الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

فرصة نتينياهو الذهبية وفرصة أبو مازن الماسية

نشر بتاريخ: 06/12/2017 ( آخر تحديث: 06/12/2017 الساعة: 16:22 )

الكاتب: مازن الحساسنة

ليس هنالك أعظم من الظروف الحاليّه ليحقق رئيس وزراء حكومة العدو اكبر مكاسب ممكنة بل ويتمادى في تحقيقها . وما يتردد من أنباء عن نوايا ترامب الاعتراف بالقدس مدينة موحدة وعاصمة لدولة الكيان الا تتويجا للحلم الاسرائيلي وانتصارا فريدا غير عسكري تم تثبيته مما سيفتح الشهية امام رغبة الاسرائيلي في حرق المزيد من ادوات كانت مكان جدل ( اسرائيليا ) ان صح التعبير وذلك كضم الضفة الغربية وطرد أصحابها على سبيل المثال وليس الحصر .
كل ذلك التحدي والصلف تم ممارستهما من خلال قراءة إسرائيليه متقنه للواقع الفلسطيني المنهك والعربي المبتعد والدولي المتواطيء والذي دعم الرؤية الاستعمارية والاحتلالية لدى حكومة اليمين المتطرف بل ومنحهم غطاء للمضي قدما في إقصاء قرارات الشرعية الدولية وتمزيق ملف اتفاق أوسلو وما تبعها من محاضر مفاوضات عقيمة ..
فالمشهد الفلسطيني متردي ومنشطر ويشوبه حالة صراع قل نظيرها طوال مسيرة العمل الوطني الفلسطيني بين الفريقين الأكبر فلسطينيا ، فلا مصالحة في الأفق ولا برنامج سياسي موحد ولا انضباط نضالي ضمن دائرة تفاهمات وطنيه ، وسلطة منقوصة واستيطان يغزو الضفة ألغربيه وانحطاط في المشاعر الثوريه لدى النخب الفلسطينيه ، ناهيك عن تراجع ملموس في اداء فصائل العمل الوطني التي باتت جزءا جامدا وتاريخيا من ديكور البيت الفلسطيني ، وما يمكن لي ان اسرده من هموم تسيطر على الزمن الفلسطيني الآني كثيرة احتاج ربما لساعات لتعدادها لكنها بالنتيجة خدمت مآرب العدو وأعطته الاستشعار بأن لا مناخ أفضل من هذا المناخ الفلسطيني ليمارس العدو سياسته في فرض إيقاعه عازفا ألحانه من على مسرح هو المؤدي الوحيد فيه .
وفِي زاوية المثلث الاخرى هنالك تحديات عربيه داخليه انهكت غالبيه عواصمها وتهاوت عروش وبنيت عروش وتمزقت الوحدة الاجتماعية لدى عدد كبير من الدول الناطقة بالعربيه ، ورائحة القتل تفوح من شوارع مدن كانت يوما مقياسا للدعم الوطني للفلسطينيين ، فبات الشأن المحلي لكل قطر عربي يحتل مساحة الترتيب والانشغال ولم يعد مترا واحدا يتسع للقضية المركزيه وهي فلسطين ، انها دول فرغت من مضمونها فباتت متواطئة في مشاريع سوداء ونزاعات طائفية أدت الى استبدال الاولوية في المواجهة بعدما كان العدو الاسرائيلي أصبحت العباءة الشيعيه هي الهدف الأساس وبات الخطاب المذهبي هو الغالب في الشارع العربي الضعيف ، بل اذا حدقت النظر في خبايا التطورات ترى ان الجسم العربي عقد صفقة صداقة ووحدة مع المصطنع الاسرائيلي لدحر الشر الشيعي كما يصفونه وهذابحد ذاته قلب للقاعدة ومتاهة لا بستطيع الخروج منها سالما منتصرا الا العدو ، لذا فمن البديهي ان يقتنص الدهاة الاسرائيليون هكذا بيئة ويسخرونها من اجل أضعاف الفلسطيني وروايتهم من جهة وللتأكيد على تنفيذ سياستهم من جهة اخرى .
وفِي الزاوية الاخيرة لذاك المثلث إرادة دولية منحازة للخيار الاسرائيلي ، وقرارات دوليه معطلة ولا ضامن لحقوق الفلسطيني في تنفيذها ولا حتى ممارس لدور الوسيط النزيه في الضغط من اجل تثبيت العدالة والشرعية التي تمثلها الامم المتحدة ، أضف الى شهر العسل المميز الذي يجمع الاسرائيلي بالأميركي وذلك بصعود منظومة رئاسيه أميركية من النوع الاحمق يعادي العرب اولا والإسلام ثانيا ، وكيف لا ومبعوث الولايات المتحدة للشرق الأوسط هو كوشنير اليهودي المطيع والمهووس بتطبيق رغبات حاخاماته ، ان البيت الأبيض الان يتحدث العبريه أكثر بكثير من الانجليزية وجل برامجه تدعم رفعة شأن وسطوة الاسرائيلي دون ان يعير الاهتمام لتلك المصالح المشتركة مع المجموعة ألعربيه والتي قدمت نفسها في الرياض قبل أشهر قرابين لدونالد ترامب ووقعت على لائحة شروطه للبقاء في دائرة الحماية الأميركية . من هنا فلا مناص من الاستحواذ اسرائيليا على منابع قيادة المنطقة في ظل دعم فريق رئاسي أميركي غير محدود وفِي ظل تهاوي السور العربي الواقي للكرامة ألعربيه . فهل هنالك أكثر من هكذا فرصة ذهبية لنتينياهو في سحق الخصم وكسر يده متسلحا بوقائع على الارض تدعمه دون اعتراض .
ولكن ومن منطلق تدوير الزوايا ، فالفرصة ماسية وتاريخية للرئيس الفلسطيني محمود عباس في خلط الاوراق وقلب الطاولة والتحول من الرئيس المفاوض الى الزعيم المنتفض وهو المحنك سياسيا والداهية في مواجهة خصومه . فمسار الأحداث وسلوك الآخرين يؤيدان وبشدة التحول في سياسة الرئيس عباس ويبرران تبني منهجا جديدا في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية . ان الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية يمرون بمنعطفات تاريخية على المستوى الفلسطيني اولا ، فلا إنجازات حقيقية في مشروع التسوية رغم الخطة أ والوحيدة في المضي قدما نحو عملية السلام وما تتلقفه القيادة ليس الا مبادرات وأطروحات دوليه وعربية هشة لا تمنحهم الحد الأقل من الطموح الفلسطيني الذي قدم عشرات الآلاف من الشهداء ومئات الآلاف من الجرحى والاسرى والمطاردين والمبعدين ، بل ان اتفاق اوسلو خدم الاسرائيلين حينما تحول احتلالهم الوسخ الى احتلال نظيف غير ملزم بدفع الفاتورة المدنية او العسكرية . بل تمادى اتفاق أوسلو في تجسيد واقع جديد نمطي يتجلى بدولة بنظامين منفصلين وبالتالي كل السنوات التي خضنا فيها التجربة السلمية لم نجني من خلفها آلا سقوطا يعقبه سقوط حتى لو تخلل تلك المسيرة جزءا خجولا من المكاسب والتراكمات السياسية الدولية . كما يمكننا ان نضيف الى تلك السقطات مأساة عقد اوأكثر من انقسام وكرب اصابت الجغرافيا والديمغرافيا الفلسطينيه والتي تبنت واقعا داخليا دامي وخطابا عدائيا منذرا بمستقبل اسود لذلك فإن الطوابق العليا للقيادة الفلسطينيه ليست بمنأى عن الملاحقة الاخلاقية والتاريخية التي سيسعى اليها الجمهور الفلسطيني الا اذا أعيدت اللحمة بين الأطراف وصوبت الإرادات نحو التشبث بالوحدة الوطنية ، وبالتاكيد يدرك الرئيس المأزق الحقيقي الذي يمر به وهو الذي مورس عليه ضغطا كبيرا شعبيا وفصائليا لإصراره المضي قدما في عملية التسوية .
لذلك فان الرئيس الفلسطيني اذا ما أراد الخروج من عنق الزجاجة لا بد له الانحياز للعمق الفلسطيني المتمثل بتوحيده على كافة المستويات الشعبيه والفصائلية والنضاليه ، ولا بديل عن اعادة المركب الى ما قبل بحر أوسلو ثم البحث عن وسائل نضاليه اكثر فعاليه ( وهي متوفرة ) ولا يعيق في ذلك إغلاق الباب العربي امام الحراك الفلسطيني ، فهنالك دول غير عربيه يرتقي مستوى خطابها لاحتضان مبادرة فلسطينية جديدة تتكيء على مبررات منطقية وواقعية أهمها السلوك الاسرائيلي في افشال المساع السلمية والانحياز الأميركي الغير مبرر لإسرائيل ، ان العمل من اجل رسم شكل علاقة ما مع المحور الروسي التركي الإيراني سيضمن ارتفاعا في سقف المطالَب الفلسطينيه وثقلا في التعبير النضالي ، واهمها سحب الفلسطينيون اعترافهم بدولة الكيان وتكثيف الإجراءات الميدانية النضاليه من الخارج والداخل والتهديد الجدي بحل الساطع ، ولتكن مراحل اشتباك دبلوماسي تتوج بإعلان الدولة من جانب واحد ، وليكن الخيار العسكري من بوابة المقاومة في غزة واستخدام سلاح الضفة خيارا واسلوبا ضاغطا ، اضافة الى إمكانية توفير الدعم المشروع لمقاومة شعبيه عارمة ضمن محددات واضحة ، كما ان اعادة ترتيب دور منظمة التحرير وتفعيل دورها بما يتناسب مع المرحلة صار لزاما وواجبا محتوما ، اضافة الى دور الخزان البشري في الشتات الذي يتوق الى دور نضالي أكثر نضوجا حتى يساهم في المعركة كجزء اصيل .
ان الشعب الفلسطيني مر بمراحل عنيفة ولديه تجارب كبيرة وهو حريص على حقوقه وعلى سيادة قراره لذلك لا اعتقد ان هنالك شريفا ووطنيا واحدا سيعارض القيادة في اتخاذ كافة الإجراءات للمواجهة المفتوحة مع الاحتلال . فالاستعداد على المستوى النفسي متوفر لدى غالبية الفلسطينيون بل انهم ينتظرون من القيادة الفلسطينية فعلا وإجراء حاسمان ليسجل التاريخ ان محمود عباس القائد الفلسطيني الذي حول الصراع واقتنص الفرصة الماسيه .
صار لزاما وواجبا محتوما ، اضافة الى دور الخزان البشري في الشتات الذي يتوق الى دور نضالي أكثر نضوجا حتى يساهم في المعركة كجزء اصيل .
ان الشعب الفلسطيني مر بمراحل عنيفة ولديه تجارب كبيرة وهو حريص على حقوقه وعلى سيادة قراره لذلك لا اعتقد ان هنالك شريفا ووطنيا واحدا سيعارض القيادة في اتخاذ كافة الإجراءات للمواجهة المفتوحة مع الاحتلال . فالاستعداد على المستوى النفسي متوفر لدى غالبية الفلسطينيون بل انهم ينتظرون من القيادة الفلسطينية فعلا وإجراء حاسمان ليسجل التاريخ ان محمود عباس القائد الفلسطيني الذي حول الصراع واقتنص الفرصة الماسيه .