الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

منظمة الامم المتحدة صاحبة الولاية وعليها الحل

نشر بتاريخ: 29/06/2018 ( آخر تحديث: 29/06/2018 الساعة: 17:46 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

مقياس النجاح والفشل لا ينطبق بأي حال من الاحوال على زيارة صهر ترمب الاخيرة لبعض الدول الشقيقة كون هذه الزيارة من حيث المضمون لا تختلف عن سابقاتها وان كل ما صرح المذكور به كان من اجل الترويج لما اطلق عليه جزافا صفقة القرن اضافة لكون الكذب يغلب على كل تصريحاته وهذه صفة اصيلة في ترمب يشترطها على كل من يعمل معه.
ما يحاول كوشنر تسويقه على انه صفقة القرن الترمبية وكل هذا الزخم المصطنع حولها بفضل تغليفها بالاثارة وبالتشويق الذي عادة ما يبدع الاعلام الصهيوني في صناعته هو مجرد اعادة انتاج للفلسفة الصهيونية القائمة على السيطرة على كل الارض الفلسطينية بين النهر والبحر كقاعدة انطلاق من اجل السيطرة على كل الارض المرسومة على الاغورة الاسرائيلية وهي الواقعة ما بين النيل والفرات والتي ارى انها تسير بخطى بطيئة ولكنها ثابتة.
الترويج الصهيوني لبضائعه المسروقة يتغير ليتناسب مع المرحلة وها هي "صفقة العصر" الان تتناسب مع مرحلة ما بعد الربيع العربي (الفوضى الخلاقة) وهي الثمرة الاولى المسمومة للبذرة التي زرعتها اسرائيل والتي اطلق عليها اسم داعش التي كادت ان تموت في اخر ايام حكم اوباما.
بالتالي فان صفقة العصر هي مجرد مخطط فُرِضَ على ترمب تنفيذه مقابل وصوله للبيت الابيض وهو الحلم الذي كان على استعداد لعمل اي شيء من اجل تحويله الى حقيقة خصوصا وانه جاهل بامتياز في السياسة كما هو كذلك في الديبلوماسية لدرجة انه لا يعرف الحدود السيادية للدولة التي اصبح رئيسا لها وعليه قام كتلميذ نجيب في المدرسة الصهيونية بتنفيذ ما طلب منه بالحرف موكلا في ذلك ثلاثة صهاينة لضمان التنفيذ الذي بدأ في القدس وهو ما لم يفعله اي من سابقيه لعلمهم انه مخالف للقانون الدولي بالرغم من قرار الكونغرس بهذا الخصوص في عام 95 فالكثير من اعضاء الكونغرس لا يعرفون ماذا يعني القانون الدولي ولا الشرعية الدولية كونهم يعتقدون بأنهم اسياد العالم ومن ان طلباتهم اوامر على الرغم من ان معظمهم مجرد حجارة شطرنج يحركها اللوبي الصهيوني هناك. بالتالي فمخطط ترمب الذي هو صهيوني حتى بالحبر الذي كتب فيه هو مجرد سداد دين يدفعه لاسرائيل ثمنا لغبائه السياسي على حساب الفلسطينيين الذين سُرقت وما زالت تسرق حساباتهم وفي كل يوم من قيل كل الذين تامروا على هذا الشعب ومنذ البدايات ولم يبق فعلا في الحساب الفلسطيني غير صموده على ارضه.
بالتالي فان الحديث عن نجاح او فشل صفقة ترمب ليس مضيعة للوقت فقط وانما قد يكون خدمة غير مقصودة للفلسفة الصهيونية التي تبدع كثيرا في حرف بوصلة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي من اجل تحصين ما تسرقه كل يوم من الارض الفلسطينية.
هذه الفلسفه الصهيونيه هي ما يجب علينا كفلسطينيين ونحن اصحاب مصلحه في ذلك ان نبقي الضوء مسلطا عليها وليس "صفقة العصر" التي تم تطبيقها في عام 73 من قبل مهندس الاستيطان شارون الذي اكد على ذلك في رسالته للصحفي تشرشل الثالث من ان مشروعه الاستيطاني الذي بدأه في الاراضي المحتله باقامة المستوطنات اليهوديه بين البلدات والمدن الفلسطينيه يهدف لنسف اي امكانيه حتى بعد 25 سنه ومن اي كان سواء اكان الامم المتحده او حتى اميركا لاقامة دوله فلسطينيه ما بين النهر والبحر.
ومن اجل انجاح هذا المشروع واستدامته في كونه مشترك بين اليمين واليسار الصهيوني قامت اسرائيل باستعداء واعلان حالة حرب على منظمة الامم المتحده وكافة وكالاتها بحجة انحيازها للجانب الفلسطيني علما بان توام الدولتين الذي حملته هذه المنظمه في رحمها لم ينجب للان سوى دوله واحده "اسرائيل" التي تثبت في كل يوم انها ولد عاق بضربها بعرض الحائط كل قرارات هذه المنظمه مبدعة اي اسرائيل في استخدام اسلوب "افضل وسيله للدفاع هي الهجوم".
المشكله الكبرى هي في الاشقاء العرب الذين وقعو في الفخ الصهيوني لحماية عروشهم لانهم دون ادراك منهم بأنهم سيُأكلون لو ان الثور الفلسطيني أُكِل ولا اعتقد ان هناك ضروره لتفسير ذلك فهذه حقيقه ليست بحاجه الى تفسير خوفا من اثارة غرائز العظمه لديهم.
ولكن لا غضاضه في التذكير في ما قاله بن غوريون وهو اول رئيس وزراء لاسرائيل قال:
"لو كنت زعيم عربي لما وقعت على اي اتفاق مع اسرائيل هذا طبيعي نحن اخذنا بلدهم".
اعتقدت في يوم مضى وكنت خاطئا الا انها سذاجة الحالم المتفائل البراغماتي في لحظة المصافحه الشهيره في البيت الابيض في سنة 93 ان ملف العداء والاستعداء بين ابناء العمومه الساميين قد تم طويه بعد ان وقع احفاد بن غوريون اخيرا ليس مع زعيم عربي فحسب بل مع مؤسس الثوره الفلسطينيه المعاصره الراحل الشهيد عرفات ومع ذلك فقد قتلوه بالسم ثمنا لذلك كما واغتالوا ابن جلدتهم رابين الشريك في ما اطلق عليه الشهيد عرفات "سلام الشجعان" ولنفس السبب , وباغتيال هذين الزعيمين تم اغتيال السلام وهذا ما اطلقت عليه عنوانا للكتاب الذي جمعت فيه كل ما نشرته في الصحف اليوميه في البرتغال قبل ايام من انتهاء مهمتي كسفير لدولة فلسطين في ذلك البلد الصديق.
هذا التشاؤم الذي مسح تفائلي يامكانية احلال سلام عن طريق التفاوض المباشر الذي وكما وعد شامير وهو مدير مدرسة الحكام الحاليين في اسرائيل عندما قال بما معناه اننا كنا سنفاوض الفلسطينيين لعشرات السنوات دون ان نعطيهم شىيء . هذه الفلسفه الشاميريه ترسخت بعد اغتيال رابين بل واصبحت نهج التفاوض الصهيوني مع الفلسطينيين ولم ولن تتبدل لعشرات السنين القادمه كون السلام يتناقض مع الحلم التي قامت من اجل تحقيقه الحركه الصهيونيه التي وظفت وما تزال كل امكانياتها لتحقيقه دوله واحده ما بين النهر والبحر كقاعده انطلاق من اجل السيطره على ارض اسرائيل الكبرى ما بين النيل والفرات وبسخاء اوغباء عربي فهما عند العربان سيان.
الصراع الاسرائيلي الفلسطيني لا محاله مختلف عن باقي الصراعات المعروفه وبالتالي لا ينطبق عليه سوى المثل اليوناني "العقده التي لا تستطيع فكها اقطعها".
مشكلة او ماساة الشعب الفلسطيني وهي الاعقد من بين كل مشاكل العالم وقد بدأت في منظمة الامم المتحده عام 1947 بقرار التقسيم رقم 181 الذي كان لسوء تطبيقه الفضل في قيام كيان مهدد للسلم والامن العالميين.
منظمة الامم المتحده بالرغم من العجز المفروض عليها وليس ترمب هي الممثل الشرعي والوحيد للقانون الدولي والشرعيه الدوليه كما وانها صاحبة الولايه في حفظ الامن والسلم في العالم وباتالي فهي المنوط بها حماية ميثاقها بتطبيق قراراتها ذات الصله بخصوص الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وعليها ان تستخدم من اجل ذلك ليس الفصل السابع فقط وانما كل فصول ميثاقها ان لزم الامر ذلك ان هي فعلا منظمه تحترم نفسها وتطبق ما قامت من اجله وفي حالتنا اصبح لزاما على المنظمه الامميه شاءت ام ابت قطع العقده الاسرائيليه الفلسطينيه.
ولكن هل تستطيع منظمة الامم المتحده مساعدة من لا يريدون مساعدة انفسهم كما في حالتنا نحن الفلسطينيين حيث اصبحنا نبدع في تحوير مبادرات انهاء الانقسام وتحويلها الى وسائل من اجل تعزيزه.