الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

"بدون عنوان"

نشر بتاريخ: 21/04/2018 ( آخر تحديث: 21/04/2018 الساعة: 18:50 )

الكاتب: المحامي علاء غنايم

عند استعراض عمل لجان الكونغرس الامريكي وجراءة تحقيقاتها مع الماثلين امامها وخصوصا كما حصل مؤخرا مع مارك زوكربرج صاحب منبر الفيسبوك، اجد نفسي في حيرة ما بين شعورين متناقضين تجاه كل ما هو امريكي، فمن جهة اجدني اكن المحبة والاحترام للامة الامريكية شأنها شأن اي امة وشعب في هذا العالم، وفي نفس الوقت اراني اشعر بالحزن والشفقة الحقيقية عليها وعلى انسانها، الشعب الامريكي شعب طيب وبسيط شأنه شأن شعوب هذه الارض لا يختلف عنها بشيء لا بل تراه لمن لا يعرف الامريكي الانسان، غارق بهموم غير تقليدية يومية حياتية لمجاراة الحلم الامريكي والوعد برفاه العيش والا سيجد نفسه على احد الارصفة بلا منزل ومأوى وان لم يكن محظوظا في لون بشرته وملامحه غير البيضاء بامتياز سيجد نفسه هدف مستباح من عنصر امن ابيض مهووس او ضحية لقاتل او سارق اسود هو نفسه ضحية لمنظومة انكرته ولم تكترث له ابدا، اعباء حياتية يومية تبدأ بالعمل والاستيقاظ في ساعات باكرة حتى ساعات متاخرة غارقا ما بين الوقتين في دفع الفواتير والضرائب والرهون العقارية والديون واكبر اهتماماته دون ذلك هو فقط حال الطقس لهذا اليوم او ذاك، هذا الشعب خليط حقيقي من اناس غادروا او اجبروا على ترك اوطانهم الاصلية باحثين عنه على تراب مغتصب من اصحابه الاصليين، حاولوا ولا زالوا صناعة هويتهم وان يجسروا ما بين فظائع ارتكبوها بحق الغير وحق انفسهم تارة وتارة اخرى لا زالوا يحاولوا جاهدين بعدم ممارسة الانفصام الانساني على انفسهم والغير ايضا، مع كل هذا وهذاك، ولمن كان على الارض الامريكية واختبر انسانها يدرك معنى كلامي ولمن لم يختبر هنا اكتب لاقول انهم امة تستحق النظر اليها كالامم والشعوب الاخرى المثقلة بالهموم والانسان الحقيقي ولهم محاولاتهم وحتى انجازاتهم والتي من الحماقة والانكار عدم الوقوف امامها والاشادة بها وبالبنان.
سألت نفسي لماذا شعرت برغبة بالكتابة حول هذا الاسم "الامريكي" الذي يفترس ويستبيج كل شيء فينا وارضنا وامننا وحقوقنا، لا اعرف انما شعرت برغبة ان افصح عن احترامي ومحبتي لهذا الشعب الذي لا يختلف عن بقية الشعوب الارض ومحبتي واحترامي لمكوناته الاجتماعية والثقافية والفنية، فالانسان الامريكي طيب ومتعاطف ويهتم للاخر، يؤمن بالخير ويكره الشر وهو مثقل تماما في مستنقعات من التوجيه والتعبئة والتحريض والتخويف فضلا عن معاناته امراض التمييز المزمنة ما بين الابيض والاسود وباقي الاعراق، الريف ومراكز المدن، والشمال والجنوب، الشرق والغرب، الغني والفقير، القيم الامريكية موجودة وحقيقية وليست حكرا على الافلام وتمارس بشكل يومي على مستوى افراد وجماعات هناك الا انها دائمة الاصطدام بحقيقة ان الامريكيين هم فعلا شعب مضطهد من قبل زمرة نرجسية قابضة على راس المال والقرار السياسي بطريقة خرافية تشبه السحر وجدوا في صيغة ديموقراطية انتخابية حساباتية غريبة ظالمة طريقة للقبض على خناق كل ما هو انسان على تلك الارض، شعب نعم يحب وطنه وارضه وعلمه وله ذلك ويستحقوا ذلك، الا اني اشعر بالحزن عليهم والشفقة لكل ما يرتكب بحقهم من جريمة خطف قديمة حديثة ابتداء من عصابات البيت الابيض وصانعي السياسة الامريكية الداخلية والخارجية في الظل والعلن وانتهاء بذلك اللوبي الصهيوني الطفيلي، فامريكا وان سادت العالم بحكوماتها وترساناتها وبطشها وانكارها للقضايا العادلة فهي لا تدرك ابدا انها تمارس عزل محزن لشعبها وانسانها عن باقي انسان المعمورة ومستمرة تماما في عدم الامتنان لمكونها الانساني والتفنن باضطهاده وانتهاكه وان كان ذلك الاضطهاد في بعض الاحيان ناعم الملمس الا انه خشن الاثر وسيبقى كذلك بحق انسانها و الذي لا يزال وسيبقى يحلم بتحقيق الحلم الامريكي بالوعد بالحرية والرخاء والكرامة للانسان والبشرية جمعاء، والذي سيأتي يوم ان استيقظ دون تحقيق هذا الحلم سوف يقوم بقلب الطاولة على رأس من مارس بحقه هذا التنويم المغناطيسي، التضليل والخديعة.