الثلاثاء: 19/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

من إيرلندا إلى الخان الأحمر نهج المقاومة هو الذي ينجح

نشر بتاريخ: 16/07/2018 ( آخر تحديث: 16/07/2018 الساعة: 16:29 )

الكاتب: د.مصطفى البرغوثي

في أسبوع واحد تحقق للشعب الفلسطيني نجاحان بفضل الجمع بين نهجي المقاومة الشعبية والمقاطعة، وكلاهما عنصران أساسيان في الإستراتيجية التي نتبناها بديلا لما فشل من مراهنة على نهج التفاوض، والتعايش مع الإختلال في ميزان القوى.
ففي إيرلندا حققنا إنجازا عالميا غير مسبوق وقابل للتكرار، بإقرار مجلس الشيوخ الإيرلندي لقانون يحرم إستيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، ويعاقب من يقدم على ذلك بالسجن الفعلي لمدة لا تقل عن خمس سنوات.
وأمكن تحقيق ذلك بفضل التعاون بيننا وبين منظمات المجتمع المدني الإيرلندي، وأحزابه المناصرة لقضية فلسطين كحزب الشين فين، والنواب المستقلين وعلى رأسهم السناتور فرانسيس بلاك.
ورغم معارضة الحزب الحاكم في إيرلندا، والضغوط الهائلة التي مارسها نتنياهو شخصيا هو وحكومته، تم إقرار القانون بأغلبية حاسمة بعد معركة إستمرت عامان، وحسمها في نهاية المطاف ما شاهده ممثلو حزب المعارضة الرئيسي فينافول على أرض الواقع من منظومة أبارتهايد عنصري، أثناء زيارتهم الإستقصائية للأراضي المحتلة، و التي قرروا بعدها التصويت لصالح قانون المقاطعة.
وفي نفس الأسبوع حققت المقاومة الشعبية في الخان الأحمر، وبتضافر الجهود الكفاحية والقانونية والسياسية، وصمود الأهالي، صدا، وإن كان مؤقتا حتى الآن، لقرارات الهدم و الترحيل، ولمؤامرة التطهير العرقي الإحتلالية على ذلك التجمع البدوي الباسل .
ووفر ذلك النجاح الوقت لمواصلة تصعيد المقاومة الشعبية ، والضغوط العالمية لحماية الخان الأحمر، وما لا يقل عن ستة وأربعين تجمعا بدويا من مؤامرة التصفية الإسرائيلية الرامية إلى تطويق القدس بالكامل ، وتشريع التطهير العرقي لما لا يقل عن أثنين وستين بالمئة من أراضي الضفة الغربية.
النجاح في إيرلندا والمقاومة في الخان الأحمر يجمعهما فكرواحد، ونهج واحد، وإستراتيجية واحدة، مضمونها أننا لن نغير واقعنا، ولن نصل لحقوقنا ، ما لم نقاوم الإحتلال وإجراءاته، بالأسلوب الشعبي الذي أثبت الحياة نجاحه ، وما لم نغير ميزان القوى بيننا وبين الإحتلال .
وإذا كان هذا النهج يتجلى كذلك، في مسيرات العودة المتواصلة منذ مئة يوم، والمظاهرات الشعبية ضد ما يسمى "بصفقة القرن"، وفي سفن كسر الحصار على غزة التي يستعد اسطولها هذا الأسبوع للإبحارمرة أخرى نحو قطاع غزة المحاصر، فما زلنا بحاجة لتبنيه، كنهج وإستراتيجية على النطاق الوطني الفلسطيني العام في مواجهة مخاطر تجزئة الشعب الفلسطيني، وتصفية القضية الفلسطينية التي تمثلها " صفقة القرن"، وإجراءات حكومة إسرائيل المتتالية من إقتطاع لأموال ضرائبنا، وإجتياح لكل ركن في وطننا، وإعتقالات متصاعدة، و هي اجراءات تهدف الى تكريس واقع" سلطة بلا سلطة" تحت الإحتلال الكامل، وبوظائف أمنية، دون أن تكون قادرة على حماية شعبها من بطش الإحتلال.
لسنوات إعتقد بعض الناس أن التكيف مع إجراءات الإحتلال، وإستبدال الحرية بفتات "تحسن إقتصادي" ، سيكون مجديا ، وكانت النتيجة هي ما نراه من إستيطان مستفحل، ووقاحة إحتلالية، وتكريس لمنظومة أبارتهايد هي الأسوأ في تاريخ البشرية .
من إيرلندا إلى الخان الأحمر... العبرة واضحة، نهج المقاومة هو الذي ينجح.