الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

المعذبون في الأرض المحتلة ..

نشر بتاريخ: 20/06/2017 ( آخر تحديث: 20/06/2017 الساعة: 17:30 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

مثل أي صحفي زميل . أحاول ان أجهد نفسي قبل كتابة المقال السياسي ، بالتحدث مسبقا مع أكثر عدد من مصادر القرار ومن جميع الفصائل والقوى والتيارات . وبعدها أكتب رأيي بناء على هذا البحث والاستقراء .. وما أسمعه هذه الايام يشير بوضوح الى أن قواعد اللعبة التي نعرفها تتغير فعلا . ولسوف يتغير الحلفاء ولسوف يتغير الاعداء ايضا . وبغض النظر اذا كانت هذه النتائج سوف تعجب البعض ، او انها قد لا تعجبهم فيغضبون .

ان المعطيات التي نستدل من خلالها على الحقائق - الحقيقة نسبية وليس مطلقة بتاتا - ، المعطيات تشير الى أن دول بعينها سوف تقوم بتبديل مواقعها وتحالفاتها ، ودول اخرى سوف تتعرض لظلم شديد ، ودول وكيانات سوف تنشأ وتحظى بالفرصة وان كانت على حساب دول وكيانات اخرى . ودول سوف تبقى كما هي ولن يتغير عليها شيئا .
ويسألني صديق : هل يرفع الحصار عن غزة ؟ هل يعود العاطلون عن العمل لأشغالهم ؟ هل نستعيد الامل الذي يوحدنا ؟ هل يقوى المعذبون في الأرض على الحلم من جديد ؟ ام أنها مؤامرة جديدة على نفس الضحايا كما قال الرفيق تيسير خالد في اخر حوار له .

والحقيقة ان المرحلة القادمة لا تحتمل القياس بنفس الأدوات القديمة ، فالأزمة أكبر من ذلك بكثير . وليس الصراع السني الشيعي سوى الغطاء الخارجي فقط ، لازمات سياسية وعقائدية واقتصادية أقوى . فالصراع السني السني هو الذي يبرز الان ، وقريبا سيبرز الصراع الشيعي الشيعي . باعتبار ان التسميات القديمة لم تعد تكفي العالم الجديد ، لبيع ما يكفي من أسلحة لصنع ما يكفي من حروب .
تجربة جنوب السودان ، وتجربة غزة . تجربتان خطيرتان في حقل العلوم السياسية ، وهو أمر مقلق فعلا بالنسبة لاصحاب القرار الاقليمي . فبعد انفصال مدينة جوبا عن العاصمة الخرطوم واقامة دولة جنوب السودان وتحمل رقم الدولة 191 في الامم المتحدة ، جاء قرار الهيئة العامة باقامة الدولة 192 وهي دولة فلسطين . ولغاية الان تعتبران دولتان فاشلتان سياسيا وحدوديا وموارديا واجتماعيا وجغرافيا وماليا .بل انهما نموذج رعب لكل من يفكر بانشاء دويلة خارج منظومة الاتفاق الاقتصادي والجغرافي .
امريكا تريد فرض الحل التاريخي الذي يتحدث عنه ترامب لصالح حماية وجود دولة يهودية في الشرق الاوسط . واسرائيل تريد التطبيع مع السعودية ودول الخليج الغنيّة بل انها لم تعد تتحدث عن التطبيع مع الدول العربية الفقيرة ولا حتى الافريقية وتقتصر علاقاتها مع دول قارة افريقيا على بيع الاسلحة الفتاكة وقتل المزيد من الابرياء . فيما سوريا تجهّز نفسها لصفقة انتهاء الحرب واطفاء الحرائق التي شبّت في ثوبها الجغرافي كله . اليمن لا يحتاج سوى لجنة للصلح الاجتماعي وتنتهي مشاكله كلها . السلطة الفلسطينية تريد دولة مستقلة على حدود 67 . ومصر والاردن ولبنان برغم انها دول عميقة وقوية تاريخيا وجغرافيا الا انها تعيش كوابيس العوز الاقتصادي والحاجة لدول الخليج والمعونات الخارجية رغم ان الصناعة هي الحل الامثل ، اما الدول الغنية مثل العراق وليبيا فلم يستطع النفط والمال حمايتهما من النهب والجوع والموت  . وحماس تريد بوليصة تأمين على بقائها في الحكم . ودحلان يريد تذكرة دخول جديد للمرحلة القادمة .
المرحلة القادمة بدأت فعلا .. لذلك سنمسع صراخا كثيرا بعد عيد الفطر ، ويقول البعض ان المرحلة الجديدة  ستفرض قواعد لعبة جديدة وأدوات وقادة جدد من دون مقاومة ، فيما يرى اّخرون أن المرحلة الجديدة لا يمكن ان تبدأ من دون حرب تحريكية على مستوى الاقليم لتكسير الرؤوس اليابسة وترويض من يبقى من القادة على قيد الحياة . حتى يقبل سمات العصر الجديد . عصر الصفقات التاريخية .