الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

هيئة الأسرى: البوسطة تجسيد للنظام القمعي الإذلالي

نشر بتاريخ: 20/07/2017 ( آخر تحديث: 22/07/2017 الساعة: 10:42 )
هيئة الأسرى: البوسطة تجسيد للنظام القمعي الإذلالي
رام الله- معا- أفاد تقرير صادر عن هيئة شؤون الاسرى والمحررين، اليوم الخميس، ان البوسطة التي ينتقل خلالها الاسرى من سجن الى سجن آخر او الى المحاكم والمستشفيات تجسد النظام القمعي الوحشي لسلطات الاحتلال بحق القابعين في السجون.
وقالت الهيئة ان البوسطة زنزانة حديدية متحركة يعاني الاسرى فيها الاهوال والمشاق خلال نقلهم الى وسيلة تعذيب وعقاب لا يطاق.
وتابعت الهيئة في تقريرها، أنها ساعات شاقة وتعذيب تنتظر الأسير الفلسطيني خلال نقله من السجن، داخل سيارة حديدية مغلقة أطلق عليها الأسرى مصطلح "بوسطة"، تتولى فرقة القمع الخاصة بالسجون والتي تدعى"نحشون" عملية الإشراف على نقل المعتقلين.
وأضاف التقرير: تمتاز فرقة "نحشون" بإتقان أسوأ الإذلال كالتفتيش أثناء عملية النقل، حيث تفتش الأسير عاريا حتى من جواربه عدة مرات في اليوم الواحد، ويصاحب هذه العملية المذلة سيل من الشتائم يتطور أحيانا ليصل الى الضرب المبرح، ولا يتم التفريق بين المرضى والأصحاء وكبار السن والأطفال من الأسرى خلال هذه الممارسات الضيقة.
وأوضح التقرير أن الأسير الفلسطيني يجلس في حافلة ذات مقاعد حديدية بالغة البرودة تلتصق هذه المقاعد ببعضها البعض لدرجة إيلام الركبة والمفاصل والظهر، ولا يستطيع الأسير الجلوس في أي وضعية مريحة بسبب القيود والكلبشات التي توضع في اليدين والقدمين.
وجاء في التقرير: لا يقدم الطعام ولا الماء ولا يسمح للأسير بقضاء الحاجة خلال نقله في هذه الحافلة التي تستغرق العملية فيها حوالي ما معدله 6 ساعات متواصلة، يشعر الأسير داخلها بالاختناق بسبب قلة الهواء، وبالخوف والرعب بسبب نقل أسرى جنائيين خطرين في نفس الحافلة، إضافة الى عدم الراحة بسبب الاهتزاز الدائم لهذه السيارة خلال سيرها.
وجاء في التقرير:
الطريق إلى المحكمة تستغرق 3 ايام:
الأسير جمال سليم زايد سكان رام الله والذي اعتقل بتاريخ 7/6/2010 يقول أن عملية نقله من سجن مجدو الى محكمة عوفر استغرقت 3 أيام عندما تم نقله في البوسطة ذات الكراسي الحديدية وبقي جالسا فيها حتى الساعة الخامسة مساء، وقال أنه خلال هذه الساعات كانت البوسطة تنقل أسرى من جميع السجون، حتى تصل الى ما يسمى معبار الرملة الساعة الخامسة مساء، فيقضي الأسرى هناك ليلة واحدة، وفي الساعة الخامسة صباحا يتم نقلهم مجددا في سيارة البوسطة ليتوجهوا الى المحكمة فيصلوا الساعة التاسعة صباحا، وليبقوا هناك حتى السابعة مساءا، ويتم إعادتهم الى معبار الرملة فينام الأسرى ليلية أخرى فيه، في الصباح الباكر تبدأ عودة الأسرى مجددا الى سجن مجدو ليصلوا الساعة السادسة مساءا الى بعد حوالي 12 ساعة في البوسطة الى درجة أن الأسرى يفضلون عدم الخروج الى المحكمة .
معبار الرملة مكان لا يصلح للبشر:
يصف الأسرى، وهي محطة انتظار ينزل فيها الأسرى لحين نقلهم في اليوم الثاني الى المحكمة أو المستشفى ،وهي غرفة انتظار مؤقتة تقع في سجن الرملة، يقضي فيها الأسير يومين أو ثلاثة قبل نقله،ويمتاز هذا المعبار بأنه لا يصلح للإقامة البشرية وهي تشبه علبة السردين، فالغرفة التي لا تكاد تتسع لأربعة أشخاص يوضع فيها خمسة عشر أو عشرين شخصا.
وإذا كان الأسير قادما من سجون الجنوب ومحكمته في سالم أقصى الشمال أو في عوفر في الوسط يضطر لقضاء ثمانية الى عشر أيام هذه المعبار.
ويصف الأسرى غرف المعبار بأنها قاتمة ومظلمة، شديدة البرودة شتاء، عالية الحرارة صيفا، الطعام فيها سيء الى درجة أن الدواب لا تكاد تسيغه، ويجبر الأسرى على تناوله بأسوأ حالة من القذارة وتراكم للأوساخ في ظروف مهنية، وكثيرا ما تفيض المجاري في غرف المعبار فتتحول الحياة الى هناك الى شبه مستحيلة.
غرف انتظار في المحكمة تشبه القبر:
عندما يصل الأسير الى المحكمة ، يوضع في غرفة انتظار يطلق عليه بالعبرية "الامتناه"، ليمكث فيها ساعات طويلة مقيد اليدين والقدمين، هذه الغرفة أقرب ما تكون الى القبر، حيث لا تتجاوز مساحتها مترين في متر ونص المتر، يوضع فيها ما يقارب عشرين الى خمسة وعشرين أسيرا، يضطرون للوقوف على مدى ساعات دوام المحكمة، أي منذ الصباح الباكر حتى الساعة الثالثة مساءا.
يقوم على حراسة غرفة الانتظار في المحكمة وحدة نحشون ويمنعون الأسرى من الذهاب الى الحمام أو حتى الى الصلاة، ويمنعون من الحديث الى ذويهم أو حتى مجرد الإشارة إليهم،غرفة الانتظار خانقة جدا، يوجد فيها شباك صغير، إذا ما اقتربت منه تشم روائح كريهة جدا، وإذا حاول الأسير الحديث مع ذويه، يتم الاعتداء عليه من قوات نحشون وإغلاق هذه " الطاقة الصغيرة".
رحلة العلاج طريق إلى جهنم:
يصف الأسير محمد مصطفى أبو جلالة من غزة المحكوم أربع سنوات والذي يعاني من نزيف داخلي مرحلة السفر من السجن الى مستشفى الرملة خلال البوسطة بأنها رحلة ليست للشفاء، بل لمزيد من الأمراض، رحلة تعذيب، وطريق طويل الى جهنم.
يقول أنه نقل من سجن نفحة الصحراوي من اجل السفر الى مستشفى الرملة للعلاج الساعة التاسعة صباحا، وقد تم وضعه بداية في غرفة انتظار داخل السجن حتى الساعة الواحدة ظهرا، ومكث في هذه الغرفة بلا ماء وبلا طعام ويقول: إن البوسطة تحركت من نفحة باتجاه سجن النقب، حوالي سبعين كيلومترا بين نفحة والنقب وتم تحميل أسرى سيتم إخلاء سبيلهم من النقب، ثم توقفت البوسطة عند سجن بئر السبع حيث حملت أسرى لنقلهم للعلاج الى مستشفى، ثم توقفت عن سجن الظاهرية سابقا لإنزال أسرى تم إخلاء سبيلهم، وبعد ذلك توجهت نحو سجن عسقلان " مائة كيلومتر" وضمت أسرى آخرون لنقلهم الى سجون أخرى.
على ذلك والأسير المريض ما زال سيارة البوسطة ذات الكراسي الحديدية، وتم الوصول الى مستشفى الرملة الساعة 11 ليلا، ويبقى الأسير أربع ساعات حتى يتم إدخاله الساعة الثالثة فجرا الى قسم المعبار في المستشفى.
ويقول الأسير أبو جلاله أن العودة ليست أفضل حالا، فالخروج من الرملة الساعة السابعة ليلا الى المعبار، تتحرك البوسطة الساعة الواحدة ليلا والقيود بالأرجل والأيدي، تصل الى عسقلان فالسبع السعة الخامسة فجرا، مرورا بحاجز ترقوميا، وتصل البوسطة الى سجن نفحة الساعة الواحدة ظهرا، فيمكث الأسير أربع ساعات في غرفة انتظار داخل السجن الى أن يتم إدخاله الى غرفة بالسجن.
اعتداءات ورعب داخل البوسطة:
الطفل الأسير حمودة أبو سمرة ، 16 عاما سكان بيت عور التحتا، قضاء رام الله، يقول أنه تم نقله مع عدد آخر من الأسرى الأشبال من سجن ريمونيم الى محكمة عوفر في سيارة البوسطة التي تمر بها قوات نحشون، وكان في البوسطة سجناء جنائيين بالغين، وفي الطريق قام احد الجنائيين بإخراج شفرة من فمه واعتدى على الأسير أبو سمرة وأصابه بجروح في يده.
ويصف البوسطة بأنها خزان حديدي مخيف ومرعب، لا ماء فيه ولا طعام، ويبقى الأسرى فيها مرعوبين بسبب وجود جنائيين من ذوي السوابق الإجرامية معهم في نفس البوسطة.
تقول الاسيرة المحررة صابرين ابو شرار، ظروف النقل في البوسطة مأساة حقيقية للاسيرات، انها رحلة تعذيب لا تعرف كيف تنتهي، موضحة انها نقلت يوم الخميس 10/12/2015 صباحا من سجن الدامون الى معبار الرملة، وهناك بعد انتظار طويل تم تبديل البوسطات ، ومن ثم نقلت الى سجن الشارون، وبقيت في البوسطة حتى الثالثة فجرا، ومن هناك الى معبار الرملة مرة اخرى، وانتظرت في البوسطة عدة ساعات، وفي حوالي الساعة الثامنة والنصف صباحا وصلت محكمة عوفر العسكرية، وبقيت تنتظر في غرفة الانتظار عدة ساعات لحين موعد المحكمة.
تقول ابو شرار: بقيت في غرفة الانتظار بالمحكمة بعد انهاء الجلسة حتى الساعة السادسة مساءا، ثم نقلت في البوسطة الى معبار الرملة، وبقيت في البوسطة 3 ساعات، ثم نقلت الى سجن الشارون لتصل الساعة الحادية عشرة ليلا، ولتنام ليلة هناك، ثم تنقل في الصباح الى سجن الجلمة، وتنتظر ساعتين لتبديل البوسطات، ومن بعدها نقلت الى سجن الدامون، لتصل في ساعات الظهيرة.
تقول صابرين: مشوار المحكمة استمر 5 ايام قاسية جدا ، وتم زج المنقولين في اقفاص حديدية ضيقة، وانها كانت في جهنم ، وعانت من اوجاع الظهر والارجل والمفاصل خلال هذه الرحلة.
اسرى سقطوا من البوسطة اصيبوا بعاهات دائمة:
الاسير المحرر المصاب ماهر الرجوب سكان دورا الخليل أفاد انه اثناء نقله ومجموعة من الاسرى في سيارة البوسطة التابعة لمصلحة السجون الاسرائيلية من سجن عوفر الى معتقل عصيون ، انهم قد تعرضوا الى ارتطامات قوية بجدران الحديدية للسيارة التي كان نتيجتها سقوطهم على ارضها وهم مكبلي الايدي والارجل حيث ادى ذلك الى اصابته في الظهر وفقدانه للوعي، وذلك نتيجة للسرعة الفائقة التي كانت تقاد بها السيارة، وبعد خمسة ايام من المعاناة في معتقل عصيون وعلاجه فقط بالمسكنات تم نقله الى مستشفى هداسا لتلقي العلاج حيث تبين على التشخيص انه يعاني من كسور في فقرات الظهر، ورغم ذلك تم تعين محمكة عسكرية للاسير لتحكمه بدفع 9000 شيكل غرامة وحكم اخر بدفع 10000 الاف شيكل كفالة لحضور محكمة اخرى في الشهر القادم. والاسير الرجوب متزوج ولديه ثلاثة ابناء ويبلغ من العمر 32 سنة وتم اعتقاله بتاريخ 31-5-2010 وافرج عنه بتاريخ 27-6-2010 وتم تحويله الى مسشفى الاهلي في الخليل وعمل صورة طبيقة اظهرت وجود كسر وانزلاق في عدة فقرات في الظهر مما ادى الى عدم قدرته على الحركة.
والاسير نائل ابو العسل سكان مدينة اريحا تعرض لإصابة بالغة اثناء نقله في البوسطة الى محكمة عوفر العسكرية وافاد ابو العسل انه انزلق أثناء نقله إلى المحكمة في "البوسطة"، لعدم تمكنه من الامساك بالسلالم عند نزوله وهو مقيد اليدين والرجلين ومعصوب العينين، ما أدى إلى سقوطه واصابته بكسور في أربع فقرات في الظهر.
وأشار إلى أنه يعاني حاليا من آلام حادة في الظهر ولا يستطيع الوقوف بسهولة، وأضاف ان إدارة السجن لم تقدم له أية علاجات سوى المسكنات .
وقال الاسير المحرر محمد خالد العيسى سكان العروب الذي قضى 3 سنوات انه وقع من البوسطة خلال نقله الى مستشفى الرملة وكان مقيدا ادى الى ارتطام وجهه في حديد البوسطة مما ادى الى فقدان نظره بالعين اليسرى، ومن المقرر اجراء عملية جراحية له يوم 25/7/2017 في مستشفى سان جورج في الخليل.
المحكمة العليا ترفض شروط تحسين البوسطة:
هيئة الاسرى سبق ان رفعت التماسا الى المحكمة العليا الاسرائيلية عبر المحامية عبير بكر احتجاجا على استمرار نقل الاسرى في سيارة البوسطة ومعاملتهم بطريقة وحشية وغير إنسانية.
وكان دور المحكمة بناء على موقف مصلحة سجون الاحتلال رفض هذا الالتماس تحت ذريعة مشاكل بالميزانية الاسرائيلية ومدعية ان 192 سيارة بوسطة معدة لنقل الاسرى وفق معايير مصلحة السجون ووزارة المواصلات الاسرائيلية.
اضراب الاسرى والبوسطة:
وكان الاسرى يخوضون خلال اضرابهم عن الطعام والذي استمر 41 يوما قد شملت مطالبهم بشكل رئيسي وقف نقل الاسرى في البوسطة، ولكن ادارة السجون حتى الآن لم تتجاوب مع مطالب الاسرى التي طرحت في الاضراب برغم الوعود التي قطعتها على نفسها بتحسين شروط الحياة الانسانية للاسرى ومن ضمنها تحسين شروط البوسطة.