الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

تجليات الابداع الفلسطيني

نشر بتاريخ: 11/04/2018 ( آخر تحديث: 11/04/2018 الساعة: 17:46 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

ما حققته الطفلة عهد التميمي على الصعيد الدولي لا بد وان يكون مثار اهتمام ليس للقيادات المتأبطة سيف عنتر بل للملايين من اخواتها واخوانها الذين يشكلون بفئتهم العمرية أغلبية الاثني عشرة مليون فلسطيني المنتشرين مناصفة ما بين الشتات والوطن المسروق. واقول مثار اهتمام كون صدى كفها المظلوم على وجه مغتصب ظالم اسمع حتى الذي به صمم في كافة بقاع الارض كما كان الحال مع توأمها الوطني فارس عوده الذي كان يحتفظ الرئيس الفرنسي الاسبق جاك شيراك بصورته وهو يرفع يده بحجر متحديا الدبابه الصهيونيه.
هؤلاء هم راس حربة جيل المبدعين هم الذين سينهون الظلم الذي يجسده الاحتلال واعوانه من عرب واجانب كون المبدعين الفلسطينيين بدأوا يسطرون اولى فقرات القانون الدولي الانساني الجديد بحبر الاخلاق والقيم التي بنيت على اساسها الحضاره البشريه. ثلاثة اجتياحات اسرائيليه لغزه ما بين 2008 و 2014 كانت مدمره للبشر والحجر لم تحرك مشاعر العالم كونها اخذت طابع حروب كلاسيكيه بين دولتين اسرائيل وغزه وذلك بسبب وهم الصواريخ التي قامت الدنيا ولم تقعد عندما وُصِفت من قبل عاقل القوم في انها صواريخ عبثية كونها لم تفعل سوى اثارة الشهوة لمصاصي الدماء الذين كانوا يبحثون عن سبب لتدمير ارادة اصحاب الحق الذي سلبته اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال وربما حققت اسرائيل بعض من ذلك باستسلام البعض للامر الواقع او الستاتس كو الذي فرضته دولة الاحتلال.
من الاجحاف ان يكون تفسير هذه القراءه انتقاصا من القيمه الوطنيه للابطال الاشرف من فينا الذين ارتقوا شهداء او انتهى بهم المطاف جرحى مقعدين او اسرى خلف قضبان سجون الاحتلال ولا انتقاصا ايضا من كل الذين نذروا انفسهم كما الشهيد الراحل عرفات مشاريع شهاده من اجل ان يعيش كل فلسطيني بعزه وكرامه على الارض التي خلقت لاصحابها الفلسطينيين منذ بدء الخلق بالرغم من كل من عاش عليها او حاول اغتصابها من قبائل وطوائف وجيوش وهم الذين خرجوا موتا او رحيلا وبقيت اسمها كما كانت وستبقى فلسطين .
مسيرة العوده التي انطلقت دون توقف في يوم الارض الخالد في الثلاثين من الشهر الماضي وكتبت بالدم عقد قران ازلي ما بين الفلسطيني وارضه وَحًدت بتلقائيتها ابناء الشعب الواحد بعد اكثر من 10 سنين عجاف من الانفصال كونها جاءت ردا شعبيا ابداعيا سلاحها شرعية حق اخلاقيه وامتدادا للمبدعين الذين غيبهم عنا ضلالية وبطش الاحتلال لتشكل رادعا فعالا للاحتلال ونذيرشؤم لكل الذين حاولو طمس هذا الجيل من اجل امصالحهم الحزبيه والخاصه. الخروج من دائرة الوهم كان اولى بشائر الخير وربما اول الغيث لمسيرة العوده وذلك باعتراف ولو متأخر بقدرة الكف على تحقيق ما عجزت عنه الصواريخ، اعتراف جاء على لسان بعض قيادات حماس وهم يُقَرون بضرورة عدم عسكرة المارد الشعبي، المارد الذي سبق وان استسلم عاطفيا للغة الصواريخ كسلاح انتصار. عشرات الاف ما أُطلق عليها جزافا بالصواريخ جعلت من غزه عسكريا، دولة ندية لاسرائيل التي وبسبب ذلك تحولت وبخبث صهيوني لتصبح هي وسكانها ضحايا للارهاب الفلسطيني الامر الذي مكنها من الحصول على نفاق دولي في حقها في الدفاع عن نفسها. وهو الامر الذي جعل العالم في لحظات الاجتياحات المدمره للبشر والحجر في غزه من قبل اسرائيل جعل العالم يتناسى بان اسرائيل هي القوه القائمه بالاحتلال ومن انها الدوله المغتصبه للارض الفلسطينيه، كل ذلك بالرغم من ان اسرائيل تمتلك قوه عسكريه نوويه مكنتها من التفوق على مجموع الدول التي تعاديها. هذا الاقرار بالقوه العسكريه لدولة الطغيان لا يجب ان يُنظر له الا من زاوية البحث عن الانتصار الممكن الذي لن يتحقق الا بوسائل واسلحه غير كلاسيكيه وبعيدا عن المكابره والفشخره الكذابه والاحتفال بنصروهمي فصائلي . الناشطون في هولندا غيرو أسماء شوارعهم ليحل مكانها اسم عهد التميمي ، بما في ذلك الشارع الذي توجد فيه سفارة اسرائيل في العاصمه هيغ.
هذا الموقف الشعبي الهولندي غير الرسمي وبالطبع المثمن من قبل دوله تعتبر من حلفاء اسرائيل يمثل واحده اخرى من الاسلحه غير الكلاسيكيه التي يتوجب علينا تطويرها.
اسرائيل عملت منذ ساعات قيامها الاولى على قتل الامل لدينا كفلسطينيين جيلا بعد جيل في الداخل الفلسطيني وفي الشتات ولكن هبة الشعب الصامد على ارضه في الثلاثين من مارس 1976 وبعد 28 سنه من قهر وقمع اظهرت القوه الجباره الكامنه في الشعب الاعزل وفي انها قادره على قهر الاحتلال والانتصار عليه . هدير صوت الشعب ودخان الكاوشوك في مسيرة العوده ارعبت ليس سكان المحيط الغزاوي ولكنها ارعبت القياده الصهيونيه في البيت الابيض التي شرعت في البحث عن وسائل لوقف هذا المارد الشعبي الذي تفترض الطبيعه انه لا يمكن قهره باي سلاح تقليدي او غيره.
ما حدثنا عنه الاجداد وما حصل في اواخر ثلاثينات القرن الماضي وتحديدا العام 1936 عندما اشتعلت الثوره باعلان الاضراب الذي عم فلسطين واستمر ستة اشهر احتجاجا على الظلم البريطاني الصهيوني بحق الفلسطينيين في حينه هذا الاضراب توقف بعد وساطات من ملوك وامراء عرب بسبب وعود كاذبه قدمتها قوات الانتداب البريطاني والتي كانت نتائجها ما نحن عليه الان ، مثل هذه الوساطات او حتى التفكير بها لوقف مسيرة العوده لا يجب ان تحصل هذه المره الا بعد ان ينال المارد حقه. كما لم يعد مطلوبا من القيادات ان توجه المارد الشعبي هذه المره ولكن العكس هو المطلوب في ان يملي المارد شروطه خصوصا وانه القادر على حماية قياداته بعد ان فشلت هي في حمايته او حماية حتى نفسها وذلك بعد ان اصبح هديرهذا المارد يُسمع الاصم ويُرعب المجرم . في هذا الزمن الصهيو اميركي اصبح وصم القائد او الفصيل بالارهابي مجرد شهاده يمنحها ويوثقها البيت الابيض لهذا ويسقطها عن ذاك خدمة لمصالحه ومن يعتبرهم البيت الابيض حلفاءه، الا انه وبالرغم من كل هذا الاجحاف والظلم ، لن يستطيع اي كان عاقل كان ام مجنون في هذا العالم من ان يوصم شعب يطالب بحقوق اقرتها له الشرعيه الدوليه بالارهاب لان الشعب الاعزل كما اسلفت يجسد قوة غير كلاسيكيه قادره على تحويل جيش الاحتلال الى نمر من ورق.