الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

لفلسطين انتصرت القمة العربية

نشر بتاريخ: 23/04/2018 ( آخر تحديث: 23/04/2018 الساعة: 10:52 )

الكاتب: تحسين يقين

راهن كثيرون على القمة، ففشل الرهان؛ كأنهم يحسبون العروبة انتهت!
قد لا تكون بلادنا العربية في أزهى أيامها، لكن ذلك لا يعني اليأس أبدا، فما زال لدى العرب ما يفعلونه لبلادهم ولفلسطين.
واعلم ونعلم كم هي فلسطين عزيزة على شعوبنا العربية؛ فأينما يممنا وجوهنا، نلق محبة العرب لنا، تلك المحبة التي تقوينا.
لقد استجاب قادة العرب لضميرهم العربي، كما استجابوا لنداء شعوبهم، وستستمر استجاباتهم في الانتصار لقضايا أمتنا.
تلك هي شرعيتهم وتلك هي شرعيتنا جميعا.ِ
لنا ما نراه ونقرأه من حبر الكلام وحبر الصور؛ وعلينا أيضا أن نشكر كل من يقف معنا هنا، ولنا أن نطمح إلى ما خير لفلسطين والعروبة.
لقد خيبت نتائج القمة أمل الحكومة الإسرائيلية؛ فهل كانت فعلا تتخيل إسرائيل أن يزهد العالم العربي بفلسطين؟
لقد انتصرت القمة العربية لفلسطين وستظل كذلك هذا هو إيماننا بعروبتنا.
ولن يخيّب العرب آمالنا.
لقد حظيت فلسطين بدعم الأشقاء العرب، كما حظيت بشكل خاص بدعم المملكة العربية السودية البلد المضيف، فلا نملك إلا ان نقول شكرا..
الحق اظنني اقوله حين أرى اننا صرنا أقوى بعد مؤتمر القمة:
- القدس كانت محور القمة، بل صارت عنوان القمة.
- الدعم السياسي والمالي للقدس الشريف.
- التأكيد ليس على المصالحة الوطنية فقط، بل وعلى أهمية الوحدة والشرعية.
- وجود الشعور القومي الذي نطمح الى زيادته.
- التأكيد على وحدة الأراضي العربية.
إن انعقاد القمة بحد ذاته كان إنجازا قوميا، فعلى الأقل ما زال العرب يلتقون في بيت العروبة.
الآن: ماذا نطمح؟
نطمح الى زيادة الفاعلية.
كيف؟
أدعي ان حل مشكرتنا القطرية، تكمن في اعادة اللحمة لمشروعنا القومي، حيث أن ذلك يشكل صمام أمان كافيا لرأب الصدع داخل الأقطار، وتقويتها، لأن الوحدة تغلق الأبواب امام التدخلات الغريبة التي تخرب النسيج الوطني. ومن المهم التعاون في حل مشاكلنا في الأقطار العربية وليس العبث بها، لأن وجود دولنا مستقرة وتنموية هو افضل للواحد وللكل.

لكن كيف السبيل؟
أظن أن علينا المراجعة للعلاقات العربية الإقليمية والدولية، على أساس الوصول الى صفر في المشاكل وهذا ممكن؛ ببساطة، يمكن للعرب حل مشاكلهم مع دول الجوار؛ خصوصا إيران، حيث يمكن تعديل العلاقة باتجاه الاحترام المتبادل ورعاية المصالح المشتركة.
كذلك الحال مع تركيا وغيرها.
إن تم حل جزء كبير من المشاكل، فلن نكون مضطرين لتحالفات دولية لن تكون مفيدة ودائمة على المدى المتوسط والبعيد.
آن الأوان لجمع أبناء العروب وقادتها على المصلحة القومية العليا والتي هي مصلحة وطنية لكل قطر عربي.
لقد شكلت القمة مناسبة للقاء.. وهذا جميل يخفف من الاحتقان قليلا.
إنها خطوة يمكن تويرها باتجاه تحقيق مصالحات وطنية داخل كل قطر، وفيما بينها ايضا.
واليوم، مهما كان صعبا ومحرجا، فما زال العربي قادرا على التواصل مع اخوته العرب. وان اي تحسن سيطرأ، سيتضاف، فليس هناك ما يمنع من تحسين العلاقات بين الدول. بل بالعكس ان عدم مبادرة الدول للقاء من اجل الحلول هو الغريب وغير الطبيعي.
هناك تحديات امام ذلك بسبب تعقد الحال في بعض البلاد، لدرجة الماساة، لكن ايضا هناك امكانيات:
- وجود أغلب الدول العربية خارج نطاق المحاور.
- ما زالت لدى الدول العربية الرغبة بالتصالح.
- حل المشكلات داخل كل بلد على حدة يساهم في شرعنه بقاء النظم.
- هناك دول كبرى واقليمية يمكن ان تكون داعمة للخلاص القومي العربي.
فلسطينيا وقوميا ، ما زالت قضية فلسطين عامل جذب وعامل موحد، يمكن الاعتماد عليه وتويره، فثمة ما اتفق العرب بشأنه.
آن الأوان فعلا للبدء في إرجاع العلاقات العربية الى الحد الأدنى المقبول والذي يمكن تحقيق الحد المقبول من طموحاتنا.
وهذه يدي عن بني مصر تصافحكم فصافحوها تصافح نفسها العرب
من الممكن تجاوز المعيقات بسهولة ان صفت النوايا..أما الهدف فهو قومي وقطري معا.
وفلسطينيا، فإنه كلما كان العرب والعروبة بخير، فإن ذلك سينعكس ايجابا علينا وعلى قضيتنا.
وهنا يمكن التأكيد على ما اتفق عليه العرب من مبادرة السلام العربية، والتي تشكل الحد الأدني المطلوب الحفاظ عليه.
إن التأكيد على احترام خيارة شعب فلسطين سيكسر الطريق وينفي المبررات لدى حكومات اسرائيل المتعاقبة. فلا سلام ولا تطبيع إلا بحل قضية فلسطين بما يقبل به أهل فلسطين.
وظلت القدس وستظل ساكنة في قلب العروبة مهما حصل..
هناك ما هو واسع وممكن في ظل هذا الضيق من علاقاتنا العربية البينية، ينبغي فعلا طي صفحات الخلاف، فسلام وكلام وابتسامة من اي عربي لشقيقه بلغته التي يعشقا تكفي للبدء من جديد..كما قال الشاعر:
منَ اليومِ تعارفنا وَنَطْوي ما جَرَى مِنّا
ولا كانَ ولا صارَ ولا قلتمْ ولا قلنا
وَإنْ كانَ وَلا بُدٌّ من العتبِ فبالحسنى
فقد قيلَ لنا عنكم كمَا قيلَ لكُمْ عَنّا
كفى ما كانَ من هجرٍ وقد ذُقتُمْ وَقد ذُقْنَا
وما أحْسَنَ أنْ نَرْ جعَ للوصلِ كما كنا
جميل شعر بهاء الدين زهير..
وأخيرا، حتى نكون عمليين واستراتيجيين، ماذا يمكن ان نفعل لاستعادة دائمة لوحدتنا وتخفيف التوترات الى الحد الأدنى في المستقبل؟
عمليا: دعوة الدول العربية القادرة على احداث المصالحات داخل الاقطار العربية وفيما بينها، للبدء بخطة تنفيذية لرأب الصدع، وصولا لصفاء النفوس. والاتفاق على التعاون في إمار بلادنا.
استراتيجيا، أرى ويرى معي كثيرون من ابناء العروبة، ان تنظيم قمة خاصة للاقتصاد، يجب ان يقرن بقمة ثقافية واخرى تربوية.
فكما ان الاقتصاد هو العامل الأهم في ربط الدول، من باب تحقيق المصالح، وصولا لرفاهية المجتمعات العربية والأفراد، فإن الاهتمام بالجانب الثقافي والفني سيساهم في ضمان انفتاحنا، وحمايتنا من عوامل التطرف والتفكك. يدخل في ذلك بالطبع الإعلام كوسيلة توعية قومية هامة.
كذلك ومن باب أولى، فإن قمة عربية يتم الإعداد لها فيما يتعلق بالتربية والتعليم، ستكون منطلقا لوحدة عربية معنوية نفسية واجتماعية وسياسية ايضا.
ربما يحتاج ذلك ليس لفقرة هنا فقط، بل لندوة عربية او مؤتمرات داخل كل قطر عربي على حدة، ثم جمع التربويين العرب من اجل وضع لبنات جادة للبناء التربوي، بما يضمن البعد العربي القومي الجامع وبعد الخصوصيات القطرية، والبعد الإنساني العالمي.
هذا تفاؤلنا بشعوبنا العربية وترابنا العربي..
وهذا تفاؤلنا الفلسطيني، لأن حرب السلام تحتاج لذلك واكثر.

[email protected]