الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

القدس ماذا نتوقع؟

نشر بتاريخ: 06/12/2017 ( آخر تحديث: 06/12/2017 الساعة: 17:23 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

خلال مؤتمر جيروزاليم بوست صباح الأربعاء تفاخر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بالقول: "إن هويتنا التاريخية الوطنية تصبح ذات مغزى كبير كل يوم، وخاصة في هذا اليوم"، وأضاف "إن موقف معظم المواطنين العرب تجاه إسرائيل يتغير نحو الأفضل بسبب تطور العلاقات الاقتصادية: "إنها ثورة".
كلمة نتنياهو هي خطاب المنتصر، ومع هكذا خطاب من الصعب توقع الخطوة القادمة للفلسطينيين، وهم بهذا الحال من الانحطاط والتردي وغياب الرؤية الوطنية الجامعة، والخطر القادم أسوأ، سواء إتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرار الإعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل أو تم تأجيله إلى حين.
قرار ترامب إستخاف وإستهانة بالمسلمين والعرب والفلسطينيين وبمشاعرهم الوطنية والعاطفية تجاه قضيتهم الوطنية، وما تغييب الفلسطينيين عن المطالبة بحقوقهم الأساسية بحرية في النضال ضد الإحتلال، الا السير في ذات السياق وحرمانهم حتى من مطالبهم بحقوقهم الخدمية المعيشية والتعبير عن تلك الحقوق والإنخراط في الدفاع عنها، وأن يكونوا شركاء في المجتمع والتعبير عن مواقفهم وآرائهم والمشاركة في إتخاذ القرار، وإحترام عقولهم وإمكاناتهم في النضال لبناء مجتمع حر يسعى للحرية.
الفلسطينيون يشعرون بالظلم والغضب والإحباط ولا يعلمون شيئاً عن القرارات التي ستتخذها القيادة الفلسطينية والحديث ان الرئيس هو الأخر يشعر بالإحباط والغضب جراء رد الفعل العربي الرسمي الباهت.
فالقضية الأساس هي الاحتلال، والاهم رؤيتهم والإستفراد بالنظام السياسي والتهميش وهما سمة النظام السياسي والقيادة الفلسطينية، وعدم معرفتهم للنوايا والخطط المستقبلية، هذا ان كان هناك خطط حقيقية للخروج من المأزق الذي يعيشه الفلسطينيون منذ النكبة وحتى يومنا هذا.
الإرتهان للموقف الأمريكي والوعود الذي أطلقها الرؤساء الأمريكيين بضرورة حل القضية الفلسطينية وإعتبار الولايات المتحدة الامريكية الراعي حصري لما يسمى العملية السلمية، وقرار الاعتراف ونقل السفارة هو تعبير حقيقي عن فشل مشروع القيادة الفلسطينية والرهان على الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وهي الشريك الحقيقي لإسرائيل منذ قيامها ونكبة الفلسطينيين وتشريدهم.
يتساءل الفلسطينيون ويجيبون عن الخطوات التي ستتخذ لمواجهة قرار ترامب، فالموضوع لا يتعلق بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل أو نقل السفارة فقط، إنما بالظلم التاريخي الذي تعرضوا ولا يزالوا يتعرضون له وإنكار حقوقهم.
هي أسئلة البحث عن الكرامة والتعبير عن الغضب والذل والهوان الذي وصل إليه الفلسطينيون، والجميع ينتظر ويتمنى ردود الفعل وأي ردود نريد؟ وهل القضية تتعلق بردود على قضية بعينها، أم هي مجرد أمنيات والتيه والعجز والفوضى وغياب الرؤية المشحونة بمشاعر الغضب والقهر.
في غياب المشروع والرؤية الوطنية سيبقى الجميع من أصحاب المقاومة المسلحة والنفير والمسيرات، والتظاهرات الشعبية بالحجارة والسكاكين ومقاومة التفاح، والسلمية والتهديد بالقنابل المتفجرة وتحرير الأقصى غير جاهزين لفعل شيء وطني موحد.
عوامل وأسباب الإنفجار كبيرة، فالشعب الفلسطيني يعاني الاحتلال، وإسرائيل مستمرة في مشروعها الإستيطاني، وما يقوم به الفلسطينيون هو إسقاط واجب، فالسلطة متمسكة بمشروعها، وحماس المنهكة والمناكفات حول اقتسام السلطة وأزمة رواتب الموظفين سيدة الموقف والفصائل الحاضر الغائب.
مواجهة قرار ترامب لا يتعلق بالقدس وخصوصيتها، إنما بالحق الفلسطيني والقضية والمشروع الوطني، ومن الواضح ان لا حلول سياسية ولا قدرة عربية على مواجهة ترامب في ظل الفوضى العربية واخبار التطبيع والعلاقات الأمريكية السعودية والانفتاح على إسرائيل، ونتنياهو يصف تطور العلاقات الاقتصادية مع بعض الدول العربية بالثورة.
الفلسطينيون أمام إختبار الجدارة واحترام الذات، وحتى الان غير قادرين بـ "فتحهم" و "حماسهم" على اتخاذ قرارات دراماتيكية واهمها حل السلطة، وهذا يتطلب الشجاعة وإعادة الامور الى نصابها. لكن كيف يتغلبوا على الانقسام وغياب الرؤية الوطنية، وعدم إدراكهم لقدراتهم وطاقاتهم؟
لم يعد وقت للتأتأة، وهم غير قادرين على إنضاج الظروف الذاتية والموضوعية لتنظيم صفوفهم والعودة للبدايات، وعقد مراجعات نقدية للتجربة والفشل والتصدي للاحتلال يكون بالرهان على الشعب والوحدة والتوافق على الرؤية والشراكة.
إلى ذلك الحين سيمر قرار ترامب بالإعتراف القدس عاصمة "إسرائيل الموحدة" وتستمر اسرائيل في مشاريعها الإحلالية.