الكاتب: فارس الصرفندي
في صباح يوم عادي جدًا في العام ٢٠٠٧ جاءني اتصال هاتفي من بلدة عارورة يخبرني بأن صالح العاروري سيتم الافراج عنه خلال الايام المقبلة، توجهت إلى البلدة التي أعرف أهلها وعشت بينهم في سجون الاحتلال وقمت بالاستعداد لهذه المناسبة -التي كانت بنظري سياسية بامتياز - بتقرير عمن تنتظر الضفة الغربية، غالبية الصحفيين لم يدركوا أهمية الرجل الذي كان قد أمضى خمسة عشر عامًا في سجون الاحتلال وظنوا أنه أسير عادي يغادر الأسر وذهبوا جميعًا يومها إلى الجانب الانساني، استقبل العاروري في بلدته وكانت خطيبته التي أصبحت زوجته فيما بعد تنتظره، وكانت هذه هي القصه ليس اكثر، كنت أنتظر الفرصة المناسبة للانقضاض على العاروري - والذي كنت أعرف عنه كل شيء لكني لم أكن قد التقيته من قبل - لاجراء مقابلة خاصة معه، وبالفعل استطعت بعد أيام إجراء لقاء مطول وكانت صدمتي أني وجدت لدى العاروري الذي كان مغيبًا عن الميدان لأكثر من خمسة عشر عامًا ما لم يكن عند الحاضرين فيه، الرجل في حواري معه كان يطرح ضرورة إنهاء الانقسام ولم يخف أن المشهد سوداوي وأن أخطاء ارتكبت من الطرفين وبأن عليهم أن يراجعوا أنفسهم، في ذلك اليوم تحديدًا توجه صالح العاروري للقاء الرئيس أبو مازن وكان واضحًا تمامًا أن الرجل يسعى إلى تبريد الملف الساخن وكان يومها قادرًا على ذلك لكن الاحتلال كما يبدو لم يكن معنيًا بتبريد ملف الانقسام فقام بعد فترة بسيطة باعادة اعتقال العاروري، اليوم تفتح حماس باب المفاجآت بإعلانها انتخاب العاروري نائبًا لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، اختيار يحتاج إلى قراءة دقيقة ومتأنية، فالعاروري لمن لا يعرفه يشكل رمزًا لأبناء حركة حماس في الضفة الغربية وغالبية هؤلاء يرون الرجل قائدًا ومعلمًا وصاحب تاريخ يؤهله لما وصل إليه، بالإضافة إلى أن اختيار العاروري في هذا الموقع توصل حركة حماس من خلاله رسالة إلى الداخل الفلسطيني بأن الحركة اختارت في رئاستها قادة الجناح العسكري كدليل على أنها ستواصل نهجها المقاوم لاسيما وأن العاروري تحول بعد الألفين وأربعة عشر إلى المطلوب رقم واحد للاحتلال، أيضا اختيار العاروري يضع الفصائل الفلسطينية التاريخية على المحك فهذه الحركات أصبحت أمام حماس تبدو وكأنها لا تؤمن بتدافع الأجيال وتصر على البقاء في مكانها وبأنها غير قادرة على تقديم مناضليها إلى المقدمة كما فعلت حماس التي اختارت غالبية قيادتها الجديدة ممن واجهوا الاحتلال بشكل مباشر واشتبكوا معه قبل الأسر وبعده، حتى حركة فتح بعد اختيار السنوار والعاروري ستكون مضطرة أن تمنح دورًا أكبر لمروان البرغوثي الوحيد القادر على مواجهة قادة حماس الجدد بالمعنى الشعبي.