا يتماشي مع القواعد التي وضعها ترامب خلال حملته الانتخابية خاصة القاعدة القائلة بان حلفاء امريكا يجب عليهم أن يدفعوا لها فقد حصل على 100 مليار دولار ثمن لهذه الزيارة.

على عكس السعودية فهو لن يحصل على أي قرش من اسرائيل بل انه لا زال مدين لإسرائيل بـ 38 مليار دولار تعهد بها سلفه كمساعدات عسكرية تقدمها امريكا على مدى السنوات العشرة القادمة.

ولهذه السبب يشعر ترامب بانه يحصل على كل ما يريد وقد تسرب هذا الشعور ايضا الى طواقم العمل المسؤولة عن الاعداد لزياراته فهذا الطاقم هو من سيقرر ويحدد القواعد لدرجة أن المصادر الاسرائيلية المعنية بالامر وصفت الحالة بأن طاقم عمل ترامب نسي من الضيف ومن المضيف الذي من المفترض أن يحدد الصورة التي تظهر بها الزيارة.

الى الامام نحو القدس

وفوق كل هذا ترامب غير معني بالمرور بما مر به سلفه "اوباما" حين هبطت طائرته في تل ابيب خلال ولايته الثانية حيث جرت له مراسم استقبال رسمية مثيرة تضمن خطابات ومصافحة جميع المستقبلين من رئيس الكنيست وحتى اخر الوزراء الهامشيين الذين قدموا لالتقاط صور قبل وقت قصير من شروعهم بمهاجمة الرئيس الامريكي وسياسته لهذا اعلن ترامب أن مراسم الاستقبال ستكون قصيرة دون اية خطابات لينطلق بعدها فورا الى القدس.

ويريد القاء خطاب في القدس لكن في مكان اخر غير مباني الامة التي القى فيها اوباما خطابه فبحث رجاله عن موقع زاهي وجميل ذا طابع يهودي وقيمة تاريخية فاختاروا في البداية قلعة "متسادا" الامر الذي اثار استغرب ودهشة كثيرين الذين تسائلوا ماذا يفعل في هذه القلعة؟ وعما يبحث هناك وما الرسالة التي يريد ايصالها؟ لكن حين وصل رجاله الى الموقع وبدأت الشمس اللاهية تشويهم خافوا على خدود ترامب الحمراء من شمس الظهيرة فقرروا نقل الحدث برمته الى قاعات "متحف اسرائيل" لماذا؟ هكذا فلا توجد أي رسالة ضمنية أو مخفية في هذا القرار فقد لمجرد عدم تقليد باراك اوباما وهذا ايضا ما حدث مع الزيارة المقررة لحائط "المبكى" التي احتلت العناوين قبل أن تبدأ.

اراد ترامب أن يحتضن اسرائيل لكنه وجد نفسه يتحرك بين قطرات المطر بين من يريد مراضاتها والتأكيد امامها بأنه صديقها الوفي وبين رغبته في توسيع دائرة مناورته الخاصة بقدرته على لعب دور الوسيط وقدرته على تحريك عملية السلام لذلك من المتوقع أن يلتقي خلال زيارته بالرئيس الفلسطيني محمود عباس.

لقد جاء ليضم اسرائيل الى صدره لكنه لم يعطيها كل شيء ففي قضية الاستيطان مثلا ارسل سفيره فريدمان ليصرح لصحيفة "اسرائيل اليوم" بان امريكا لا تطلب تجميد الاستيطان، والسفير صادق فيما قاله في هذا المجال فالولايات المتحدة لا تطلب تجميد الاستيطان ويوجد تفاهمات خاصة بالبناء داخل المستوطنات وفي الواقع عليكم سؤال "اوري ارئيل" والجهات المختصة بتخطيط البناء الاستيطاني فهناك تجميد "ارادي" للبناء الاستيطاني ما يعني أن ترامب لم يطلب ذلك لكن اسرائيل تطوعت او فهمت روح ومزاد القائد وعملت ما يريد وأجلت اجتماع لجنة التخطيط والبناء العليا حتى لا تزعج ترامب وان لا تقف في حلقه.

دونالد والأخطاء السبعة

ودخلت صحيفة نيويرك تايمز إلى قبل هذه العاصفة، وقالت إن معلومات سرية نقلتها اسرائيل الى الولايات المتحدة سربها ترامب الى الروس وهذا الامر عبارة عن اشارة تحذيرية هامة وشديدة الوضوح: فيوجد لاسرائيل صديق وفي ومخلص في البيت الابيض يميل قلبه في الحقيقة ليس نحو اسرائيل فقط بل الى الليكود ونتنياهو شخصيا، وذلك عبر شلدون ادلسون ولكن هناك جانب اخر من هذا الصديق يحثه على فعل ما يريد ويعتقد أن من حقه أن يحصل على كل ما يريد دون نقاش وانه هو من يقرر ويحدد القواعد ما يعني انه لا يمكن الاعتماد عليه في كل القضايا او المراهنة عليه حتى النهاية.

واختتم اودي سيغل تقريره بالقول "ليس من الواضح فيما اذا كانت المعلومات التي نقلها ترامب الى الروس تلحق أي ضرر حقيقي لكنه يشكل اشارة تحذير انعكست او تجلت على الاعداد للزيارة فقد تمت هذه العملية مثل النكتة ذات الاخطاء السبعة فقد ارتكب طاقم الاعداد كل الاخطاء الممكنة سواء فيما يتعلق بالمستوطنات او الرسالة من وراء الزيارة والقدرة على اشاعة اجواء دافئة، لكن ومن جانب اخر ورغم كل الاخطاء ستكون الزيارة ناجحة جدا.