الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الخريجون في الوطن..لهم الله

نشر بتاريخ: 29/11/2017 ( آخر تحديث: 29/11/2017 الساعة: 13:24 )

الكاتب: د. ياسر عبد الله

رئيس ملتقى الخريجي الباحثين
تستمر ازمة الخريجين وتستمر سياسة التهميش والمتفرجون كثر، فبعد ثلاث سنوات من الجهد المبذول من ملتقى الخريجين لأجل ايصال الصوت الى اصحاب القرار، يبقى الصمت سيد الموقف مشاغلهم كثيرة، وخلافاتهم اكثر والمنافسة على المناصب في اشدها، والكل يعد العدة ويحشد من كل قطر اغنية. فهم لهم ابناء وزوجات ابناء وبنات وازواج بنات، واخوة واخوات واولاد اخوة واخوات؛ ولكنهم جميعاً في وظائفهم لم يعانوا من البطالة ولا يعرف احد من ابنائهم معنى الجلوس في البيت امام ذاته وامام امه وحصرتها على ابنها او ابنتها، فالخريجين يجلسون خلف حواسيبهم او جولاتهم، وصفحاتهم الالكترونية بعد ان فقدوا الامل في الحصول على وظائف وبعد ان اغلق الاحتلال امامهم للعمل كما هذا بما يتعلق بالخريجين الشباب اما الخريجات فالوضع اصعب بكثير لان مصيرهن الجلوس ساعات طويلة وايام وشهور وسنين في المنازل بعد اصبح شبح التأخر في سن الزواج يطاردهن، امام من يملكون المال دائما يحتفلون بأبنائهم ويقوموا بتزويجهم متى شاءوا الزواج؛ فبيوتهم جاهزة قبل التخرج وهم في وضع مريح لا معاناة ولا بطالة ولا حتى لا قلق من المستقبل فهم يصنعوا مستقبل ابنائهم قبل ان يدخلوا الجامعات ويعرفوا جيدا إلى أين هم ذاهبون في حين أن أبناء "الطبقة البركانية" يدخلوا الجامعات ومصيرهم المجهول.
ولكن اروى لكم حكايات من خضم التعارك مع الحياة في ملف الخريجين خلال الثلاث سنوات الماضية، فقد تم طرق كل الابواب ولكنها مغلقة، ومحاولات إسماع صوت الخريج ؛ ولكنهم صم لا يسمعون؛ اذكر فتاة في مؤتمر بعنوان "استغلال المراة الفلسطينية في سوق العمل" عقد في مدينة الخليل قبل ثلاث سنوات، وبعد ان انتهى المتحدثون وقفت فتاة وقالت "انا عمري 35 عاما وغير متزوجة واعيش مع اهلي وحين اطلب مبلغ (100 شيكل) في معظم الاحيان لا احصل عليه لهذا اعمل بمبلغ (600 شيكل)، وقصة اخرى لشاب ادمن على المخدرات كان جالساً في احد المقاهي وسيكارته مشتعلة طوال الوقت ولكن منظره يقول بانه متعلم ومثقف وعند سؤاله من فعل بك هذا ؟ كان رده بارداً" هم اردوا ذلك تخرجت منذ سبع سنوات وانا بلا عمل"، واكاديمي له ابن تخرج قبل ثلاث سنوات يتوسل المساعدة؛ في معالجة ابنه الذي أدمن على الانترنت والعاب الانترنت ولا يخرج من البيت وقد شعرت انه يعيش في عالم آخر حين يقول لي والده " تركني ابني مع الضيوف واغلق باب غرفته على نفسه متمتماً وهو ذاهب "ازهكت من تقديم امتحان التوظيف"، وقصص كثيرة منها الاكثر قساوة على الفتاة الفلسطينية حين تعمل خريجة لدى اصحاب مهنة "محامي" "طبيب" "مهندس" ويدفع لها فقط (800 شيكل) بدل عمل (8 ساعات يومياً) على الرغم من ان الحد الادنى للاجور في فلسطين (1470 شيكل ) تبقى قصصهم حبيست قلوب الاباء والامهات دون حلول، ودون جهات رسمية تحاول ان تعالجها فمنذ العام (2010) وحين كان عدد الخريجين فقط في قطاع التعليم قد وصل الى (20 الف) خريج وخريجة ولم تحاول اي جهة ان تعالج مشكلتهم وصلنا في العام (2016) الى اكثر من (50 الف خريج) ، إضافة الى البطالة في القطاعات الاخرى فحينما تعلن وزارة الصحة عن 25 وظيفة طبيب مخبري ويتقدم لها اكثر من (800 )خريج وحين يعلن ديوان الرقابة المالية والادارية عن وظيفة يتقدم لها اكثر من اربع مائة خريج وخريجة ممن يحملون تخصصات في الادارة والمحاسبة.
وكثير من الدراسات اثبتت العلاقة بين البطالة وانتشار الجريمة وبين البطالة والادمان على الانترنت وبين البطالة والاسقاط الامني وبين البطالة والهجرة، ولكن للاسف فإن تلك الدراسات تبقى على رفوف المكتبات وفي بيوت أصحابها، فأصحاب الشأن لا وقت لديهم للبحث في أزمة الشباب ومعاناتهم فهم منهمكين في أمور بعيدة عن هموم الشباب، وعن واقعهم المؤلم واهمالهم اصبح واقع ومشهد كارثي فهم منهكين في عالمهم دون أي حلول أو اهتمام الى اولئك الخريجين الذين يعانون ويلات المستقبل واللذين لا يملكون شيئاً إلا الصبر ، وهم محبطون يعيشون مغتربون في وطنهم ؛ ويصرخوا كما غنى لطفي بشناق " خذوا المكاسب والمناصب لكن خلولي الوطن" .
الحل للازمة بحاجة إلى خطوة جريئة وقرار وطني، فقد كانت الازمة لدى الاسرى قبل سنوات في أشدها ولكن بعد إنشاء "هيئة شؤون الاسرى" أصبح للأسير كرامة وحقوق محفوظة وقوانين تحميهم في سجنهم وبعد تحررهم –ايضا- الخريجون اسرى في سجن كبير؛ سجن البطالة، سجن العزلة، سجن الهجرة وسجن الادمان فهل ستكون لهم "هيئة شؤون خريجين" تحررهم من سجنهم؛ على الاقل براتب بطالة خريح " او "وظائف تليق بهم"، حتى ولو كان عملاً خارج الوطن يضمن لهم مستقبلاً يحمي حقهم وكرامتهم فهم عماد الوطن - فلسطينيون وفلسطينيات- وعلى الكل أن يتوقف عن تهميش ينظر لهم على انهم ابناءه وان تكون قضيتهم اولولية في اجندتاته؛ فالخريجين لم يعد لهم الا الله.