الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانتفاضة البيضاء

نشر بتاريخ: 26/12/2017 ( آخر تحديث: 26/12/2017 الساعة: 14:46 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

باتت المعركة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين الفلسطينيين، بين أقوى دولة استعمارية في العالم وبين أصغر شعب محاصر ومظلوم وفقير وأعزل. باتت المعركة بين دولار ترامب وبين روح الشهيد إبراهبم أبو ثريا، بين المراهق السياسي مايك بينيس وبين الفتى المناضل فوزي الجندي، بين المنافقة نيكي هايلي وبين الواثقة عهد التميمي.
حكومة الاحتلال ووزراء نتانياهو وأعضاء الكنيست وباقي الزمرة الفاشية من المستوطنين والارهابيين اليهود، ليسوا سوى أدوات رخيصة لتنفيذ المشروع الأمريكي في العالم العربي، وسوف يهربون ويسقطون حين يسقط المشروع الأمريكي الاستعماري الأكبر في هذا العالم. ميري ريجيف واورن خزان وغيرهم مجرد ظواهر صوتية ستنتهي حين تسقط إدارة البيت الأبيض.
ونحن نطوي الأسبوع الرابع من المقاومة الشعبية، لم تتراجع الإدارة الأمريكية وإنما ذهبت بعيدا في تنفيذ نقل السفارة الأمريكية وتهويد القدس، وذهبت أبعد حين هددت دول العالم وهددت الفلسطينيين بقطع المعونات والانسحاب من كذبة صفقة العصر، ما يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية متمسكة بضرورة الاصطدام مع القضية الفلسطينية والتماهي مع المشروع الاستيطاني أبعد مما يتخيله الليبراليون الجدد.
لم يعد ممكنا، الحديث عن نصف معركة، او ربع معركة، أو مجرد اختلاف. إن إدارة ترامب مضت بعيدا في استعداء الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، ولا بد من حسم الموقف بعيدا عنها وعن رضاها. فلا هي ستتراجع ولا يمكن لأي قائد فلسطيني أو عربي أن يجرؤ على التنازل عن القدس. فالاصطدام محتوم ومكتوب على كل الجدران.
لا تزال بعض الجهات السياسية الليبرالية تفكر بطريقة ساذجة، وتراهن على وقوع معجزة كي لا تحدث هذه القطيعة بين شعب يناضل من أجل معركة التحرير وبين دولة استعمارية امبريالية خسيسة مثل أمريكا. ولكن هذه المعجزة لن تحدث ولا يوجد أية إشارات على أنها يمكن أن تحدث.
من الأفضل أن نبدأ على اعتياد الأمر وأن نقوم بترتيب حياتنا من دون الولايات المتحدة الأمريكية وأموالها ومبعوثيها ومندوبيها وجواسيسها وخدمها. من الأفضل إعادة تعريف الأصدقاء وإعادة نشر أسماء أعداء الشعب الفلسطيني من جديد ، لأن البعض نسي من هو العدو ومن هو الطرف الآخر.
من الأفضل أن نضع كل قوتنا وطاقاتنا وإمكانياتنا وصداقاتنا في دعم حركة "BDS" لأنها الرد الأمثل على عنجهية نتانياهو ورعونة ترامب وطاقمه الاستعماري. وأن نكف عن الخيال المريض الذي سيدمر ما تبقى لنا من كرامة وطنية اذا اعتقدنا أن الاحتلال قد يكون لطيفا ومحترما وينسحب بحسن نوايا وطيب خاطر من أرض فلسطين.
حين انسحب جيش الاحتلال من مناطق الف في الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1995، كنا نعمل في صوت فلسطين وسألنا الزعيم عرفات ماذا نكتب في الخبر حين ينسحب جنود رابين من مدن الضفة. وكانت الاجابة على لسان الاذاعي المرحوم يوسف القزاز حين خرج على الهواء وقال : نجحت الانتفاضة في كنس جيش الاحتلال عن مدن الضفة.
نصف معركة لن يجدي نفعا.. فإما معركة ثابتة واضحة يشارك فيها الجميع بقناعة أن أمريكا هي العدو قبل اسرائيل ، وحتى لو كانت انتفاضة بيضاء لم يرفع الفلسطينيون فيها السلاح ، فانها ستهزم الاحتلال . أو اتركوها للأجيال القادمة.