الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

لماذا ميماس؟.. "خوف الطغاة من الأغنيات"

نشر بتاريخ: 05/12/2017 ( آخر تحديث: 05/12/2017 الساعة: 15:32 )

الكاتب: حيدر عيد

"الفنّ يواسي مَنْ كسرتهَم الحياة." - فان جوخ
لأننا من المتابعين للصور النمطية التي تحاول اسرائيل ترويجها عن الفلسطينيين, و بالذات اهل غزة, و تصويرهم على أنهم "إرهابيون", "قتلة", "ملتحون", يرسلون أطفالهم للموت"," يكرهون الحياة", "سوداويون", "أصوليون", "يحاربون الفنون"...الخ, لذلك ميماس.
و كانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد قررت ضخ الملايين من الشواكل دعماً لحملة "الهاسبراة"-البروباجندا- التي تهدف لتسويق صورة اسرائيل على أنها نقيض لكل الصور النمطية السابقة التي تروجها عن الفلسطينيين. فهي دولة "حضارية", "ديمقراطية", "تقدمية", "حداثية", ترعى الفنون بكل أشكالها. و لكي تسوق هذه الصور التي تهدف لإخفاء جرائمها المتعددة من احتلال و استعمار و أبارتهيد, فإنها قد وظفت فنانيها في هذه الحملة حيث تقوم بإرسالهم, مع مثقفيها و أكاديمييها, في جولات عالمية لتغيير الصورة القبيحة التي خلقتها حروبها المتواصلة و حصارها لغزة و سياساتها العنصرية. هي لا تتوان للحظة واحدة عن استغلال كل طاقاتها, و بالذات الفنية, للترويج لنفسها, و في نفس الوقت تلطيخ صورة الفلسطيني.
و هنا تبرز أهمية ميماس!
فهي تؤمن أنها جزء من النضال الموسيقي في مواجهة حملة الهاسبراة لأنها تستطيع "مواجهتهم بالأغنيات!"
مجموعة من الشباب الفلسطيني اللاجئ, من غزة المحاصرة , يعشقون الحياة، يعانون من نظام الاضطهاد المركب الذي تمارسه إسرائيل ضد أبنا الشعب الفلسطيني بمكوناته الثلاث, يأملون بأن يصبحوا صواريخ مضادة لحملة الهاسبراة التدميرية التي يتوفر لها الدعم الكامل من الرجل الأبيض في الغرب. فمغنيي/ات اسرائيل يشاركون في مسابقة الأغنية الأوروبية السنوية (اليوروفجن), و تُفتح لهم قاعات لندن و نيويورك في نفس الوقت الذي يُستهدف فيه فنانو و فنانات غزة بالصواريخ التي تطلقها طائرات الأباتشي و الف16! فنانون/اتهم يروجون للدمار و الحرب بمسميات مختلفة و تحت غطاء "السلام" الزائف, و فنانونا يغنون للحرية, للسلام الحقيقي, للحب, للإنسانية.
و لأن أعضاء الفرقة كلهم مقيمون في غزة المحاصرة حيث لا يسمح لهم بحرية الحركة خارج القطاع, و حيث يوجد أزمة ثقافة حقيقية انعكست نتائجها واضحة في ضعف الإنتاج الفني, فقد قررت الفرقة تحدي ذلك من خلال القيام ببعض الحفلات عبر الإنترنت و بالتنسيق مع لجان تضامن و فرق أجنبية حيث قامت بأداء واحدة مع جمهور من فرنسا, وتقوم التحضير لحفلة أخرى مشتركة مع فرقة المافركس الجنوب الأفريقية بحضور جمهور فلسطيني و آخر جنوب أفريقي, تحمل عنوان "من حنوب أفريقيا لفلسطين: لا بديل عن الحرية." و يتم التفاوض الآن مع احتفالية فلسطين للأدب, فرع إيرلندة, للقيام بحفل بمناسبة مرور 70 عاما على النكبة الفلسطينية. و هذا ما يجسده مقولة أحد مغني الفرقة عن علاقة الفن بالسياسة: "اللجوء للفن ليس هروباً من السياسة بقدر ما هو ولوج في فضاءات تعجز السياسة عن دخولها!"
و في مسار آخر, و لكن في نفس سياق المشروع الفني, تعمل الفرقة على تجميع مواد فنية للبدء بتسجيل أول ألبوم لها يحمل اسم المشروع, خوف الطغاة من الأغنيات, يحتوي على أعمال فنية برزت في القرن المنصرم في إطار المشروع الفني المقاوم في العالم العربي بشكل عام, و فلسطين بشكل خاص.
كيف تكون لبنان بدون فيروز؟ مصر بدون أم كلثوم ؟ السودان بدون محمد وردي؟ جنوب أفريقيا بدون ميريام مكيبا؟ تشيلي بدون فيكتور جارا؟ السنغال بدون يوسو ندور؟ بنين بدون أنجليك كيدجو؟ كوبا بدون بابلو ميلانس؟ تركيا بدون أحمد كايا؟....
هؤلاء, و غيرهم من فنانين, هم روح بلادهم! هم الجمال الذي تتفتخر به أوطانهم! هم البصمة الوطنية التي تُعرف أوطانهم من خلالها!
و فلسطين بفنانيها و فناناتها، لها مذاق آخر, مذاق الحرية الموعودة و العدالة و المساواة.
و من هنا, و تيمناً بمقولة الراحل الكبير إدوارد سعيد, تبرز فكرة ميماس كمشروع يعمل على "مواجهة ثقافة القوة بقوة الثقافة." فلا غرابة إذن من اختيارها ما قاله شاعرنا الخالد محمود درويش عن "خوف الطغاة من الأغنيات" كعنوان لمشروعها الفني.