الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بداية النهاية للزمن الصهيو-اميركي

نشر بتاريخ: 28/12/2017 ( آخر تحديث: 28/12/2017 الساعة: 18:05 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

مرت سنين عجاف زادت عن السبع عددا على حالة اللامواجهة واللاتفاوض بين الاحتلال الغاصب والشعب الفلسطيني الذي فرض عليه ان يكون مغلوبا على امره فيما بدا يعرف بحالة الامر الواقع او الستاتس كو كما يحلو للبعض تسميتها. 
الا ان ما حدث في يوم السادس من ديسمبر عندما اعلن الرئيس الاقل الماما بالسياسة الدولية من بين رؤساء اميركا وعلى الاقل منذ قيام اسرائيل وهو الرئيس الحالي دونالد ترمب باعترافه بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل كان بمثابة اعلان بنهاية زمن الامر الواقع وبداية زمن جديد يبشر اخيرا ببداية نهاية الزمن الصهيو اميركي.
ربما يرى البعض ان هناك مبالغة في ذلك ولكن ليس هناك من تفسير اخر وراء وقوف العالم ولو بالتصويت سواء في مجلس الامن 14 الى 1 ونفس النسبة في الجمعية العامة ليقول لا لاميركا.
ومن حيث ان التاريخ علمنا وهو على حق ان لكل جبار او امبراطورية نهاية وان المعجزات ما زالت تفاجئنا بين زمن واخر جاءت معجزة هذا الزمن في نجاح ترامب رئيسا لاميركا بالرغم من كل السلبيات التي خزنها الله فيه وعلى راسها عمى البصيره، فاصبح الديكتاتور الوحيد الذي يتم انتخابه بطريقة ديمقراطية وربما كان في كل هذا هبة من الله من اجل ان يكون سببا لعودة قضية فلسطين الى حيث يجب ان تكون بعد ان اوشكت ان تصبح مجرد ملف بين غبار الادراج.
الضارة النافعة في اعلان ترامب انه اسقط اوراق التوت عن عورات من هم بسوء الاحتلال ان لم يكونوا اسوأ والذين بضلالهم اضلوا شعوبهم الذين باتوا لا يفرقون بين العدو والصديق بين المجرم والبريء وذلك باختراع اعذار اقبح من الذنوب من اجل حماية عروشهم.
عقد او وعد ارض الميعاد الالهي لم يكن عقدا ابديا كما تدعي الحركة الصهيونية ويؤيدها بذلك 70 مليون مسيحي صهيوني في اميركا وبعض من عبيد الحكم في منطقتنا وانما كان وعد استثماري لاوائل اهل الكتاب وهم اليهود هذا الوعد انقضى بمجرد ولادة السيد المسيح ولاسباب يعرفها كل من امن حقا بالكتب السماوية التي نزلت بعد ذلك الانجيل والقرآن. الامر الذي ينفي اي حق إلهي لليهود في فلسطين واذا كان لهم من حق فهو بالقطع دنيوي اقرته الشرعية الدولية ممثلة بمنظمة الامم المتحدة والتي اصبحنا كشعوب متحضرة نقر بها وننصاع لقوانينها وتشريعاتها.
وفي هذا السياق لا نملك الا ان نقر بالذكاء الخارق الذي تتمتع به الحركة الصهيونية التي وعلى عكس كل القوانين تمكنت من التمرد على هذه الشرعية بعد ان تمكنت من ان تسخر قوة اقوى دولة في العالم لخدمة مصالحها بداية في حماية الدولة (اسرائيل) التي اقامتها الصهيونية في عام 1948 .وبنفس الذكاء كذلك تمكنت من حماية مصالحها في كافة بلاد المعموره بما فيها بلاد المسلمين. تارة باسم العداء للسامية وتارة بخلق اعداء وهميين وبمسميات مختلفة.
البعض يستغرب من هذا الغضب الفلسطيني الذي لم يرق بعد الى حجم الحدث الجلل الذي حقق للحركة الصهيونية حلما يضاهي حلم اقامة اسرائيل وهو الاعتراف بالقدس عاصمة لهذه الدولة ضاربا بعرض الحائط مشاعر كل المسلمين والمسيحيين في العالم. القدس اولى القبلتتين وثالث الحرمين للمسلمين ومدينة الكنائس للمسيحيين.
في اعتقادي ان الشعب الفلسطيني وبالرغم من تواضع قدراته الماديه الا انه اخلاقيا وتاريخيا قادر على احداث ردة فعل بقوة تبطل قرار ترمب الذي يفتقر الى اي اساس قانوني او اخلاقي اضافة الى ان كل القوه الماديه التي تتمتع بها ااميركا لا ولم تمنحها حصانة قوة الحق التي جردتها منها الشرعيه الدوليه ممثلة بالامم المتحده ومنحتها للفلسطينيين.
حالة الامر الواقع والتي هي مفروضه على شعببنا بسبب وضع سياسي اوسلوي التزمنا به من جانب واحد لا بد وان تنتهي كمحفز للطاقه الكامنه في شعبنا التي لم تخفت بل وعلى العكس فهي قادره على شحن ذاتها بدليل اصرار صاحب الحق الذي انبعث من استشهاد المقعد ابو ثريا والشرار المنبعث من عيون عهد التميمي الذي شل حركة جنود الاحتلال.
اوسلو صنعت بداية في ظروف جيوسياسيه معاديه للمصالح الفلسطينيه وتحديدا غزو الكويت وما نتج عنه. واثبتت ان لا قيمه لاي اتفاق ثنائي خارج اطار الامم المتحده وان لا مستقبل لاي سلام يكون سقفه اقل من القرار 181 الذي ما زال حيا يرزق ولو في في غرفة انعاش الامم المتحده..
واذا كان هناك استحاله عدم الالتزام باتفاق اوسلو فلسطينيا مع انه شرعا بطل بقتل رابين , اذا فلتبق طاقة شعبنا كامنه حتى لا نخسر اطفالنا لان فيهم ومنهم من سيحقق ما فشل جيلنا في تحقيقه ولا معنى لانتفاضه وقودها قيادات المستقبل.
هذه مجرد قراءه في احداث نهاية عام حكم العالم فيه رجل يفتقر الى الى كل ما له علاقه في الحكم .بدليل انه حول الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الى معركه بين فلسطين واميركا .
هذا التقزيم الترمبي لاميركا لا بد وان يكون بداية النهايه للعصر الصهيو اميركي الذي كانت اخر انتصاراته افراغ قرار الجمعيه العموميه الاخير الخاص بالقدس (متحدون من اجل السلام) من محتواه القانوني بان احاله الى قرار رمزي وغير ملزم بالرغم من انه تفوق نسبيا -129 ضد 9 -على قرار الجمعيه المماثل في عام 1950 -52 ضد 5 - الذي مكن اميركا في حينه من ابطال الفيتو الروسي بخصوص الحرب الكوريه وبسببه تم ارسال قوات امميه الى هناك في حينه.