السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

المسجد الأقصى يغتال وتبكي منابره

نشر بتاريخ: 18/07/2017 ( آخر تحديث: 18/07/2017 الساعة: 17:12 )

الكاتب: عز عبد العزيز أبو شنب

مشهد صباح يوم الجمعة الماضية حيث ثلاثة أبطال اختصروا وطن بأكمله نفضوا عن العرب غبار العار هم أطهر من دمي كرتونية نصبت من الغرب علي كراسي هشة.
ثلاثة يحملون اسم المصطفى صلى الله عليه وسلم توضئوا بالدم فأحتضنتهم أرض الأقصى مرددين غدا أجمل مستخدمين سلاح الفقراء ليثبتوا أن أمن الاحتلال يتهاوي أمام رصاص فتية في ريعان عمرهم ولكن ضرباتهم سجلت بأحرف من ذهب فلا يصنع التاريخ الا من فوهات بنادقهم على اثر هذه العملية البطولية قام الاحتلال بإغلاق المسجد الأقصى بالكامل بأمر من رئيس حكومة الاحتلال "نتنياهو" ومنع المسلمين من أداء صلاة الجمعة فيه لأول مرة منذ حولي خمسة عقود.
ولكن لم يكن اغلاق المسجد الأقصى ردة فعل الصهاينة على تلك العملية كما قد يظن البعض، بل هو قرار قديم يحاول الاحتلال الصهيوني السيطرة علي القدس ومعالم المدينة المقدسة وفي مقدمتها الأقصى المبارك لبناء هيكلهم المزعوم الذين طالما تباكوا عليه.
سلوك وممارسات الاحتلال الصهيوني في القدس المحتلة والأقصى الشريف منذ سنين تؤكد ذلك فعمليات تهويد مدينة القدس عبر تغيير معالمها وأسماء الأماكن والشوارع والمعالم الإسلامية والعبث المتعمد بمحيط الأقصى الشريف والإصرار على مواصلة الحفر تحته، وموجة الاقتحامات المتكررة لباحات الأقصى بمنهجية وانتظام من قبل قطعان مستوطنيه تؤكد أن الاحتلال يريد أن يفرض هيمنته على المسجد الأقصى ومعالمه الإسلامية بشتى الوسائل والسبل وتحجيم دور المسلمين وفرض الرقابة على المسجد الأقصى وكان آخرها اجبار مرور المواطنين عبر البوابات الالكترونية لدخول المسجد الأقصى.
وفي ظل انشغال العالم العربي والإسلامي بملفاته الداخلية الشائكة والمعقدة، يسعى المحتل ومنذ زمن للإسراع بتنفيذ مآربه وأطماعه في القدس والأقصى واضعا نصب عينيه احتمال مواجهة بعض ردود الأفعال الداخلية والخارجية عن خطواته التصعيدية، محاولا الاستفادة من تلك الردود بمزيد من التصعيد والتسريع في عملية تهويد القدس والهيمنة على الأقصى.
ان اغلاق المسجد الأقصى يعتبر سابقة خطيرة وتنذر بعواقب وخيمة إن لم تتم مواجهتها عربيا وإسلاميا بالشكل الذي ينبغي ليس بشعارات ادانة هزيلة ومخجلة، فصلاة الجمعة لم تتوقف في المسجد الأقصى منذ عام 1969م، على أثر حرق المسجد الأقصى آنذاك علي يد المستوطن الارهابي الأسترالي مايكل دينس روهان، ومحاولة تكرار منع المسلمين من أداء الصلاة فيه بذريعة أو بأخرى يعتبر تمهيدا لخطوات أخرى أشد خطرا على المسجد الأقصى ومقدسات المسلمين في فلسطين.
يأتي حدث إغلاق الأقصى ومنع المسلمين من أداء صلاة الجمعة فيه بالتزامن مع الأحداث الجسام التي تمر بالأمة العربية وتعصف بعواصمها التاريخية ومعالمها الحضارية، فبالأمس القريب كانت مشاهد الدمار والخراب الذي حل بمدينة الموصل ومئذنته الحدباء ومسجدها النوري الزنكي صادمة حتى للمنظمة الأممية التي وصفت ما حل بالمدينة بأنه فاق كل التوقعات، وقبلها كانت مشاهد دمار مدينة حلب وحمص وتهجير أهلها أشد إيلاما إلا أن ذلك لا ينبغي أن يقلل من خطورة حدث اغلاق الاقصي او يهون من جسامته وأثره على أهم مقدسات المسلمين بعد الحرمين الشريفين.
باغلاق المسجد الأقصي الاحتلال يقرأ ويختبر رد الفعل، داخل فلسطين، وبين العرب والمسلمين، والارجح ان الاستخلاصات مريحة لاسرائيل جدا، ومن المستحيل هنا، ان لا توظف اسرائيل العملية لحساباتها، لكننا كعرب نقع في الفخ ذاته المنصوب لنا كل مرة، اي ادانة الشباب الشهداء، واعتبارهم سببا في اغلاق الاقصى، برغم انهم ليسوا السبب، وما فعلوه كان ردا على الاحتلال، وافعاله، اولا واخيرا واذاقوا الكيان الصهيوني نفس الكأس الذي نذيقه منهم.
حسب نظرتي للواقع وبعد قراءة ردود الافعال الهزيلة على المستوى العربي والاسلامي أحذر بما هو مقبل وآت، فقد امتلك الاحتلال القدرة، على ان يغلق مسجدا، له تاريخه عند كل العرب والمسلمين، وهو يقرأ اليوم، ردات الفعل، على كل المستويات، وقد نصحو غدا، على ماهو اخطر، من مجرد اغلاق للمسجد.