الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

اوسلو الفلسطيني

نشر بتاريخ: 29/11/2017 ( آخر تحديث: 29/11/2017 الساعة: 13:37 )

الكاتب: احسان الجمل

استبشر الفلسطينيون خيرا في اتفاق 12/10/2017 بين حركتي فتح وحماس برعاية مصرية، او بالاحرى شراكة مصرية، الذي جاء في اطار ظروف ذاتية وموضوعية، املته على طرفي الانقسام لطي الصفحة السوداء التي شكلت نكبة للشعب الفلسطيني، ضغطت عليه اكثر من كل الهجمة العدوانية الاحتلالية الاستيطانية التي يمارسها الاحتلال، هذا الاحتلال الذي استثمر الانقسام الى ابعد حدود مستفيدا من غياب وحدة الموقف الفلسطيني وشرعيته في عدم وجود قيادة سياسية موحدة، ولو كان هناك اعترافا مبدئي، ان بوابة المقاطعة في رام الله هي الممثل الشرعي، ولكنه بفعل الانقسام اصبح بلا هوية ولا روح ولا موقف.او في احسن الاحوال موقف ضعيف، مبني على التمنيات، او المواقف اللفظية التي اعتمدت على سمفونية (سوف وقد ونحذر، وفتح ابواب جهنم) ولكن دون فعل حقيقي.
لان الشعب الفلسطيني بشكل عام، واهل غزة بشكل خاص، يعانون، رحبوا وصدقوا اعلان المبادئ المبني على النوايا، دون ارادة سياسية وطنية تترجم ما اتفق عليه، وبدا طرفا الانقسام بتبادل الاتهامات، بعدم جدية الطرف الاخر، ولكن بتجرد وموضوعية ابدت حركة حماس مرونة ايجابية يبنى عليها، لم تقابلها السلطة بخطوات ايجابية، تعكس نفسها على الشارع الغزاوي الذي دفع ضريبة الانقسام المقيت والبغيض، وهنا اقول السلطة وليست حركة فتح، لان الوفد الفتحاوي هو سلطوي اكثر منه حركي بحكم الوظيفة والدور المنوط به والذي لا يعكس طبيعة فتح التي تنادي بالوحدة والتسامح انطلاقا من دورها القيادي والريادي التاريخي، وهذا ما عكسته التفاهمات التي جرت بين حماس والتيار الاصلاحي في فتح، والتي حركت المياه الراكدة، وشكلت الظرف الذاتي الفلسطيني، من خلال التحفيز ولو من باب النكد ومحاولة السلطة اجهاض هذه التفاهمات.
وعطفا على ما تشهده المنطقة والاقليم من تحركات باتجاه طرح حلول او مبادرات، لا يمكن نجاحها دون ايجاد حل للقضية الاساس في المنطقة، اي القضية الفلسطينية، كان هناك ضغوطات املت على الفلسطينيين ضرورة توحيد الصفوف، وهذا شكل الظرف الموضوعي، الذي اعطى البعض في البيت الفلسطيني السير في انهاء الانقسام على طريقة السلحفاة، تحت شعارات ومصطلحات جديدة عرفت بتمكين الحكومة( وهل فتح تفاوض نيابة عن الحكومة ام السلطة؟؟) مما جعل اتفاق القاهرة اشبه باعلان اوسلو حيث يحتاج كل بند الى جولات من التفاوض لتفسيره.
حتى ان الحضور الوطني بالفصائل والشخصيات الوطنية، التي كانت من المتوقع ان تشكل اضافة قوة للحوار، بانت وكأنها تلعب دور (شاهد ما شافش حاجة) لم تتمكن سوى من الخروج ببيان يحمل في طياته اعلان تاجيل الفشل.
غزة لا تحتاج الى مواعيد حوارية طويلة الامد، بل الى خطوات سريعة برفع الظلم والعقوبات عنها، لان مبرر وجودها انتفى حسب شروط السلطة، ولا يمكن ان نبني موقفا وطنيا على حساب اوجاع ومعاناة الناس، لان وظيفة القوى الوطنية هي لابعاد هذا الوجع، وليس لتكريسه وتعميقه. والشعب الفلسطيني بحاجة الى انهاء الانقسام، وبناء استراتيجية وطنية تتصدى للاحتلال وسياسته العدوانية والاستيطانية. فهل نشهد بداية الشهر القادم الدخان الابيض يتصاعد من لقاء طرفي الانقسام، ام سنشهد اوسلو فلسطيني لا تنتهي فصوله.

احسان الجمل
[email protected]