الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

أبعد من ... الخان الأحمر

نشر بتاريخ: 10/07/2018 ( آخر تحديث: 10/07/2018 الساعة: 13:47 )

الكاتب: عماد توفيق عفانة

لطالما أجل العدو الصهيوني موضوع ترسيم الحدود في مفاوضاته مع الفلسطينيين، تماما كتأجيله وضع القدس واللاجئين.
ولكن وطالما أن العدو الصهيوني حسم أمر مدينة القدس بمساعدة إدارة ترامب الأكثر صهيونية من "اسرائيل" ذاتها، واعترف ترامب بها كعاصمة لكيان العدو، ودشن هذا الاعتراف بنقل سفاراته اليها في مراسم فلكلورية مسرحية باردة الهبت مشاعر الحنق والغضب في طول وعرض الشارع العربي والإسلامي وسط صمت مستنكر من جل الحكومات والأنظمة.
فلم تبق سوى قضيتي اللاجئين والحدود، أما بخصوص قضية اللاجئين فقد وجهت إدارة ترامب ضربة قاصمة لها من خلال وقف تمويل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وسط دعوات صريحة إلى إنهاء هذه الوكالة الدولية، علما أنها الشاهد الدولي الأهم على قضية اللاجئين، وتصفية الأونروا يعني تصفية قضية اللاجئين.
وعمليا بدأت كالة الغوث تعاني أزمة مالية حادة بدأت على أثرها حملة تقليص خدمات موسعة ستطال الأنشطة والموظفين في مناطق عملها الخمس على حد سواء، ما يهدد فعلياً بإنهائها بقرار من إدارة ترامب وبتخطيط من كيان العدو.
أما في ملف الحدود فقد توالت القرارات والإجراءات بدءا من اعطاء إدارة ترامب الضوء الأخضر لتوسيع الاستيطان وتسمين الكتل الاستيطانية، مرورا بضم مناطق استيطانية إلى حدود كيان العدو وبشكل خاص تجمع "معاليه أدوميم" الاستيطاني.
وهنا يأتي موضوع الخان الأحمر كخط رئيس وشبه وحيد يصل الضفة الغربية بالضفة الشرقية لنهر الاردن، وكي نقول ان صفعة العصر ليست وليدة إدارة ترامب ولا من بنات أفكاره، بل كان يعد لها منذ الاعداد لاتفاق أوسلو مع ياسر عرفات.
بدليل ان سلطة عرفات وافقت سنة 1994 على تدشين طريق بديل عن طريق الخان الأحمر، يمر عبر وادي النار والتخلي عن طريق بيت صفافا ما شكل بداية نهاية التواصل الجغرافي في الضفة، فما تتباكى عليه السلطة اليوم وافقت عليه بصمتها قبل 24 سنة.
فحين كانت السلطة منشغلة بالمفاوضات نجح شارون في تمرير الطريق العنصرية البديلة فأصبح هناك مناطق لليهود ومناطق للعرب.
إذاً الخان الأحمر يقع في صلب صفعة العصر من أجل خلق أمر واقع يخدم رؤية الاحتلال لقضية الحدود التي رسمها المقبور شارون عندما قام بمصادرة أراضي الضفة وشق طريق عريض وكبير من القدس الى نهر الاردن وأطلق عليه طريق القدس بغداد، تحضيراً لسلام مع الدول العربية ويكون هذا الطريق هو الذي يوصل القدس بعمان وبعواصم الخليج وحتى بغداد.
وعليه تصبح معركة الخان الأحمر معركة فلسطينية ليس على قطعة من الأرض، ولكن معركة على إعادة ترسيم حدود جديدة خارج إطار سايكس بيكو.
معركة على تفريط عربي بالقدس كعاصمة موحدة للدولة الفلسطينية، وكمسجد تشد إليه رحال المسلمين إلى جانب مكة والمدينة المنورة.
معركة على تذويب آخر شاهد على القضية الفلسطينية ونكبة الشعب الفلسطيني، وكالة الأونروا، والاستفراد باللاجئين بعد حملة تجويع وافقار جبانة وحقيرة من الأنظمة العربية ومن سلطة عباس على حد سواء.
معركة على تفتيت القضية الفلسطينية إلى ملفات وجزئيات يسهل الاستفراد بها وتفكيكها ثم تذويبها وابتلاعها.
لذلك الكل الفلسطيني مطالب اليوم بالحفاظ على كينونة القضية الفلسطينية، كقضية شعب له الحق بالعودة إلى أرضه ودياره التي هجر منها، شعب لا يعترف بقرارات وحدود مصطنعة قد تحول بينه وبين حقه الذي كفلته له الشرائع السماوية والقوانين والقرارات الدولية على حد سواء.
لا يجب أن نسقط أبدا في دهاليز وتيه القضايا الجزئية والملفات التفصيلية لقضية هي واحدة من اهم قضايا الأمة، وقلت وما زلت أقول أن أصحاب البساطير الثقيلة هم من يصنع الوقائع على الأرض، ولتقول السواعد المتوضئة كلمتها.