الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

لا يمكن مقايضة القدس والمقدسات وحق العودة بالمال... القدس ليست للبيع

نشر بتاريخ: 03/01/2018 ( آخر تحديث: 03/01/2018 الساعة: 18:27 )

الكاتب: احمد حنون

مدير عام دائرة شؤون اللاجئين
11 دقيقة منها كلمات معدودة تعرف القدس على انها عاصمة لإسرائيل وقرار نقل السفارة إليها كانت كافية بنقل أميركا من ( راعية ) لعملية السلام ووسيط ( نزيه ) بين الاسرائيليين والفلسطينيين لتصبح طرفا ووجهة غير مرغوب بها في رعاية عملية السلام او حتى تقديم صفقة سلام وان كان اسمها صفقة القرن او حتى رشوة القرن، تدعي الاوساط الدبلوماسية الامريكية انها لم تتوقع ردة الفعل الكبيرة من قبل الرئيس عباس على قرار الرئيس الامريكي ترامب باعلان القدس عاصمة لإسرائيل وكذلك واعلان والتوقيع على قرار نقل السفارة الامريكية الى القدس، او كما يرى السفير الامريكي في اسرائيل والمحرض على نقل السفارة من تل ابيب ان ردة الفعل الفلسطينية مبالغ بها، وكأن ابلاغ العرب او حتى الرئيس ابو مازن او الاقليم بدافع التهيئة او تهدئة الخواطر للمواقف الغاضبة والثائرة ضد قرار الرئيس الامريكي ولا تعني بأي حال التساوق او الموافقة او عدم الاعتراض على قرار ترامب او القبول به.
وان فشل العرب والمسلمين من ابطال وعد ترامب قبل صدور اعلانه بالوعد او حتى بعد مضى الدقائق الـــــــ 11 التي مثلت مدة الخطاب وتفاعلاتها وتداعياتها لم تفلح كذلك في استدراك الامر وسحب الاعلان من قبل الادارة الامريكية، تشبه الى حد كبير الــــــ 14 دقيقة مدة الفيلم المسيء للرسول سيدنا محمد صل الله عليه والسلم شكلت صدمة كبيرة في تداعياتها رغم انشغال العرب والمسلمين في بالصراعات الداخلية بما يسمى الربيع العربي تم وقف عرض الفيلم، ولكن الاعلان يختص بمسرى النبي المصطفى والقبلة الاولى للمسلمين ارض المحشر والمنشر ارض الرباط والمرابطين في عقيدة المسلمين عدى عن قدسية المدينة المقدسة عند كل المسلمين، سياسيا للفلسطينيين كعاصمة للدولة العتيدة وكذلك بالنسبة للعرب بوصف القدس عاصمة العواصم العربية ترتبط بتاريخ العرب والمسلمين والكنعانيين، ولم يكن الاعلان خاليا من الرمزية الطاغية والساطعة ـــــ اضافة لخطورته الكبيرة ـــ في توقيت اعلانه في نفس الشهر الذي نفذ فيه وعد بلفور عام 1917 عندما احتل الجنرال اللنبي مدينة القدس وفي الذكرى المئوية قام الرئيس الامريكي باعلان وعده المشؤوم بان القدس عاصمة لاسرائيل وكذلك اعلان نقل السفارة الامريكية الى مدينة القدس الفلسطينية.
ظني ان فشل العرب في هذا الامر سيجر عليهم المزيد من الويلات ذلك لان المخطط الصهيوني وصل نهايته رغم مده ودعمه بكل اسباب القوة ولم يكن ليأخذ كل هذا الوقت لولا الصمود والنضال الفلسطيني والتضحيات الفلسطينية ومناصرة العالم لحقوق شعبنا ونضاله كصاحب حق ثابت في القانون والمواثيق الدولية، وان مضي الرئيس الامريكي وبتحريض كامل من نتنياهو يعجل في حسم قضايا خطيرة الامر الذي يجعل تهويد مدينة القدس الهدف الثاني كاملا، اضافة لاطلاق العنان للاستيطان بشكل غير مسبوق والدفع في يهودية الدولة وقانون القومية كما فعلت اسرائيل بقانون التسوية لسرقة الاراضي الفلسطينية لشرعنة الاستيطان، وقانون القدس ( الموحدة ) والذي يقضي بمنع نقل اجزاء من مدينة القدس المحتلة في اي عملية تسوية مستقبلية الا بموافقة 80 عضو كنيست على الاقل من اصل 120، وتوجه الحزب الحاكم في اسرائيل لفرض السيادة الاسرائيلية على الضفة الغربية ، وكذلك مشروع القدس الكبرى والاجهاز على وكالة الغوث الدولية بوقف الدعم المخصص لها من قبل الولايات المتحدة الامريكية وهذا ما تم اعلان فعلا رغم كونه متوقعا ، في الوقت الذي لا تستطيع اسرائيل وامريكا تمرير اي قرار بخصوص تعديل تفويض الاونروا في الجميعة العامة، وخصوصا ان الادارة الامريكية قد تلقت صفعة قوية بتصويت 129 دولة ضد قرار ترامب، قرار الرئيس ترامب بمثابة مظلة رسمية امريكية للتطرف الاسرائيلي وفاتح شهية لمزيد من الاجرءات العنصرية ضد الفلسطينيين واضعاف قضية اللاجئين الفلسطينيين ، والبدء بمشروع تهجير عرقي جديد للشعب الفلسطيني ومنها بدوافع اقتصادية كما حلل بعض الساسة في المنطقة، والاخطر البدء ببناء ما يسمى بالهيكل ولكن على انقاذ المسجد الاقصى لا سمح الله.
لا اعتقد ان الادارة الامريكية كان يمكنها ان تقوم باتخاذ قرارها بخصوص القدس لو انها سمعت مواقف حاسمة من الدول الاسلامية الرئيسية وكذلك انشغال العرب بحالة الفوضى التي خلقتها امريكا، ولكن استمرار التصميم الفلسطيني بالدفع بالقضية الفلسطينية الى اولى الاوليات الدولية، وكذلك فعل قرار الرئيس ترامب فجعل من فلسطين دولة عظمى قبل ان تقوم بالمعنى السيادي الرسمي رغم اعتراف 138 دولة بفلسطين كدولة غير عضو في الامم المتحدة عام 2012، وذلك بعد ان تم عام 1998 التصويت برفع مكانة فلسطين الى صفة مراقب لا يصوت، صحيح ان مشروع القرار الذي قدم الى مجلس الامن عشية قرار ترامب بنقل السفارة واعلان القدس عاصمة لاسرائيل لم يسمي اميركا بالاسم لثنيها عن استخدام الفيتو، لكن امريكا واجهت القرار بالفيتو رغم موافقة 14 دولة عليه ومنها 4 دول عظمى تمتلك حق النقض واعضاء دائمين في مجلس الامن، الامر الذي صعد من التحدي للقرار الامريكي الامر الذي عبر عنه قرار الجمعية العامة ضد قرار ترامب بأغلبية 129 صوتا رغم التهديد والوعيد العلني الامريكي بالمساعدات وغير المسبوق لاعضاء الجمعية العامة.
الرئيس محمود عباس تحمل الكثير من أجل السلام وهو اليوم وحيدا الا من بعض الحلفاء المخلصين لفلسطين يخوض اكبر معركة على الساحة الدولية الدبلوماسية والسياسية وفي اروقة الامم المتحدة ليضع فلسطين على خارطة السياسة والواقع والجغرافيا وبقوة ودونما تردد، لان قرار الرئيس ترامب يقضي على حل الدولتين ويمس بحدود الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 ، ويتحدى القرار طموحات اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، ويفكك السيادة الفلسطينية والامن ويبقى على المستوطنات غير الشرعية المخالفة لكل القوانين الدولية وحتى من المشكوك فيه ان يأخذ الفلسطينيين حقهم المياه، والاهم ان امريكا التي عكفت على اعداد صفقة القرن فان صفقة القرن قد ذهبت بتخريب اسرائيلي أمريكي متعمد رغم ان تسريباتها لا تبين باي حال من الاحوال ان الفلسطينيين ممكن ان يوافقوا عليها، بالاضافة لعدم قدرة اي طرف بالقيام بالضغط على الفلسطينيين ولا حتى باستخدام ورقة المساعدات الامريكية كورقة ضغط ضد شعبنا والقيادة الفلسطينية لان القدس ومقدساتنا ليست للبيع لا بالذهب ولا بالفضة كما صرح مستشار السيد الرئيس ابو مازن نبيل ابو ردينة وحق العودة ليس للبيع واضعاف الوكالة ينذر بحالة من الفوضى الكبيرة، مقابل ما حافظت عليه وكالة الغوث الدولية كعامل استقرار تعبر عن الالتزام الدولي تجاه اللاجئين الفلسطينيين والقضية الفلسطينية.