الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

صلح في خاراس يتحول لمطالبة مجتمعية بوقف "العدو الاسود"

نشر بتاريخ: 19/05/2017 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:05 )
صلح في خاراس يتحول لمطالبة مجتمعية بوقف "العدو الاسود"
الخليل - معا - تحول صلح عشائري في بلدة خاراس بين عائلتي الحروب وابو الجرايش، الى مطالبة مجتمعية، باصدار وثيقة شرف تحمل اسم الطفل يامن جهاد فتحي الحروب، تُجرم استعمال السيارت غير القانونية، وتوقع عليها كافة العشائر في محافظة الخليل، وتدعو السلطة الفلسطينية لتبني هذه الوثيقة وملاحقة مهربي وبائعي ومستعملي هذه السيارات التي وصفوها بـ"العدو الأسود" والتي أودت بحياة العديد من الابرياء، وكان آخرهم الطفل يامن الحروب، والذي تعرض للدهس الاثنين الماضي من قبل سيارة غير قانونية.

مراسيم الصلح العشائري والتي تمت في ديوان آل الحروب بخاراس شارك فيها العشرات من وجهاء العشائر ورجال الاصلاح وأعيان محافظة الخليل، وكان في استقبالهم وجهاء عشيرة الحروب ووجهاء عائلات خاراس والبلدات المجاورة.

والقى الحاج موسى جرادات كلمة مؤثرة، نيابة عن الجاهة، وترحم فيها على روح الطفل الحروب، شاكراً عشيرة الحروب على صبرهم وتعاليهم على آلامهم، وكيظهم لغيظهم، وضبطهم لأنفسهم عند الغضب، مطالباً منهم التسامح والعفو، وأبدى استعداد الجاهة لتلبية مطالبهم.

وفي كلمة مستقبلي الجاهة، وبعد الترحيب بهم والترحم على الطفل يامن. شدد الدكتور هاشم سعيد الحروب، على أهمية تبني وثيقة الشرف للحد والقضاء نهائياً على استعمال "القاتل الأسود" السيارات غير القانونية، وقال :" لقد ألمت بنا فاجعة بفقدان فلذة من فلذات أكبادنا، والذي اختطفته يد المنون في لحظة استهتار ولامبالاة من شخص غير مؤهل وسيارة غير قانونية، ونسأل الله ان يختاره مع الشهداء والصديقين".

وتابع قائلاً :" اسمحوا لي ان اسمي ظاهرة السيارات غير القانونية، بـ "العدو الاسود- الذي يرتبط بتوأمه الاحتلال، حيث ان هذا العدو الاسود قتل من ابناءنا وفلذات اكبادنا بدم بارد، يفوق ما نفقده من ابناءنا من الاحتلال الاسود، لقد اصبحت مناطقنا مكباً لنفايات الاحتلال، وكأنه لا حسيب ولا رقيب على دخولها لاراضي السلطة الوطنية، وعلى الاجهزة المعنية والمختصة، تخليصنا من هذه المصائب وتحمينا من انفسنا".

واضاف الحروب في كلمته :" اننا من هنا نطالب سلطتنا الوطنية، ان تخلصنا من هذا الغول الاسود، واخراج وثيقة الشرف باسم الشهيد يامن جهاد فتحي الحروب، والتوقيع عليها من كافة الوجهاء ورجال الاصلاح والعشائر لتجريم استعمال السيارات غير القانونية، كذلك مطلوب منا ان ننشئ جيلاً يتحلى بالقيم الحميدة ابتداء من البيت مروراً بالمدرسة وانتهاء بالعمل".

وقال :" ان هذه الجرائم التي نعاني منها يومياً من اعلى النسب التي تكلفنا ارواحاً واموالاً والتي ترتقي الى جرائم القتل الخطأ، والتي نساهم احياناً في عدم اجتثاثها تحت عنوان فنجان قهوة، ونطالب الآباء والأمهات بعدم تمكين ابنائهم من استعمال السيارات، حتى يصبحوا مؤهلين لذلك".

وفي كلمة فتحي الحروب جد الفقيد، حمد الله على كظمهم لغيظهم وتحملهم مصابهم الجلل، واعلن عن اسقاط حقه الشخصي والشرعي وحق ابنه وعائلة الحروب عن قاتل الطفل يامن.

وقال الجد المكلوم :" اشهد الله تبارك وتعالى واشهد هذه الجموع الخيرة، وكرامة لله ورسوله ولأهل بلدتي ولكل الحاضرين الكرماء بما يمثلون، وكرامة لاسرانا وشهدائنا وفصائلنا ورئيسنا وسلطتنا، أسقط حقي وحق ابنائي وذريتي وورثتي من دية الشهيد يامن جهاد فتحي الحروب اسقاطاً تاماً، ونسقط حقنا الشخصي والعشائري عن ابن عمنا مهدي اسماعيل كامل ابو الجرايش، المتسبب بالوفاة في حادث السير الذي وقع يوم الاثنين الماضي 2017/5/15".

وأضاف :" مع بقاء الحق العام المترتب على جناية الجاني المذكور في ذمته وبقائه في السجن لحين المحاكمة لاحقاق الحق العام وترك تقدير عقوبة ذلك الحق وتنفيذها للمحكمة وفق القانون الفلسطيني، والسماح لابن عمنا أيوب محمود محمد حسين ابو الجرايش بالعودة من مجلاه الى بيته في خاراس وان يعيش بين اهله وذويه بحرية وأمن تامين، وعدم التعرض له ولأفراد اسرته وذلك بوجوه وكفلاء منع (دفا)، وكان ذلك الاجلاء على اثر حادثة القتل الخطأ رغم الطيب، واقترح ان يُصار الى كتابة وثيقة شرف يتم صياغتها بطريقة تلزم الكل فينا على ان يتحمل مسؤولياته تجاه هذه الحوادث الناتجة عن الاهمال والاستهتار واستعمال السيارات غير القانونية".

وفي نهاية كلمته، طالب الجاهة، بان تُحضر عشيرة ابو الجرايش الى ديوانهم العامر لتقديم التعازي، وقال :" كلنا أمل بأن نكون جسراً للوئام والألفة كما باقي ابناء بلدتنا الكرام".

من جانبه، شكر لابس الثوب محمد عبد الرحيم العمله، عشيرة الحروب على كرمهم وتسامحهم ونبل اخلاقهم، وعفوهم، معبراً عن اسفه وأسف الجاهة على وفاة الطفل يامن. كما وشكر الجاهة الكريمة والحاضرين.

وقال :" والله ليعجز اللسان عن شكركم، بارك الله فيكم وحياكم على موقفكم المشرف الذي لا ترى الكثير منه، الا في هذه الدولة الا في هذه البلدة ارض الرباط ارض فلسطين، التي تعالت على جميع الجروح، وصمدت في وجوه الغزاة والمعتدين، فأنتم - الحروب- تجودوا بدم ابنكم يامن والذي نحسبه عند الله شهيداً وشفيعاً لاهله عند الله سبحانه وتعالى ورفيقاً لوالديه واهله ليشربوا الماء من حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وفي نهاية الصلح، القى رئيس بلدية خاراس السابق عيسى ابو الجواريش كلمة شكر فيها عشيرة الحروب و وجهاء العشائر ورجال الاصلاح واهالي خاراس ومحافظة الخليل.

وقال في كلمته :" ان العفو والتسامح وكظم الغيظ وضبط النفس عند الغضب والمصائب من الاخلاق الاسلامية الفاضلة والعظيمة. ما اصابكم ابناء عمومتنا كان ثقيلاً وما خفف علينا هو كرمكم الاصيل بالعفو والتسامح، فأنتم اهل الكرم والصفح وطيب الاخلاق، وادعو الله ان يعوض على ابيه خيرا وان يرزقه الصبر والسلوان، ويصبر أمه".

وشكر رجال الاصلاح الذي تحملوا مشاق السفر، وشكر اهالي بلدة خاراس الذين يقفون مع بعضهم البعض في السراء والضراء، معبراً عن فخره واعتزازه بهذا الموقف المشرف من عشيرة الحروب عامة وجد ووالد الطفل يامن رحمه الله.

وحضرت عائلة ابو الجواريش الى ديوان عشيرة الحروب مقدمين التعازي بوفاة الطفل، وشاكرينهم على حسن استقبالهم وكرمهم وعفوهم وتسامحهم معهم.

يُشار الى أن جد الطفل، وبعد أن دفع لابس الثوب 10 آلاف دينار أردني، قام باعادة النقود وفراش العطوة ورفض ان يأخذ اي شيء مكتفيا بما ذكره سابقا من تنازله عن حقه الشرعي والعشائري.