الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

جنون البقر والسياسة

نشر بتاريخ: 07/03/2018 ( آخر تحديث: 07/03/2018 الساعة: 15:25 )

الكاتب: د. عوني الخطيب

جنون البقر مرض يصيب الابقار وينتقل للانسان اذا استعمل لحم الحيوان المصاب, قضى هذا المرض على 1800 حيوان قبل الوصول الى فك اسراره واصبح تقريبا من التاريخ, يقال ان سببه هو استعمال بروتين حيواني من الاسماك المطحونة في علائق الابقار.
عندما يصرح الرئيس الروسي أنه أتقن من الأسلحة ما لا قبل للعالم به ويضيف الى ذلك الاهانة بانه ليس معنيا بسباق التسلح وعندما يتحدث رئيس كوريا الشمالية ويقول أن زرهُ النووي يعمل ويمكن تشغيله بكبسة واحدة وان رؤوسه النووية والهيدروجينية تستطيع الوصول الى العاصمة الامريكية، وعندما يحاول الرئيس الصيني أن يكسر السلم الذي أوصله للرئاسة ويلغيه عن الاستعمال فهو يريد حكما لمدى الحياة. 
وعلى الجانب الآخر يغيب العقل كلياً عن إدارة الديمقراطية الكبرى في العالم ويرسل بتغريداته الى كل الاتجاهات ويقول ان زره اكبر واكثر فاعليه, يدير العالم بتغريدات البيت ألابيض كثير من هذه التغريدات ما هي الا تغريدات الغربان عدو للجميع فهو عدو النساء والسود والمسلمين والمكسيكيين وافريقيا والصين وروسيا ويحب شخصا واحدا فقط ، ويمتد جنون البقر ليصل الى الذي يقول في كتابه "مكان تحت الشمس" أنه أتى من بولندا وأنه عازم وقادر على إلغاء الرواية الفلسطينية وأنه عازم وقادر على حكم أرض لشعب آخر وأنه عازم وقادر على تجريد هذا الشعب من حقوقه الإنسانية والوطنية وتغريداته الغربانية تتوافق مع التغريدات المماثلة الصادرة من البيت الأبيض.
وعندما يقتل الجميع الجميع في سوريا واليمن وعندما تُصادر الحريات في كامل أرجاء الوطن الممتد من محيطه الى خليجه، وعندما تنام القارة القديمة في أحضان الانكفاء والزحف الى الوراء كما في بريطانيا وإيطاليا. 
عندها يجب ان نتذكر مرض كان قد أصاب الأرض ولكن العقل البشري استطاع علاجه بوقف غذاء الحيوان على الحيوان فتوقف العالم من تغذية البقر بالأسماك فتوقف المرض ونجت البشرية، توقف جنون البقر وأصبح مرضاً من التاريخ. يبدوا ان ارهاصات المحرقة الكبرى تقترب ببطيء بعد كل هذه التصريحات والاجواء المحتقنة.
فالجنون الجديد وهو استسهال الحروب والتهديد بالحروب .لا بد من الاشارة ان الحروب الكونية أوجدت كيانات دولية لتوجيه البشرية ومنعها من الانجرار نحو الحروب وضبط الحقوق وفض النزاعات ومراقبة التسلح وإيقاف العنصرية والفوقية والطائفية والمذهبية والدفاع عن القيم الإنسانية الشاملة وحمايتها من الاعتداء, فان على هذه الاجسام الاممية ان تتدخل الان لوقف هذا الجنون الذي قد يطيح بالبشرية.
فإن الحرب التي قد يحتدم أوارها- والتي قد تبدو زوبعه في فنجان وكلام في كلام وحروب محدودة وتعديات وخراب أخلاقي - قد تتسارع في أي لحظة لوضع البشرية في مواجهة شاملة وتنطلق أدوات التدمير الشامل من عقالها حيث لن يكون هناك عودة بعد مثل هكذا حرب.