الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

نميمة البلد: احتلال الميدان والمصالحة

نشر بتاريخ: 02/12/2017 ( آخر تحديث: 02/12/2017 الساعة: 10:36 )

الكاتب: جهاد حرب

احداث يوم الأربعاء الفارط في غزة أوصلت المشهد الفلسطيني الى حافة الهاوية، بعد موجهة تراشق اعلامي بين حركتي فتح وحماس. في ظني أن هذا التباين والتراشق والوصول الى هذا الحد كان متوقعا لدى المتابعين لحوار القاهرة الأخير نوفمبر الماضي في ظل غياب مرجعية واضحة أو قواعد حاكمة لتفسير بنود الاتفاقيات الموقعة بين حركتي فتح وحماس أو ناظمة لها. فيما المراقبون حائرون في أية اتفاق أو تفاهم أو بروتوكول بات مرجعية هذا الفعل، الصادر عن الحكومة، أو ذاك الصادر عن حركتي فتح وحماس. وَلِمْن العلوية فيها.
يعود هذا الامر بالأساس الى غياب النوايا الحسنة لدى الطرفين وغياب الثقة بينهما؛ لذا يتفق الطرفان على بنود واعلانات وبيانات ذات صيغة فضفاضة قابلة للتأويل وليس فقط للتفسير. وهنا ينتقي كل طرف منهما ما يناسبه للحديث أو الإعلان عن بعضه بهدف الحصول على الحد الأقصى من المكاسب وتسجيل النقاط خاصة أنهما لن يستطيعا الفوز بالضربة القاضية؛ مؤثرين بذلك استحضار النظرية الصفرية في الصراع الدائر بينهما والتي تقضي بأن حجم الفوز لطرف يساوي حجم الخسارة ومقدارها لدى الطرف الثاني، وهي، أي النظرية الصفرية، لا تصلح في حسم الخلافات والصراعات الداخلية، وفي كل الأحوال لا تفضي لإنتاج مصالحة أو انهاء انقسام.
يعود هذا الامر لغياب رؤية واضحة معمقة للقضايا المختلفة لدى طرفي الانقسام واللذان هما ذاتهما طرفي المصالحة، وكذلك تحدثت الأطراف الأخرى؛ الفصائل الفلسطينية والمنظمات الاهلية ومراكز الأبحاث عند حديثها عن المصالحة أو وضع تصورات لحل ملفات انهاء الانقسام، عن احلامها "المصلحة الوطنية"، وكأن الأمور في السياسة وجهة واحدة تحددها أو ترسمها المبادئ والأخلاق فنبدو حالمين ورومنسيين أكثر ونغفل بالتالي امعان النظر بعيون الاخرين أو للمصالح المتضاربة للأطراف المختلفة (القوى الداخلية والإقليمية والدولية) وتأثيرها على هذا الشأن، كما لم يسجل أو يضع أحدٌ ميزانا للمكاسب والمغانم مقابل الخسائر وحجمها لهذا الطرف أو ذاك وقدرة الاخر على تحمل المغارم المتوقعة.
في ظني أن الفلسطينيين مجبرين على اختيار أحد أمرين لإنهاء الانقسام؛ (1) إما الذهاب الى اتفاق الرزمة الواحدة التفصيلي المحدد للآجال الزمانية لإنجاز الملفات المختلفة، أو (2) الذهاب الى اجراء انتخابات تشريعية كمدخل لإنهاء الانقسام. وفي ظني اختيار أحد هذين الخيارين يفترض قراءة معمقة ليس فقط للمصلحة الفضلى بل أيضا لانعكاسات واثمان هذه المصالحة التي سيدفعها الأطراف المختلفة وجموع الشعب الفلسطيني. وهذا لن يتم دون احتلال الفتية للميدان بجموع زاحفة لإدخال حركتي فتح وحماس في الممر الاجباري لحسم هذا الامر ولتحمل الاثمان.