الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

ما وراء المونديال..

نشر بتاريخ: 15/07/2018 ( آخر تحديث: 15/07/2018 الساعة: 13:07 )

الكاتب: رامي مهداوي

شعوب العالم بإختلافاتهم العرقية والإثنية والآيديولوجيات الفكرية تابعوا بطولة كأس العالم لكرة القدم المنعقد في روسيا، وأكاد أجزم بأن غالبيتهم العظمى لم تكن تتوقع حدوث الزلازل المؤلمة التي أصابت عواصم البلدان المحصنة كروياً؛ وبهذا الشكل المؤلم!!
بالإضافة الى المتعة الكروية التي يقدمها لنا كأس العالم كمشاهدين؛ يجب علينا النظر الى زوايا أخرى لهذا الكأس قد تكون مفيدة لنا على صعيد السياسية، التنمية، الإقتصاد، التربية، الثقافة وأيضاً على صعيد الحب، الإنتماء، الحزن، الفرح، الهوية، العصبية والقبلية. دروس وعبر رأيتها من خلال هذا المونديال أضعها هنا في محاولة للتفكير بها بلياقة كروية:
عدد من المنتخبات المشاركة كانت تعتمد على وجود نجم كروي في فريقها، وكان لدى الدولة ومشجعين المنتخب وحتى الفريق ذاته شعور بأن وجود هذا النجم الكروي الساطع في العالم هو ما سيجعلهم يتقدمون بشكل سريع لإختطاف الكأس، وفشلت جميع التقديرات والتكهنات وتم إتهام هذا النجم بأنه فاشل وغير ناضج بعد، ولم يعد أحد يذكر بأن الفريق ليس مجرد لاعب!! واللاعب لوحده لا يحقق إنجاز دون فريق متكامل منسجم بلا أنانية فردية.
المنتخبات التي اعتمدت على لاعبين وصلوا سن التقاعد الكروي فشلوا، المنتخبات التي اعتمدت على لاعبين صغار من حيث العمر والخبرة الكروية أيضاً فشلوا، لكن المنتخبات التي قامت بعملية دمج مدروسة لمواقع متنوعة على أرض الملعب بين أجيال جديدة وقديمة نجحت بتكوين سيمفونية كروية ممتعة، ومن جهة أخرى وضعت رؤيا من خلال بعد نظر كروي على صعيد التنمية الكروية لعقد من الزمن، وهذا كان مقتل المنتخب الإيطالي الذي لم يصل الى موسكو ليشارك في المونديال بسبب الشيخوخة التي أصابته دون أن يتم أخذ الإستعدادات منذ سنوات.
ما أجملها رئيسة كورواتيا "كوليندا غرابار كيتاروفيتش" فهي كانت اللاعب الخفي في جميع المباريات تدعم المنتخب بكل قوة لدرجة بأنها اقتحمت غرفة ملابس الفريق لتقوم بتقبيلهم جميعاً، ومع ظهورها على المدرجات بين المشجعين الكروات أيضاً جعل منها كل ذلك قصة عشق لدى المواطن في العالم العربي ودول العالم الثالثة التي تفتقد لمثل هذا النوع من الحنان الوطني الذي أصبح محرم تحت مبررات إعلان حالة الطوارئ أو الخوف من الأيدي الخفية!!
تعتبر أيسلندا أصغر دولة من حيث عدد السكان تشارك في نهائيات كأس العالم، وحتى أكون صريح لم أكن أعلم أي معلومة عن هذه البلد سوى اسمه، وعند القراءة والبحث تجد معلومات مشوقة وغربية وبالأخص على الصعيد الكروي، مثلاً لم يكن هناك بنية تحتية للملاعب الكروية، حيث تم الإهتمام بهذا الجانب في عام 2000، وأيضاً في عام 2003 لم يكن هناك أي مدرب آيسلندي يحمل رخصة تدريب من الدرجة الأولى، حارس مرمى المنتخب الحالي لم يكن يلعب كرة القدم نهائياً قبل خمس سنوات!! ما أصعب وجه المقارنة اذا ما كانت بين المنتخبات العربية وبين منتخب أيسلندا وخصوصاً اذا ما نظرنا بزاوية الرأس المال البشري!!
أما الدرس والعبرة المستنبطة من منتخبات البرازيل.. الأرجنتين... المانيا ... ولكل منتخب يتغنى بأمجاد أسلافه فأقول: لا يبنى الحاضر على الماضي الذي أصبح ذكرى جميلة لن تعود، لهذا عليكم الخروج من الحاضر المتخبط والتفكير بالمستقبل والتخطيط له وإلاّ سيكون مصيركم كمصير المنتخبات العربية لا ماضي ولا حاضر ولا مستقبل!!