الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

"رجل بين قرنين" يكشف معاناة المزارع في ظل "الانتداب"

نشر بتاريخ: 18/03/2018 ( آخر تحديث: 18/03/2018 الساعة: 13:55 )
"رجل بين قرنين" يكشف معاناة المزارع في ظل "الانتداب"
غزة- معا- كشف كتاب صدر حديثاً في غزة أن حكومة بريطانيا عمدت إلى محاصرة الفلسطينيين اقتصادياً، ومنعت تصدير الحمضيات لدول أوروبا، كما شجعت المزارعين على الاقتراض من البنوك لتمويل احتياجات مزارعهم ودفع أجور العمال.
وأوضح الكتاب الذي ألفه الأستاذ إبراهيم عطية حماد بعنوان "رجل بين قرنين" أنه بعد أن تعذر على هؤلاء المزارعين البسطاء سداد أقساط تلك القروض أو حتى دفع أجور العمال وثمن الأسمدة اضطروا الى بيع (كيس) البرتقال بثلاثة قروش أو أقل، ومقايضة صندوق البرتقال ببيضة دجاج واحدة، أو بيضتين.
وقال حماد في كتابه الذي صدر عن مطبعة نيسان للطباعة والنشر في مدينة غزة، ويقع في 250 صفحة من القطع المتوسط، إن المزارعين في عهد الانتداب البريطاني أخذوا يستعيضون عن شراء الأسمدة بتسميد بياراتهم بثمار البرتقال نفسه الذي حالت بريطانيا دون تصديره الى الخارج، بينما لجأ مزارعون آخرون إلى الاستعانة بأسرهم وأسر من حولهم في عملية القطف لعدم قدرتهم على دفع أجور للعمال.
وأضاف حماد أنه في ظل هذا الحصار الاقتصادي الذي فرضه الاستعمار البريطاني ساءت حالة المزارع الفلسطيني، ما اضطر أصحاب البيارات الى تجفيفها أو خلع أشجارها، وإبدالها بزراعة الخضروات، والفواكه.
ولم تسلم زراعة الحبوب مثل القمح والشعير والذرة محاربة المستعمر لها حيث عمدت بريطانيا عبر شركات بريطانية لإغراق الأسواق الفلسطينية بكميات كبيرة من الدقيق بأسعار رخيصة جداً، بحيث يصل ثمن كيس الدقيق إلى خمسين قرشاً، مما دفع السكان سيما سكان المدن لشراء احتياجاتهم من الدقيق بل والتخزين منه لأشهر قادمة، ما ترتب عليه كساد منتجات الزراعة الفلسطينية من الحبوب، وكان يضطر المزارع لتخزينها في بيته، ليقوم في نهاية المطاف ببيعها بأرخص الأثمان اذ بلغ سعر قنطار القمح إلى جنيه فلسطيني، وترتب على ذلك تحمل المزارع الفلسطيني ديون وأعباء كبيرة من أجل معيشته.
علاوة على ذلك، قامت حكومة الانتداب البريطاني كما يقول حماد في كتابه بفرض الضرائب الباهظة على المزارعين مثل ضريبة العشر السنوية المفروضة على الأرض، وضريبة الحياة التي كانت تجبيها سنويا من كل مواطن ذكر حي بالغ، وكانت قيمتها جنيه فلسطيني واحد سنوياً، وفي حال تخلف المواطن عن دفع هذه الضريبة يتم استدعاؤه إلى قائم مقام غزة، وتفرض عليه غرامة إضافية، وعليه إما دفع الضريبة مع غرامة التأخير أو ينال عقوبة السجن.
وكانت تجبى هذه الضرائب كما يفيد حماد من قبل جباة، وهم موظفون توكل إليهم هذه المهام يسمى النفر منهم (المحصل) يذهب إلى كل قرية فلسطينية برفقة اثنان من الشرطة لتحصيل هذه الضرائب من المواطنين، وينزلون ضيوفاً على القرية هم وخيولهم حتى يتموا تحصيل الضرائب من سكانها.
ويضم الكتاب ستة فصول، حيث تطرق الكاتب في الفصل الأول المعنون باسم "صفحات من حياتي" الى القرى الفلسطينية المدمرة قبل العام 1948 خاصة قرية نعليا "بكسر النون"، التي ينتمي الكاتب اليها، حيث تطرق الى أراضي القرية وبياراتها وعائلاتها والتعليم فيها وغيرها من القرى والمدن المجاورة، والمظاهر العمرانية في القرى المدمرة مع الإشارة الى قرية نعليا كنموذج.
وضم الفصل الثاني الذي حمل اسم صفحات من تاريخ فلسطين العديد من الموضوعات مثل فرق النضال الفلسطيني، ونماذج للمقاومة الفلسطينية ضد المستعمر البريطاني، ومعاناة المزارع الفلسطيني في ظل الانتداب البريطاني، والضرائب التي فرضتها حكومة الانتداب على الفلسطينيين.... الخ.
وعنون الفصل الثالث الذي ضم العديد من المقالات التاريخية باسم وقفة مع التاريخ، بينما تطرق الفصل الرابع الذي حمل اسم "من الحياة" الى نماذج من الأوضاع الحياتية المختلفة للشعب الفلسطيني والأمة العربية، بينما حمل الفصل الخامس اسم "صفحات سياسية"، تطرق فيه الكاتب الى العديد من القضايا السياسية المتعلقة بشعبنا وأمتنا.
وقال الأستاذ الدكتور محمد حسونة أستاذ الأدب في جامعة الأقصى بغزة في تقديمه للكتاب إن الكاتب إبراهيم عطية حماد ابن قرية نعليا لم يكن فلسطينياً فحسب، بل كان عربياً قومياً مسلماً موحدا بالطريقة الصحيحة السليمة فقد شغل الهم العربي حيزا واسعا من صفحاته المشرقة.
وأضاف أن الكاتب لم يسكنه الماضي والحاضر فحسب بل كان فكره استشرافياً ينظر الى المستقبل ويحاول أن يحدد ملامحه في صورة مثالية، وقد اتسمت كتاباته بالحيادية والموضوعية التي اتسمت بها كل صفحات الكتاب، والتي تحلى بها تفكيره وأنماطه في العرض والتفصيل والنتائج.
يذكر أن الكاتب عمل مربياً في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين طيلة أربعة عقود من الزمان، وحاصل على شهادات عليا في التربية والتاريخ، وصدرت له العديد من المؤلفات الأدبية والتاريخية.